بقلم د/ خالد صديق أمرالله
مما لا شك فيه إن الثقافة العامة لأي مجتمع تنبني على العديد من المحاور والتي تعد المحاور الرئيسية لبناء أي جيل قادر على مواجهة التحديات المعاصرة علاوة علي خلق نوع من التكافؤ في الفرص والواجبات لشتي عناصر المنظومة مما يخلق نوع من الرضا والحب الذي ينعكس بدوره على الصالح العام في شتى المجالات ..
وبينما ونحن نتحدث عن العدالة الاجتماعية لا يسعنا وأن نغفل عن الأشخاص ذوي الإعاقة من المشهد العام لما لهم من نسبة مجتمعية لا يستهان بها داخل المجتمع علاوة علي تعددها من حيث النوعية والدرجة إضافة لشموليتها لعنصري المجتمع من الذكور والإناث فالأمر هنا ليس بالهين وأراه غاية في الصعوبة من عدة جوانب صحية أوإقتصادية أو إجتماعية حيث ينتابني مفهوم أخر وهو إنسانية الفكرة في حد ذاتها .
فهل نحن ننظر للإعاقة بمفهوم العطف والشفقة والإحسان أم نحن نعمل العقل والمنطق في نظرتنا الحقيقية على أرض الواقع وفقا ً للوائح والقوانين وما نصت عليه شرائعنا السماوية والتقاليد والأعراف وهذا ما دفعني حقيقة لكتابة هذا المقال حيث تألمت حقيقة عندما نشر في أحد الجروبات التي أتابعها وهي مختصة بحقوق ذوي الإعاقة بحصول فئة ما على حق أصيل لهم وأوكد أصيل وليس مكتسب وكم من فرحة ولذة الإنتصار لديهم . أيعقل هذا ونحن في بيئة ديمقراطية وتحت مظلة قيادة مؤمنة كل الإيمان بقضية الأشخاص ذوي الإعاقة حيث أرجع ذلك لسياسة اليد المرتعشة في كثير من الأحيان وعدم صلاحية متخذ القرار في التوقيت السليم فهل ادرك أن التراخي في إتخاذ القرار أضاع لذة الإنتصار وهل حق المعاق في حياة كريمة هو الأساس في بناء نسيج مجتمعي قوامه العدل والبناء .. ناهيك عن مفهوم النظرة الحقيقية للحياة الكريمة لذوي الإعاقة قد نختلف فيها سويا ً فالمعاق ما هو إلا فرد صالح داخل المجتمع آلت به أرادة الرحمن لما هو عليه فهل نكون نحن أيضا من أحد المعوقات التي تعوقه في أن يمارس الحد الأدني للحياة وحتي أن نظرة الإعلام في ذلك الشأن والتي يصدرها للمشهد العام بأن ذلك المعاق ما هو إلا الفنان أو البطل الرياضي أو المتسول الذي يبحث عن إعانة من خلال الإعلانات الرمضاية بشكل قميىء …
لا وألف لا ..إنه الإنسان العادي مثله مثل غيره يا من تدعون الفضيلة في محافلكم وتملئون آذاننا في منابركم بالعطف والتسامح والشفقة هل تعلمون هول الصدمة عندما يبلغ الأب والأم بإعاقة إبنهم ليس إعتراضاً على قضاء الله وحاشى لله ولكن من كم ما سيعانية من نفقات في العلاج والجلسات والتي ستستمر سنوات وسنوات في إنتظار التحسن ولو بشكل طفيف علاوة على ما قد تعانية تلك الأسرة من تفكك إجتماعي وإنساني نتيجة لإعاقة ولدهم والأمثلة هنا كثيرة ..
وهنا أحب أن أنوه عن الإعاقة الأصيلة التي تصاحب الإنسان منذ الميلاد والإعاقة المكتسبة التي قد تصيبه نتيجة لممارسات الحياة من حوادث وغيرها أو من الأمراض .
وبحكم ما رأيت خلال فترة خدمتي لتلك الفئة الغالية على قلبي والتي أجزم بأنها ليست بالقليلة وضعت يدي على فجوه حقيقية أود أن أشرككم بها حيث تعد هي ما نعاني منه كمجتمع قاطبة جراء تلك السقطة وغالباً ما تكون غير متعمدة ولكننا نقع فيها جميعا ً وهي فتور الأسرة في تقديم الخدمات العلاجية ورعاية أبنائهم خلال فترة المراهقة وبالتحديد من سن 15إلى 10 عام نظراً بيقينهم بأن الحالة استقرت ولن يقدم لها جديد أومن أجل ترشيد للنفقات العلاجية وتحويلها لباقي أفراد الأسرة من إخوانه أو لزيادة وزن الأبن الشديد والتي تحول دون التنقل به لمكان أو لأخر ولا سيما أن كود الإتاحة غير موجود في كثير من الأماكن إضافة لمدي تقبل المجتمع للمعاق والنظرات التي يشوبها التنمر في بعض الأحيان باعتباره كم مهمل وناهيك إن كانت فتاة وخوف أسرتها عليها من الآخر نتيجة لما يضخ إعلاميا ً من قضايا وحوادث وأخيراً المستوي التعليمي والثقافي للأبوين …
وهنا تأتي الكارثة الحقيقية والتي تأخذ بأبننا المعاق للهاوية تلك الهاوية التي وإن لم يجدنا بجانبه كفريق للدعم فقد خسرناه وخسرنا ابن صالح لنفسه ودينه ووطنه.. أنا أقولها بمليء فمي ولا أخشى من ذلك لومة لائم..
أعزائي إن ما يحتاجه الابن في تلك الفترة هو الدعم النفسي والتنقيب بداخله عن مميزاته وعيوبه بشكل سلوكي والاطلاع على ميوله المهنية التي سينطلق من خلالها لحياته الجديدة ويجب أن تدرس تلك الميول بإسلوب علمي وأكاديمي بأيدي المختصين بالتعاون مع أفراد الأسرة ووضع البرنامج التدريبي له استعدادا لمفهوم الدمج الحقيقي للمجتمع وفقا ُ لآليات يضعها المشرع تضمن سلامة الأبن وتضمن جودة منجزة لتخلق نوعاً من الاستدامة الأفقية والرأسية من حيث الانتشار الجغرافي ومستوي الخدمات المقدمة بالشكل الأكاديمي المهني
أحبائي نحن نحتاج لثورة فكرية تشملنا جميعا ً وتغير من سلوكنا الإنساني نحو مفهوم التكييف المجتمعي المتكامل ودون حتى إبرام وسن القوانيين للحفاظ على حقوق أبنائنا من ذوي الإعاقة فمقياس تقدم الدول أحدها يتمثل بالإهتمام بذلك الأمر …
أخواني إن للأمل حياة وبداية الأمل تبدأ من تلك النقطة لبناء جيل من أبنائنا ذوي الإعاقة قادر على الإنجاز والتحدي .. والله على ما أقول شهيد ….
د / خالد صديق أمرالله