تثير السياسات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة المصرية الكثير من الجدل حول مدى مناسبتها للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحالية في مصر ، والعائد المتوقع منها وتأثيراتها على حياة غالبية المصريين وعلى مستقبل الاقتصاد الوطني
ويكتسب الخطاب الصحفي الذي يتناول السياسات الاقتصادية وتقييمها أهمية متزايدة نظرا لأنه يتناول قضايا ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة غالبية المصريين وتتلخص مشكلة الدراسة في تحليل الخطاب الصحفي للسياسات الاقتصادية في مصر وتقييم هذا الخطاب لها أهداف البحث
1- تحديد القضايا الاقتصادية الأساسية التي تناولها الخطاب الصحفي في صحف الدراسة ودلالاتها
2-تحليل الخطاب الصحفي الذى تناول السياسات الاقتصادية في مصر خلال عام 2008 ، بالتطبيق على جريدة ” العالم اليوم ” ومجلة ” الأهرام الاقتصادي ” ، وتقييمه لهذه السياسات
3-التعرف على اتجاهات القائم بالاتصال في مجال الصحافة الاقتصادية نحو مستقبل السياسات الاقتصادية المصرية ، من خلال الخطاب الصحفي
4-الكشف عن أبرز التوجهات المستقبلية للسياسات الاقتصادية في مصر كما تظهر في الخطاب الصحفي
تساؤلات الدراسة
1- ما الأطر العامة التي تم في إطارها تناول السياسات الاقتصادية فيمصر في الخطاب الصحفي ؟
2- ما أنواع الخطاب التي تم تبنيها من قبل صحيفة ” العالم اليوم ” و ” الأهرام الاقتصادي ” في تقييم السياسات الاقتصادية في مصر ؟
3-ما القضايا الرئيسية التي تناولها الخطاب الصحفي في تقييم السياسات الاقتصادية في مصر وما دلالاتها ؟
4- ما القنوات الصحفية التي استخدمها الخطاب الصحفي في تقييم السياسات الاقتصادية في مصر وما دلالاتها ؟
5-ما الأساليب الإقناعية التي استخدمها الخطاب الصحفي في تقييم السياسات الاقتصادية في مصر وما دلالاتها ؟
6-ما الأطروحات الأساسية التي تم تناولها في الخطاب الصحفي ؟
7- ما مسارات البرهنة و التي تم الاستناد إليها في أطروحات الخطاب الصحفي؟
8- ما الأطر المرجعية التي رجع إليها الخطاب الصحفي ؟
9- ما القوى الفاعلة في الخطاب الصحفي وما أدوارها وما سماتها ؟
10- ما التوجهات المستقبلية للسياسات الاقتصادية في مصر كما تظهر في الخطاب الصحفي ؟
الإطار المنهجي للدراسة
تنتمى هذه الدراسة إلى الدراسات الوصفية / التحليلية حيث ترصد وتصف وتحلل السياسات الاقتصادية في مصر من خلال تحليل الخطاب الصحفي في جريدة ” العالم اليوم ” اليومية الاقتصادية ومجلة ” الأهرام الاقتصادي ” الأسبوعية خلال عام 2008
كما تعتمد الدراسة على منهج المسح الإعلامي من خلال مسح الأطروحات المعبرة عن توجهات صحف الدراسة ومسارات البرهنة السائد في خطابها الصحفي
الإطار الإجرائي
تمثل مجتمع الدراسة في اختيار جريدة ” العالم اليوم ” اليومية الاقتصادية الخاصة ، ومجلة
” الأهرام الاقتصادي ” الأسبوعية المتخصصة القومية ، باعتبارهما متخصصتين في الشئون الاقتصادية ، بالإضافة إلى كونهما قد أعطيا اهتماما واضحا بالسياسات الاقتصادية في مصر والقضايا المرتبطة بها ، وتناولها من خلال العديد من الموضوعات الصحفية والفنون التحريرية المتنوعة
