مقالة علمية
يحتفل العالم سنويا في الثاني من فبراير باليوم العالمي للأراضي الرطبة، ويهدف إلى زيادة الوعي العالمي بالدور الحيوي للأراضي الرطبة بالنسبة للناس والطبيعة والثقافة. ويذكرنا موضوع هذا العام “حماية الأراضي الرطبة من أجل مستقبلنا المشترك” بالفوائد التي توفرها الأراضي الرطبة للتنوع البيولوجي ورفاهية الإنسان.
تعتبر الأراضي الرطبة من بين أكثر النظم البيئية إنتاجية في العالم وهي ضرورية للحفاظ على الحياة البرية. تساعدنا الأراضي الرطبة على التعامل مع آثار تغير المناخ وتأمين موارد المياه العذبة الحيوية. كما شكلت الأراضي الرطبة الثقافات البشرية على مر القرون، وألهمت إبداعنا. نحن بحاجة إلى الأراضي الرطبة الصحية لمستقبلنا ورفاهتنا.
تتمتع الأراضي الرطبة بالحماية بموجب العديد من أدوات الحفاظ، ومع ذلك فهي من بين النظم البيئية الأكثر تصنيفًا على هذا الكوكب. تدعم اليونسكو عمل اتفاقية رامسار بشأن الحفاظ على الأراضي الرطبة والاستخدام الحكيم لها. تم الاعتراف بالعديد من الأراضي الرطبة ليس فقط كمواقع رامسار ولكن أيضًا كممتلكات للتراث العالمي لليونسكو ومحميات المحيط الحيوي. يمكن أن تدعم التسميات الدولية حماية الأراضي الرطبة وتحسين الوصول إلى الموارد التي غالبًا ما تكون ضرورية للغاية لتأمين قيمتها.
وفى مصر اكثر من 30 ارض رطبة فى مصر ذات أهمية عالمية يأتي اليها الطيور المهاجرة في خريف كل عام.. كذلك مصر لديها عدد 4 مواقع معلنة كمناطق أراضي رطبة (رامسار) عالمية وهي: بحيرات البردويل، والبرلس، وقارون، والريان، بالإضافة إلى احتواءها على العديد من الأراضي الرطبة الهامة منها على سبيل المثال: نهر النيل، وبحيرة ناصر، والمناطق الساحلية، والسبخات والملاحات، والبحيرات الشمالية، والتي تم إعلان أجزاء منها كمحميات طبيعية مثل: محميات أشتوم الجميل، وجزر نهر النيل. وتلك الأراضي الرطبة تعتبركمصدر للمياه العذبة في مصر وتشجيع الإجراءات الرامية لاستعادتها ووقف فقدانها ضرورى، مما يساهم فى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تخزين وتنقية المياه، وتوفير الغذاء، وتوفير المأوى لـ 40 في المائة من أنواع الكائنات الموجودة على كوكب الأرض، والحماية من الفيضانات والعواصف، وتخزين الكربون الموجود في الغابات. ومن خلال الحفاظ على تلك الأراضي الرطبة في مصر، يستفيد السكان الأصليون والسكان المحليون من تعزيز الأمن الغذائي، بما في ذلك الوصول إلى الأسماك والحياة البرية.
وفى مصر
بحيرة المنزلة.. واحة الطيور المهاجرة في مصرحيث تعد البحيرة بما تشملة من محمية أشتوم الجميل، واحدة من بين أكثر من 30 محمية طبيعية، تغطي نحو 15% من مساحة مصر، وتتنوع ما بين محميات جيولوجية وبحرية، وأخرى صحراوية، فضلاً عن مناطق مخصصة للتراث العالمي، وتتميز كثير من تلك المحميات بما توفره من ملاذات آمنة للطيور المائية والصحراوية والشاطئية، إلى جانب الطيور المغردة، والتي يصل تنوعها إلى نحو 500 نوع، من بينها 150 نوعاً مقيماً، إضافة إلى 350 نوعاً مهاجراً.
وتتمتع محافظة الفيوم بمحميتين طبيعيتين من أهم المحميات الطبيعية في العالم، وهما محمية وادي الريان الطبيعية ومحمية قارون الطبيعية، والمحميتان من أهم ما يميزهما الطيور المهاجرة التي تزين سماءهما، حيث إن محمية قارون وفقا للأبحاث يتردد عليها 214 نوعا من الطيور معظمها من الطيور المهاجرة.
وترجع الأهمية البيئية للأراضي الرطبة إلى كونها مناطق انتقالية بين الأنظمة البيئية الأرضية والمائية والتي تؤدى العديد من الوظائف لخدمة البشرية مثل تنقية المياه وإنتاجيتها العالية للغذاء مثل الأسماك وبعض الأنواع البحرية فضلاً عن اعتبار النظم البيئية للأراضي الرطبة أحد أهم البالوعات الطبيعية وخزانات ثاني أكسيد الكربون وبالتالي لها دور كبير في التخفيف من آثار التغيرات المناخية حيث أنها تمتص ثاني أكسيد الكربون، ومن ثم تساعد على إبطاء الاحتباس الحراري وتقليل التلوث.
المخاطر التي تتهدد الأراضي الرطبة
الأراضي الرطبة من بين النظُم الإيكولوجية التي تتعرض لأعلى معدلات الانحسار والفقدان والتدهور، ومن المتوقع تواصل تردي مؤشراتِ الاتجاهات السلبية الراهنة في التنوع البيولوجي العالمي ووظائف النظم الإيكولوجية بفعل مسبِّبات مباشرة وغير مباشرة من مثل النمو السكاني البشري السريع والإنتاج والاستهلاك غير المستدامين وما يرتبط بذلك من تطور تكنولوجي، إضافة إلى الآثار السلبية لتغيّر المناخ. ووتُفقد الأراضي الرطبة بمعدل أسرع بثلاث مرات من الغابات، فضلا عن أنها من أكثر النظم البيئية المعرضة للخطر على الأرض. ففي غضون 50 عامًا فقط — منذ عام 1970 — فُقدت 35 في المئة من الأراضي الرطبة في العالم. ومن الأنشطة البشرية التي تؤدي إلى فقدان الأراضي الرطبة الصرف والحفر للزراعة والبناء والتلوث والصيد الجائر والاستغلال المفرط للموارد وتغير المناخ.
ومن أهم التحديات التي تواجة الأراضى الرطبة في مصر ؛ فبالرغم الأهمية الكبيرة لهذه الأراضي الرطبة في مصر إلا أنها تواجه تهديدات متعددة تشمل التلوث والتدهور البيئي وفقدان الموائل الطبيعية. ومن أجل الحفاظ على هذه الثروة الطبيعية، يجب على المجتمع الدولي والمجتمعات المحلية تعزيز جهود الحماية والاستدامة.
بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-سفير النوايا الحسنة- مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس أستاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس ورئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان – مؤسس المحميات الطبيعية في مصر-عضو اللجنة العلمية والإدارية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- المستشار العلمى لحديقة الحيوان بالجيزة-الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم.