الاخبارية – رويترز
قال زعيم حزب القوات اللبنانية المسيحية سمير جعجع إن حزب الله وحلفاءه يعملون على تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في 2022 خشية خسارة الانتخابات، محذرا من أن هذه الخطوة ستقود لبنان إلى مزيد من “الموت البطيء”.
كان المانحون الغربيون الذين يعتمد عليهم لبنان في وقف انهياره المالي قد تحدثوا عن ضرورة إجراء الانتخابات. وقال السياسيون من كافة الأطياف، بما في ذلك حزب الله الشيعي، مرارا إنه ينبغي إجراء الانتخابات وإلا تلقت البلاد ضربة جديدة.
لكن جعجع قال في مقابلة مع رويترز إن حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس ميشال عون سيعملان على تأجيل الانتخابات أو تعطيلها “لأنهم شبه متأكدين أنهم سيخسرون الأكثرية النيابية التي بحوزتهم”.
وأضاف من مقر إقامته في بلدة معراب الواقعة بالجبال المطلة على بلدة جونيه الساحلية “الوضع الحالي كما تسير الأمور.. مؤسسات الدولة وبالتالي الدولة إلى تحلل يوما بعد يوم”.
ومضى قائلا “الاستمرار بالوضعية الحالية سيؤدي إلى تحلل الدولة وهذا هو الموت الذي من الممكن أن نصل إليه… من هذا المنطلق فإن الانتخابات ضرورة ملحة جدا وهي عملية استثنائية مطلوبة أكثر من أي وقت آخر”.
وقال إنه دون انتخابات في البرلمان الذي يتمتع فيه حزب الله المدعوم من إيران وحلفاؤه بالأغلبية “سترى المزيد من الشيء نفسه”، في إشارة إلى الانهيار المالي في لبنان الذي تقول الامم المتحدة إن الأزمة جعلت 80 بالمئة من شعبه في حالة فقر.
وأضاف “إذا في عندنا أي أمل بإعادة الأحداث إلى الوراء، بمعنى أن تتخذ الأحداث في لبنان منحى مختلفا عما هي عليه في الوقت الحاضر وأن نبدأ بعملية إنقاذ جديدة، فهي بهذه الانتخابات بالذات، وبالتالي من غير المقبول مهما كان السبب أن تتأجل أو تتعطل هذه الانتخابات”.
ومضى يقول “أهم شيء الآن الانتخابات النيابية لنخرج بأكثرية نيابية مختلفة، ماذا وإلا إذا اللبنانيين لم يتحملوا مسؤوليتهم ورجعنا على الأكثرية النيابية ذاتها، العوض بسلامتك، سيستمر الوضع على ما هو عليه. من بعد الانتخابات النيابية لكل حادث حديث”.
وحزب القوات اللبنانية بزعامة جعجع هو ثاني أكبر حزب مسيحي في البرلمان، وهو بمنأى عن مجلس الوزراء منذ انتفاضة شعبية ضد النخبة الطائفية في 2019.
وجعجع حليف قوي للمملكة العربية السعودية ومعارض صريح لحزب الله المدعوم من إيران. وكان حزب الله قد اتهمه بنصب كمين لمؤيدي حزبه خلال مظاهرة في أكتوبر تشرين الأول في منطقة الطيونة ببيروت حيث شهدت المدينة أسوأ أعمال عنف منذ سنوات مما أسفر عن مقتل سبعة من أنصار حزب الله وحليفته حركة أمل. ونفى جعجع مرارا هذه المزاعم.
وشكل لبنان حكومة تضم معظم الأحزاب السياسية الرئيسية في سبتمبر أيلول بعد شلل سياسي على مدى 13 شهرا، لكنها لم تجتمع منذ ما يقرب من 50 يوما وسط سعي حزب الله وحلفائه لإقالة المحقق العدلي الذي يحقق في الانفجار الذي هز مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس آب 2020.
وتبددت آمال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في حشد المساعدات الإقليمية والدولية بسبب أسوأ أزمة دبلوماسية منذ سنوات بين لبنان والسعودية التي سحبت سفيرها وطردت المبعوث اللبناني وحظرت الواردات من لبنان على خلفية تصريحات لوزير الإعلام لبناني. واتخذت الكويت والبحرين خطوات مماثلة بينما سحبت الإمارات العربية المتحدة جميع دبلوماسييها من بيروت.
كان وزير الإعلام جورج قرداحي، المدعوم من حزب الله، قد انتقد قبل توليه منصبه الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن ووصفها بأنها عدوان خارجي ودافع عن جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.