ويرجع اختيار عام 2008 إطارا زمنيا للدراسة إلى أنه شهد أحداثا اقتصادية متميزة حيث وصلت أسعار السلع والخدمات إلى ذروة ارتفاعها في أغسطس ، ثم بدأت تشهد انخفاضا متواليا خلال الشهور الأربع الأخيرة من العام ، كما قامت الحكومة المصرية باتخاذ إجراءات وتدابير اقتصادية جديدة للحد من آثار الأزمة الاقتصادية
وتم الاعتماد على تحليل الخطاب كأداة علمية لجمع المعلومات وتحليل النصوص الصحفية التي احتوت على السياسات الاقتصادية في مصر ورصد مسارات البرهنة والأطر المرجعية والفاعلين في الخطاب وسماتهم ، وتم الاعتماد على أسلوب الحصر الشامل خلال فترة الدراسة ، اعتمادا على كل من التحليل الكمي والكيفي
خلاصـة النتائج
1) تصدر ” إطار المسئولية ” الأطر الإعلامية في كل من جريدة ” العالم اليوم ” ومجلة ” الأهرام الاقتصادي ” ، الأمر الذى يعكس تركيزهما على مسئولية الدولة تجاه السياسات الاقتصادية وتأثيراتها 2) ساد الخطاب التفسيري كل من ” العالم اليوم ” و ” الأهرام الاقتصادي ” ،
2) بما يعكس اهتمامهما بشرح السياسات الاقتصادية وتفسيرها أكثر من الاهتمام بنقدها وتقييمها وخصصت ” الأهرام الاقتصادي ” جزءاً من خطابها لتبرير السياسات الحكومية ( 9.38% ) بينما غاب ” الخطاب التبريري ” عن جريدة ” العالم اليوم ” الأمر الذى يعكس تأثير نمط الملكية على أنواع الخطاب الصحفي
3) جاءت القضايا التي تناولها الخطاب الصحفي في مجلة ” الأهرام الاقتصادي ” أكثر تنوعاً من القضايا التي تناولها الخطاب في جريدة ” العالم اليوم ” الذى عنى أكثر بالتركيز على القضايا التي يتضح فيها دور الدولة بينما اهتم خطاب ” الأهرام الاقتصادي ” بالتركيز على القضايا وثيقة الصلة بالمستهلكين
4) غابت قضايا مهمة عن جريدة ” العالم اليوم ” وهى العدالة الاجتماعية ، الفقر ، التحديات الاقتصادية ، الاقتصاد غير الرسمي ، بينما شكلت هذه القضايا معاً في مجلة ” الأهرام الاقتصادي “نسبة ( 31.25% )
5) تصدر ” التحقيق الصحفي” الفنون الصحفية المستخدمة في جريدة ” العالم اليوم ” وغاب فن الحوار الصحفي عنها ، بينما تصدر ” المقال الصحفي ” الفنون الصحفية المستخدمة في
” الأهرام الاقتصادي ” ونجحت في توظيف فن ” الحوار الصحفي ” جيداً لتقديم انتقادات واسعة للحكومة على لسان مصادر موثوق فيها من بينهم رئيس وزراء سابق ووزير اقتصاد سابق وخبير في الموارد البشرية
6) جاء ” عرض الدراسات والتقارير ” في مقدمة الأساليب الإقناعية التي استخدمتها
” الأهرام الاقتصادي ” بينما غابت تماماً عن ” العالم اليوم ” التي اهتمت أكثر باستخدام
” التكرار المتنوع ” والتوازن في عرض الآراء ، وتوظيف الإحصائيات الرسمية كأساليب إقناعية في خطابها الصحفي
شهدت بداية القرن الواحد والعشرين العديد من الأزمات الاقتصادية الحادة التي أثرت بشكل ملموس على الأنظمة الاقتصادية الدولية ، وكان لتطور وسائل الإعلام والاتصال دورا التأثير على معالجة تلك الأزمات من حيث إتاحة المعلومات ً محوريا والبيانات ومتابعة القرارات وشرح الفرص والتحديات التي تحيط به سواء على مستوى الدول التي واجهت تلك الأزمات أو على المستوى العالمي .
