كتب مصطفى الدمرداش – إبراهيم أحمد
أشارت دراسة أجرتها وحدة “إنسايتس” في شركة “إس إيه بي” إلى أن مزيدًا من المؤسسات في الشرق الأوسط وحول العالم ترى ضرورة تبني استراتيجيات خاصة بالاستدامة. يأتي هذا فيما اجتمع قادة العالم في المؤتمر السابع والعشرون للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (مؤتمر الأطراف 27) في شرم الشيخ يوم الأحد. وذكرت المؤسسات المشاركة في الدراسة أن أهم المحفّزات على اتباع استراتيجيات خاصة بالاستدامة تتمثل في الحفاظ على القدرات التنافسية وتحقيق الأرباح، علاوة على الضغوط المتزايدة من العملاء.
وجاءت دراسة “إس إيه بي” العالمية الجديدة حول الاستدامة، والتي حملت العنوان “الموجة الثانية”، أو “إس إيه بي ويف 2″، لتبني على نتائج دراسة أولى مماثلة أجريت العام الماضي، ودراسة مشتركة أجريت حديثًا بالتعاون مع أكسفورد إكونوميكس، وجمعت بيانات من 6,669 من مؤسسات قيادية في 29 قطاعًا و40 دولة من مناطق بينها الشرق الأوسط. ووجدت الدراسة أن أكثر من 60 في المئة من قادة الأعمال أدركوا أن للاستدامة تأثيرًا معتدلًا أو قويًا في قدراتهم التنافسية وفي قدرتهم على تحقيق الأرباح على المدى الطويل، كذلك أظهرت أن طلب العملاء بوصفه محفزًا للاستدامة قد ارتفع سبع مرّات في العام 2022 مقارنة بالدراسة الأولى التي أجريت في 2021.
وبهذه المناسبة، قال سيرجيو ماكوتا النائب الأول للرئيس لمنطقة جنوب الشرق الأوسط لدى “إس إيه بي”، إن الدراسة الاستطلاعية وجدت “تحولًا مدهشًا” في الأهمية التي تمنحها المؤسسات لاستراتيجيات الاستدامة من ناحيتي القيمة المتصوَّرة والاستثمار، مشيرًا إلى أن ما يقرب من 90 في المئة من المستطلعة آراؤهم في الدراسة قالوا إنهم يستنيرون بمفهوم الاستدامة في اتخاد قرارات الأعمال. وأوضح أنه بالرغم من الاضطراب المستمر في سلاسل التوريد العالمية ونقص العمالة والتضخّم، ارتفعت نسبة المؤسسات التي تستثمر للمرة الأولى في البيئة بمقدار خمسة أضعاف منذ العام 2021″.
وأضاف ماكوتا أن الاستطلاع وجد أن 75 في المئة من قادة الأعمال المشاركين فيه قالوا إنهم إما سيرفعون مستويات استثماراتهم الحالية في البيئة أو يحافظون عليها، لافتًا إلى أن 80 في المئة من قالوا إنهم يخططون لزيادة الاستثمارات كان يعتزمون زيادة الإنفاق بأكثر من عشرة في المئة.
لكن الدراسة أظهرت أن “جودة البيانات” تمثل تحديًا للعديد من المؤسسات. وقال ماكوتا: “بالرغم من أن المشاركين في دراسة العام 2022 كانوا أكثر رضا عن بياناتهم المتعلقة بالاستدامة مقارنة بالمشاركين في دراسة العام الماضي، فإن أمام الجميع شوطًا طويلًا ينبغي قطعه، إذ لا تتجاوز نسبة المؤسسات الراضية تمامًا عن بياناتها 23 في المئة، فيما تشير النسبة الغالبة إلى وجود فجوات في مصادر البيانات وجودتها ونطاقها، باعتبارها أهم أسباب عدم الرضا، وهذا أحد أسباب تركيزنا في “إس إيه بي” على دمج مقاييس الاستدامة في جميع عمليات الأعمال عند تصميمنا للحلول الرقمية، علاوة على وجود حلول متخصصة فقط في قياسات الاستدامة وتحليلها”.
الدروس المستفادة من المؤسسات القيادية: 5 خطوات للشروع في مبادرات الاستدامة
قال ماكوتا إن المؤسسات التي تواجه تحدّيات متنامية في مساعيها نحو الاستدامة يمكن أن تستلهم الاستراتيجيات التي تضعها وتتبعها المؤسسات القيادية الحريصة على البيئة والاستدامة، مشيرًا إلى مجموعة صغيرة من المؤسسات حدّدتها دراسة أجريت بالتعاون بين “إس إيه بي” وأكسفورد إكونوميكس في منتصف العام 2022، ومثلت نحو تسعة في المئة من 2,000 من المؤسسات التي شملتها الدراسة.
وجرى تعريف “المؤسسات القيادية البيئية” من خلال سمات شملت تحديدها توقعات واضحة على المستوى الاستراتيجي، وتطبيقها قوة التحوّل على التقنيات وإدارة البيانات، وتفاعلها مع جمهورها من موظفين وشركاء سلاسل التوريد وصُنّاع السياسات.
ووجدت دراسة إس إيه بي-أكسفورد إكونوميكس تحدّيات كبيرة تنشأ عند سعي المؤسسات للتركيز على تحسين نتائج الاستدامة من أجل الانتقال إلى فئة المؤسسات البيئية. وتندرج جهود معالجة هذه التحديات في خمسة مجالات أساسية:
الشروع في الرعاية التنفيذية. يجب أن تبدأ جهود الاستدامة بوضع خطة واضحة ومُحكمة يجري تنفيذها على امتداد المؤسسة.
إجراء اتصالات واضحة ومتسقة. بينما تبدأ جهود الاستدامة من قمة المؤسسة، يجب تحويل الرؤية إلى إجراءات عمل من قبل الموظفين. ومن الواجب ربط فرق العمل بأهداف واضحة لتعزيز جهود الاستدامة.
دمج الإجراءات والتقنيات والبيانات. لم تدمج معظم المؤسسات الاستدامة في استراتيجياتها الأساسية، ما يؤدي إلى تطبيق تقنيات منفصلة تمنع التخطيط الاستراتيجي وتترك المعلومات المالية وغير المالية منفصلة. لذا فإن توحيد هذه الأصول يتيح رؤية الأداء والتقدّم المحرز بوضوح.
توسيع نطاق الممارسات المستدامة للعملاء والشركاء والموردين. يُعَد موردو الطاقة ركيزة أساسية في ممارسات الاستدامة، لكن أكثر من ثلث المشاركين في دراسة إس إيه بي-أكسفورد إكونوميكس (36 في المئة) لم يروا أهمية في اللجوء إلى موردي الطاقة المستدامين في سبيل تحقيق أهدافهم للحدّ من الكربون. كما أنهم لم يفرضوا على شركائهم المتطلبات نفسها التي فرضوها على أنفسهم، وذلك بالرغم من أن الاستدامة ممارسة جماعية تتطلب انخراط الجميع على امتداد سلسلة التوريد.
إدراك أهمية البيانات. يتيح التقاط البيانات وتحليلها الاطلاع بوضوح على الموارد والكفاءة، ويمكّن المؤسسات من قياس النتائج ولفت الانتباه عند الحاجة إلى إجراء التحسينات. ويُعدّ هذا المكوِّن الرئيس مجالًا جاهزًا للابتكار على امتداد القطاعات.