فجعنا جميعا صباح اليوم الأربعاء ١١ مايو ٢٠٢٢م بنبأ استشهاد الصحفية والإعلامية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة فى فلسطين الحبيبة ، وهى تؤدى عملها المقدس فى تغطية جرائم يندى لها جبين البشرية ، جرائم متكررة بصورة تكاد تكون شبه يومية فى الأرض المحتلة يرتكبها احتلال بغيض يجثم على صدور أهلنا فى أرض الرباط منذ زمن طويل ، لا يتورع عن ارتكاب جرائم لم يشهد لها التاريخ مثيلا من قبل ، وليس هنا مجال ذكرها ، حيث عايشت الكثير منها بنفسى .
وقد أدمى الخبر الذى نزل على الجميع كالصاعقة ، قلوبنا جميعا ، من يعرف شيرين ، ومن لم يعرفها .
رحمة الله تغشاها ، والله يصبرنا جميعا ويصبر أهلها وذويها ومحبيها فى كل مكان ، وصادق العزاء والمواساة إلى كافة مكونات شعبنا الفلسطينى المرابط فى الداخل وفى المناطق المحتلة وفى الشتات .
عرفت شيرين إبان عملى سفيرا لمصر المحروسة لدى السلطة الفلسطينية مقيما فى رام الله فى الفترة من ٢٠٠٧ حتى ٢٠٠٩م ، بعد انتقال البعثة من غزة ، وجمعتنا لقاءات كثيرة مع بعض الأخوة والأخوات الإعلاميين للحديث عن الوضع فى الأرض المحتلة وممارسات الاحتلال التى لا يمكن وصفها من بشاعتها ، وقد وجدت فيها مناضلة من طراز رفيع ، مكافحة ، تعمل فى أصعب وأقسى الظروف دون خوف أو وجل ، لإظهار الحقيقة ، وليس سوى الحقيقة فقط .
ولدت شيرين في ٣ يناير ١٩٧١م في القدس لأسرة مسيحية يعود أصلها إلى مدينة بيت لحم ، وتخرجت فى مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا في القدس . درست في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن ، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة والإعلام ، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك الأردنية عام ١٩٩١م .
عادت بعد التخرج إلى فلسطين وعملت في عدة مواقع مثل : وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ” الأونروا ” ، وإذاعة صوت فلسطين ، وقناة عمان الفضائية ، ثم مؤسسة مفتاح ، وإذاعة مونت كارلو . وانتقلت بعد ذلك ، فى عام ١٩٩٧م ، للعمل مع قناة الجزيرة الفضائية ، و قامت بتغطية أحداث الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كافة حتى استشهادها برصاص جيش الاحتلال فجر اليوم .
غطت شيرين أحداث الانتفاضة الفلسطينية عام ٢٠٠٠م ، والاجتياح الإسرائيلي لمخيمى جنين وطولكرم عام ٢٠٠٢م ، والغارات والعمليات العسكرية الإسرائيلية المختلفة التي تعرض لها قطاع غزة . وكانت أول صحفية عربية يسمح لها بالدخول إلى سجن عسقلان في عام ٢٠٠٥ م ، حيث أجرت مقابلات مع الأسرى الفلسطينيين الذين صدرت ضدهم أحكام طويلة بالسجن .
ولا أجد أبلغ من أبيات الشاعر السعودى مهذل الصقور لرثائها ، وهى الأبيات التى غناها ضد تنظيم داعش المنشد تقي الحسيناوي من أهالي النجف بالعراق الشقيق ، وفيها يقول :
أتظن أنك عندمـــا أحـــرقتنــي
ورقصت كالشيطان فوق رفاتى
وتركتنـــي للذاريــات تـذرنــى
كحلاً لعين الشمس في الفلـوات
أتظـن أنك قـد طــمست هويتي !!!
ومحــــوت تاريخي ومعتقـــداتى
عبثا تحاول …. لا فنـــاء لثائر
أنــــا كالقيامـــة ذات يـــــوم آت
أنا مثـل عيـسى عــائد وبقــــوة
مــن كـــل عاصـــفة ألـم شتـاتى
سأعــود أقدم عاشــــق متمــرد
سأعـود أعظـم أعظم الثــــورات
سأعود بالتوراة والإنجيـل والــ
قـــرآن والتسـبــيح والصـــلوات
سأعــود بالأديـان ديــناً واحـــداً
خــــــال مـــن الأحقـاد والنعرات
رجل من الأخدود ما من عودتي
بـد … أنا كل الزمــــــان الآت .
اللهم اسبغ علينا الصبر ووحد قلوبنا جميعا على طاعتك ، حتى نكون ربانيين نقول للشيء كن فيكون ، فإنه لا يعجزك شيء فى الأرض ولا فى السماء ، يا بديع الكون يا ربنا يا حى يا قيوم . آمين .