الصداقة والعلاقات الاجتماعية تبني وتزدهر بالثقة ، فان وجدت الثقة وجدت الصداقة ، وأن أهتزت الثقة او تعكر صفوها أنتزعت وأنهارت قواعد الصداقة ، وأن حل مكانها الكذب والخداع ، فلا اعتقد ان الصداقة يمكن أن تدوم للابد الا لمصلحة مؤقتة بين طرفين ، فالكذب حيلة كبيرة وقصيرة ايضا وسرعان ماتنكشف ، و لكن البعض وربما معظمهم الا من رحم ربي يلجأون اليه ظنا منهم أنهم بذلك يبدون أذكياء أو انهم يحمون أنفسهم من الحسد و يعتقدون ان اصدقائهم سوف يحسدونهم ، فيلجأون للكذب ،ولا يعلمون انهم بذلك يتحولون من الصديق الي عدو لدود ، يتقن المخاصمة والدهاء والعداء والفجور ، ويكون شخص متقلب المزاج محير ومتغير وغامض من أن لاخر ، يظهر معك في لحظات فرحك ، ويجاملك بابتسامة صفراء وكلمات معسولة مغلفة بالحقد ، ويختفي في أوقات شدتك وألمك يختفي وانت في أمس الحاجة له لسماعك وللفضفضة معه ليس الا ، ولكنه يختفي ولا يواسي ولا يبالي ولكن يراقبك عن بعد ، تجده يحمل الامور مالا تحتمل ويعاني من تشويش وتخبط كبير بين أن يكون صديق مخلصا تارة وأن يبحث عن استقلالية نفسه تارة اخري .
مخطيء من يظن أن مشاعر الناس يمكن العَبثُ بها كما يشاء ، اختلاف مزاجك شيء يخصك أنت وحدك وليس للآخرين أن يشاركوك تقلباتك المزاجية، فلكلٍ منا ما يشغل تفكيره وعنده من المشاكل والهموم ما يكفيه. فكم من إنسان يرسم ابتسامته على وجهه كل صباح و مساء ويملك من الهم ما لا يحتمله الآخرون!
البعض يعيش حالة من الفوضى المزاجية ، يصعب عليك أن تفسر الكثير من تصرفاته أو طريقة تفكيره أو أسلوب حياته، يتقلب بين صديق حميم ثم إلى عدوٍ لدود، يتغير بين ليلة وضحاها، يخدع عينيه بالسراب الذي يخلقه من وحي خياله ، لا يملك مشاعر تقرب إحساسه بالآخرين. يحمل في نفسه أكاذيبا من نسج الخيال صنعتها نفسه الأنانية أو غيرته المفرطة، وحب التملك الذي يعيشه كطفل صغير بين أحضان أمه ، لكنه الآن رجل كبير بعقل صغير يعيش أحلام العصافير. وبالنهاية لابد لنا ان نبحث عن الصديق الصدوق المخلص صاحب الخلق الطيب والقلب الصافي واللسان الجميل ، الصديق الذي يؤثرك علي نفسه فيكرمك ويحسن اليك من غير تكبر اومنه فالفضل كله لله ،
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً
فدعه ولا تُكثِر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحةٌ
وفي القلب صبرٌ للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواكَ قلبُه
ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعةً
فلا خيرَ في ودٍ يجئُ تكلٌفا
ولا خيرَ في خِلٍ يخون خليله
ويلقاهُ من بعدِ المودة بالجفا
ويُنكِرُ عيشاً قد تقادم عهدهُ
ويُظهِرُ سراً كان بالأمس قد خفا
سلامٌ على الدنيا إذا لم يكن بها
صديقٌ صدوقٌ صادقُ الوعدِ مُنصِفا ،