مناورات عسكرية روسية مع الصين وأخرى مع بيلاروسيا..!!
الصواريخ الأمريكية لأوكرانيا.. يمكنها إسقاط الطائرات في العمق الروسي
تحالف أمريكي-ياباني .. في مواجهة موسكو وبكين وكوريا الشمالية!!
زيادة ميزانية الدفاع اليابانية .. إلى 80 مليار دولار سنويًا ..!!
يكفي البشرية ما تعانيه من متاعب.. لا يشعر بوطأتها الحقيقية سوى الفقراء
تقرير يكتبه – عبد المنعم السلموني
ماذا يجري في العالم؟ بمعنى آخر، ماذا تريد القوى العظمى؟ المؤشرات والأحداث والتحركات كلها تشير إلى أحد أمرين: إما الانزلاق إلى حرب شاملة، قد يتم فيها استخدام السلاح النووي وإما أن تكون التحركات والإجراءات المتبادلة رادعًا للأطراف المتحاربة فتمنعها من التورط في حرب لا تبقي ولا تذر!!
في كل الأحوال، فإن العالم يقف الآن على شفا فوهة بركان قابل للانفجار في أي لحظة. والأمل معقود على العقلاء في نزع فتيل الحرب والبحث عن طريق للسلام، ويكفي البشرية ما تعانيه من متاعب اقتصادية، ربما لا يشعر بالحجم الحقيقي لوطأتها سوى الفقراء!!
في الأيام الأخيرة.. أجرت روسيا مناورات بحرية مشتركة مع الصين، مسلطة الضوء على الشراكة الوثيقة بين البلدين في الوقت الذي يسعى فيه الكرملين إلى تعزيز التعاون بين الشركاء في مواجهة التكتل الغربي المعادي لموسكو في حربها بأوكرانيا.
وأشار تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، كتبته آن م. سيمونز، إلى أنه رغم أن بكين وموسكو ليسا حليفين دبلوماسيين بشكل رسمي، فإن زعيم الصين شي جين بينج كان أقوى داعم لبوتين ووجد قضية مشتركة مع الرئيس الروسي في محاولة الدفاع عن مصالح بلديهما أمام الضغوط الغربية.
وصفت وزارة الدفاع الصينية التدريبات المشتركة، بأنها دليل على “تصميم وقدرة الجانبين على المواجهة المشتركة لتهديدات الأمن البحري، والحفاظ على السلام والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي، وزيادة تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا.”
وليس من قبيل المصادفة أن تأتي هذه التدريبات بالتزامن مع تصريحات قوية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير دفاعه، سيرجي شويجو، في كلمتيهما أمام القادة العسكريين الروس، حول تعزيز قدرات الأسلحة النووية الروسية وأهميتها في تحقيق الردع وحماية أمن البلاد وضمان انتصار روسيا، مع تصميم موسكو على تحقيق جميع أهداف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
كذلك تزامنت تلك التدريبات مع زيارة قام بها الرئيس الأوكراني فلودومير زيلنسكي لواشنطن ولقائه بالرئيس الأمريكي، جو بايدن، وإلقائه خطابًا أمام الكونجرس الأمريكي، طالب فيه بتزويد بلاده بمزيد من الأسلحة حيث أعلنت واشنطن اعتزامها تسليم كييف منظومة صواريخ باتريوت لمواجهة الهجمات الصاروخية الروسية ومنع الطيران الروسي من مهاجمة البلاد. وكذلك التصميم على عدم خروج روسيا منتصرة في هذه الحرب!
وبالتزامن مع هذه الزيارة أيضًا أقر الكونجرس الميزانية الأمريكية وقدرها 1,7تريليون دولار وتشتمل على مساعدات لأوكرانيا يصل حجمها إلى 45 مليار دولار!!
في مؤتمره الصحفي مع زيلينسكي، تعهد بايدن بأن الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا “طالما تطلب الأمر ذلك”. ويقول اندريه دامون في مقال على موقع wsws، إن الولايات المتحدة تتعمق أكثر فأكثر في الحرب. ومع نشر صواريخ باتريوت في أوكرانيا، تمنح واشنطن كييف القدرة على ضرب الطائرات في عمق الأراضي الروسية.
في العام الماضي فقط، أعلن بايدن أنه، بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، ينهي “الحرب الأبدية”. لكن الإدارة الأمريكية تغرق الآن سكان أوروبا والولايات المتحدة والعالم بأسره في “حرب أبدية” جديدة، وخيمة العواقب.
وإذا عدنا للتدريبات الروسية الصينية نجدها تتزامن مع زيارة رئيس الوزراء وعضو مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، لبكين ولقائه مع الرئيس الصيني، شي جين بنج وتأكيد الطرفين الروسي والصيني على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الكاملة بين البلدين، في الوقت الذي توجد فيه توترات متصاعدة بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان.
الإعلان عن التدريبات -رغم أنها إجراء سنوي بين البلدين منذ عام 2012 -جاء أيضًا في نفس اليوم الذي التقى فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في مينسك، مما أثار القلق من أن بوتين يتحرك لجذب أقرب حليف لموسكو إلى الحرب في أوكرانيا.