ولم تكن مصر بمنأى عن تلك التطورات ، سواء بتأثرها بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة ، أو بمواجهتها للعديد من التحديات الاقتصادية الداخلية خاصة منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 حتى الآن. وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي في مجال الاتصال وتعدد قنواته ،
إلا أن البيانات الاحصائية العالمية الحديثة تشير إلى احتفاظ التليفزيون بمكانة متقدمة في سباق الوسائل الإعلامية على مستوى الشرق الأوسط الذى يحتل المرتبة الثانية بعد أمريكا ،
وهو ما يثير أربع ساعات ونصف يوميا 2010 Media fax( F1 ً الشمالية في متوسط تعرض الفرد العادي للتليفزيون بواقع (حول طبيعة الدور الذى يلعبه التليفزيون العربي وعلى الأخص المصري في معالجة الأزمات الاقتصادية . وبنشأة رئيسا تساؤلا وتطور الإنترنت زادت قدرة التليفزيون على متابعة الأخبار الاقتصادية التي تتعلق بأحوال البورصة والتجارة والاستثمار ،
الأمر الذى أثر على احتلال المحتوى الاقتصادي مكانة هامة ومؤثرة في كل من أجندة وسائل الإعلام والجمهور ( ,Carroll F (2 2010 2 . وفى ظل الأحوال العادية يتعين على المؤسسات الاقتصادية ومراكز التحليل والرصد التعاون مع وسائل الإعلام توفير محتوى معلوماتي حديث لكى يتم نقله للجمهور ، وعندما تتبع المؤسسات الاقتصادية والحكومية المختلفة سياسات الباب المغلق وعدم
الشفافية في السماح لوسائل الإعلام بالحصول على المعلومات والبيانات اللازمة المتعلقة بالأزمة الاقتصادية ، تضطر تلك الوسائل للجوء لمصادر بديلة للقضاء على الفجوة ومقابلة الحاجة المتلاحقة لتزويد الخريطة الإعلامية بالمواد المطلوبة. أما في الأزمات الاقتصادية تزداد حاجة الإعلام للمعلومات ، ويتعين على المؤسسات الإعلامية القيام بأدوار وظيفية جديدة تتمثل في . الاستجابة بدقة وسرعة وشفافية لاستفسارات الجماهير وحاجتها للبيانات في إطار متسق وفعال (2007, Coombs (F3 ولأن عصرنا بات مفعما بالأزمات بشتى صورها ومستوياتها،
يظهر الإعلام ليكون أحد الأدوات والآليات التي لابد وأن تتضافر مع غيرها من الجهود من أجل مجابهة تلك الأزمات وتقليل تداعياتها السلبية . وتختلف أبعاد الدور الذى يعول على وسائل الإعلام القيام به في ظل الأزمات باختلاف المناخ السياسي ومساحة الديمقراطية والمشاركة ، ففي الدول التي تتمتع بقدر إلى جنب مع المؤسسات الاقتصادية في استكشاف الأسباب وطرح كبير من مساحات الحرية والتعبير يتشارك الجمهور جنبا الحلول وتبنى وجهات النظر المختلفة بشأن سيناريوهات المستقبل والانحياز للمواطن في حالة تعارض المصالح مع القوى السياسية ،
بخلاف الدول التي قد لا يتمتع فيها الأفراد بمستوى حرية مناسب ، فتقوم وسائل الإعلام بدور أحادي الاتجاه في نقل سياسات الحكومة والإجراءات التي فرضتها في ضوء التعامل مع الأزمة للجمهور دون انتظار ردود الفعل أو حتى السماح بمناقشة الآليات .