وتقول السعودية إن الحوثيين مسلحون ومدربون من قبل إيران وحزب الله بينما تقول الجماعة إن مكاسبها على الأرض ليست نتيجة دعم خارجي.
وقال جعجع الذي حافظ على اتصال وثيق مع السفير السعودي في بيروت إن نفوذ حزب الله المتزايد هو السبب الرئيسي وراء الخلاف الذي يضر بالاقتصاد اللبناني.
وأضاف أنه يرى أن السعودية ودول الخليج العربية هي الرئة الاقتصادية للبنان، مؤكدا أن علاقة حزبه بالسعودية علاقة “سياسية” لا تنطوي على أي دعم مالي.
وتخوض المملكة العربية السعودية وإيران عدة صراعات بالوكالة في المنطقة، وقد أطلقتا محادثات مباشرة هذا العام وصفتها الرياض بأنها ودية ولكنها قالت إنها لا تزال في المرحلة الاستكشافية.
خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1990 كان حزب القوات اللبنانية بزعامة جعجع جماعة يمينية تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي بما في ذلك شرق بيروت.
وفي أعقاب اشتباكات الطيونة في أكتوبر تشرين الأول اتهم زعيم حزب الله حسن نصر الله حزب القوات اللبنانية بالسعي لإشعال فتيل صراع طائفي محذرا من أن حزب الله لديه مئة ألف مقاتل تحت أمرته.
وأكد جعجع أن أنصار حزبه إلى جانب آخرين كانوا طرفا في الاشتباكات لكنه نفى أن تكون هذه الخطوة قد تم التدبير لها وألقى باللائمة على حزب الله لدخوله حي عين الرمانة الذي تقطنه غالبية مسيحية في بيروت.
وأودت اشتباكات الطيونة بحياة سبعة قتلى من جماعة حزب الله وحركة أمل الشيعيتين.
ونفى جعجع مزاعم خصومه السياسيين بأن القوات اللبنانية المسلحة لديها 15 ألف مقاتل قائلا إن الحزب يضم 35 ألف عضو بعضهم عنده أسلحة فردية وربما كان أكثر من عشرة آلاف منهم، “كلهم من الجيل القديم”، قد تلقوا تدريبات عسكرية.
وأضاف أنه في حال إجراء الانتخابات فإن حزبه سيكون أول من يربح بينما سيخسر التيار الوطني الحر، وهو حليف رئيسي لحزب الله.
وقال إن الانتخابات “بالدرجة الأولى ستكون لصالح القوات اللبنانية وبالدرجة الثانية ستكون لصالح مستقلين عندهم نفس السياسة. وبالتالي على الجهتين نحن رابحين”، مضيفا أن الانتخابات “ستكون لصالح من لديه مشروع سياسي آخر”.
ومضى قائلا “أشك أن يخسر حزب الله كثيرا في بيئته ولكن خسارته ستكون بالبيئات الأخرى”.
ولم يستبعد جعجع تحالفات مماثلة لانتخابات 2018 التي خاضها مع تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة الدرزي وليد جنبلاط.
وقال جعجع إن حزب القوات اللبنانية لا يسعى إلى مواجهة مسلحة مع حزب الله ولا يخشى اندلاع عنف طائفي، نظرا لدور الجيش اللبناني في الحفاظ على السلم الأهلي.
وأضاف “أثبتت السنوات الماضية… أن السياسة الحالية المعتمدة للجيش هي سياسة واضحة جدا… لا يسمح أن تعتدي فئات لبنانية على فئات أخرى، ولهذا في عين الرمانة أول أن بدأ الاشتباك رأينا كيف تدخل الجيش وهدأ الوضع وإلا لكانت الأمور راحت إلى ما لا يحمد عقباه”.
قال “أنت عندك جيش وطني، مؤسسة رسمية تتحمل مسؤولية… هناك جيش يقوم بواجباته وبالتالي لسنا قلقين من الناحية الأمنية”.
ومع ذلك قال إنه عمل على الحد من حركته ولم يغادر منزله الجبلي في معراب بسبب التهديدات الأمنية.
وقال “للأسف أنت لا تشتغل سياسة في لبنان ومقابلك خصم سياسي.. مقابلك خصم ممكن أن يستعمل أي وسيلة في أي وقت، لذا فأنت يجب أن تستعمل السياسة وفي نفس الوقت أن تتخذ احتياطاتك”.