أشار لوكاشينكو إلى أنه لا يخطط لنشر قوات لمساعدة الكرملين، لكن النشاط العسكري الأخير، بما في ذلك التدريبات العسكرية المشتركة بين بيلاروسيا وروسيا، يعطي الانطباع بأن مينسك يمكن أن تدخل الحرب رسميًا لدعم موسكو في وقت تحاول فيه كييف تعزيز تقدمها نحو الشرق والجنوب.
قال بوتين في تصريحات متلفزة في بداية المحادثات مع لوكاشينكو: “إن بيلاروسيا …. حليفنا بالمعنى الحقيقي للكلمة”.
وبعد المفاوضات، قال زعيم الكرملين، إنه تم إنشاء نظام دفاع جوي موحد. وإن موسكو ستواصل تنفيذ اقتراح لوكاشينكو بتدريب طيارين قادرين على تشغيل طائرات تحمل ما وصفه بـ “رأس حربي خاص”.
لقد تسبب الصراع في أوكرانيا في زيادة التوترات بين الناتو وروسيا، ليس فقط عبر أوروبا الشرقية، ولكن أيضًا في منطقة المحيط الهادئ، حيث يواجه التحالف الغربي بقيادة واشنطن وحلفاؤها الآسيويون، كاليابان، كلًا من الصين وروسيا.
أدت التوترات المتصاعدة إلى إحياء الخلاف السياسي الطويل بين موسكو وطوكيو، حليف الناتو، على جزر الكوريل الواقعة في المحيط الهادئ.
وتقول شبكة أي بي سي نيوز إن موسكو وبكين أظهرتا تعاونهما العسكري المتنامي في الأشهر الأخيرة، ففي نوفمبر، حلقت قاذفات Tu-95 التابعة لسلاح الجو الروسي وقاذفات القنابل الصينية H-6K في دوريات مشتركة فوق بحر اليابان وبحر الصين الشرقي. وكجزء من التدريبات، هبطت القاذفات الروسية في الصين لأول مرة، وتوجهت القاذفات الصينية إلى قاعدة جوية في روسيا.
وفي سبتمبر، أرسلت الصين أكثر من 2000 جندي إلى جانب أكثر من 300 مركبة عسكرية و21 طائرة مقاتلة وثلاث سفن حربية للمشاركة في مناورة مشتركة شاملة مع روسيا. وهذه المناورات هي المرة الأولى التي ترسل فيها الصين قوات من ثلاثة فروع لجيشها للمشاركة في مناورة روسية واحدة، فيما وصف بأنه استعراض لاتساع وعمق الثقة المتبادلة بين البلدين.
وخوفًا من طموحات الصين الإقليمية، عززت طوكيو علاقاتها مع الناتو. وأصبحت اليابان -تحت حماية ودعم الولايات المتحدة -أكثر صراحة تجاه القضايا الإقليمية وأخذ نزاعها على جزر الكوريل مع روسيا يكتسب زخمًا.
في مارس، مع احتدام الهجوم الروسي على أوكرانيا، أعاد وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي إحياء مطالبات طوكيو بشأن السيادة على جزر الكوريل، واصفًا المنطقة، بأنها “جزء لا يتجزأ” من اليابان.
وردًا على موقف اليابان المتشدد، أعلنت روسيا، التي سيطرت على سلسلة جزر الكوريل بأكملها، منذ عام 1945، انسحابها من محادثات السلام مع اليابان لمعالجة النزاع حول الجزر.
ووصل الأمر بروسيا لإجراء تدريبات عسكرية في المنطقة المتنازع عليها أواخر مارس، في استعراض للقوة ضد كل من اليابان والكتلة الغربية.
وذكر موقع تي آر تي أن الولايات المتحدة تصف السيطرة السوفيتية -الروسية الآن -على الكوريل بأنها غزو. مع أنه خلال الحرب العالمية الثانية، عندما حاربت الولايات المتحدة اليابان، لعبت واشنطن دورًا فعالًا في استيلاء موسكو على سلسلة الجزر. أما بعد أن أصبحت اليابان حليفة للولايات المتحدة، فقد دعمت واشنطن طوكيو في مواجهة موسكو، وضغطت على اليابان كي لا “تتخلى عن المطالبة بالسيادة على هذه الجزر”. !!
كذلك تتصاعد التوترات بين اليابان والصين حول جزر سينكاكو في غرب المحيط الهادي. وكانت هذه التوترات المستمرة منذ فترة طويلة قد اشتعلت حول هذه الجزر غير المأهولة والتي تقع في بحر الصين الشرقي.
طالبت اليابان بالجزر منذ انتهاء الحرب الصينية اليابانية عام 1895، لكن الصين وتايوان تطالب بها أيضًا، مما يجعل هذه النتوءات الصخرية وسط الماء نقطة اشتعال جيوسياسية دائمة. ووفقًا لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، فالجزر “لديها احتياطيات محتملة من النفط والغاز الطبيعي، وتقع قرب طرق الشحن البارزة، وتحيط بها مناطق صيد غنية”.
وتقول اوليفيا لاو، في تقرير لها على موقع فويس اوف أمريكا، إنه في يوليو الماضي، اقتربت سفينتان لخفر السواحل الصيني من المياه الإقليمية للجزر التي تعتبرها اليابان أراضيها. كما دخلت فرقاطة روسية المنطقة أيضًا.
وقتها قدمت طوكيو احتجاجًا إلى بكين، حسبما ذكر نائب رئيس مجلس الوزراء سيجي كيهارا.
وقال كيهارا: “وفقًا للتاريخ والقانون الدولي، تعد جزر سينكاكو جزءًا لا يتجزأ من أراضي اليابان”. “ستتعامل الحكومة مع هذا الأمر بهدوء وحزم لحماية أرض اليابان ومياهها الإقليمية ومجالها الجوي، لكن السفن الحربية الصينية والروسية لم تنتهك المياه الإقليمية لليابان.”
ويرى بعض الخبراء أن الصين وروسيا من المحتمل أن تخططا لدخول المنطقة -حوالي 186 كيلومترًا من تايوان وحوالي 410 كيلومترات من اليابان -في عمل منسق ردًا على التحالف الأمريكي الياباني.
وبدا أن موسكو وبكين تنسقان الإجراءات المشتركة بالمنطقة. في مايو، قامت طائرات مقاتلة صينية وروسية بطلعات مشتركة فوق بحر اليابان وبحر الصين الشرقي حيث كان قادة من الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان يجرون محادثات في طوكيو حول الأمن الإقليمي.
ومن المعتقد أن دخول السفن الحربية الصينية والروسية إلى سينكاكو كان يهدف لتخويف اليابان، بينما أصدرت الصين بيانًا ضد التحالف الأمريكي الياباني.
أمام ذلك أعلنت الحكومة اليابانية، منذ أيام عن مضاعفة الإنفاق العسكري، وللمرة الأولى، تحصل علنًا على أسلحة هجومية، وكلها تنتهك الدستور السلمي للبلاد، وأيضًا القيود المفروضة لعقود على جيشها. هذا الحشد العسكري موجه بشكل صريح ضد الصين وهو جزء من المواجهة المتصاعدة بسرعة بقيادة الولايات المتحدة مع الصين وروسيا.
ويقول بين ماكجراث وبيتر سيموندز في تقرير لهما على موقع wsws، …لعقود من الزمان، اقتصرت الميزانيات العسكرية على حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي وتم تجنب شراء أسلحة هجومية صريحة إلى حد كبير.
لكن في الأسبوع الماضي، تم التخلص من هذه القيود في استراتيجية الأمن القومي المنقحة (NSS) ، وكذلك استراتيجية الدفاع الوطني (NDS) وبرنامج بناء الدفاع (DBP) . وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها وضع استراتيجية جديدة للأمن القومي منذ 2013.
ستزيد طوكيو إنفاقها العسكري بين العامين الماليين 2023 و2027 إلى 316 مليار دولار أمريكي، بزيادة 56.5% عن السنوات الخمس السابقة. والمتوقع أن تزيد ميزانية الدفاع السنوية من 40 مليار دولار هذا العام إلى حوالي 80 مليار دولار في عام 2027. وهذا سيجعل إنفاقها العسكري يصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تفعل دول الناتو.
قال وزير الخارجية يوشيماسا هاياشي في بيان صحفي إنه سيتم “تعزيز التحالف الياباني الأمريكي”. وسيتم تخصيص تريليوني ين لإنشاء وحدات للحرب الفضائية والسيبرانية بالاشتراك مع الولايات المتحدة. وستضم وحدة الحرب السيبرانية حوالي 20000 فرد عسكري، وإلى جانب توسيع الاستخبارات العسكرية، تعتبر هذه الوحدة ضرورية للاندماج مع الجيش الأمريكي، الذي يحتفظ بحوالي 50000 فرد وقواعد كبيرة في اليابان.
تستهدف استراتيجية الأمن القومي الجديدة الصين بشكل علني، مؤكدة أن أنشطة بكين في المنطقة “تمثل تحديًا استراتيجيًا أكبر وغير مسبوق ” لسلام وأمن اليابان والمجتمع الدولي، وكذلك للنظام الدولي القائم على القواعد.
هذا التحول مهم. وقد سبق لليابان أن بررت إعادة تسليحها بأن كوريا الشمالية تشكل تهديدًا. ومع ذلك، قال الأدميرال توموهيسا تاكي، المتقاعد من قوة الدفاع الذاتي البحرية، إن الصين هي الهدف الرئيسي الذي كانت اليابان تستعد له “باستخدام تهديد كوريا الشمالية كغطاء”.
في ضوء كل ما سبق، يحق للمرء أن يتساءل: إلى أين تتجه البشرية؟؟ وإلى أين يقودها جنون العسكرة؟؟