عروج إلى مقام المعنى
أُريدُ لهذي القصيدةِ
ألا تموتْ
أُريدُ لها أن تكونَ بأجنحةٍ
وبقلبٍ وذاكرةٍ
ويدينِ
وفَمّْ!
بلى
بيدينِ
لتنفضَ عن نفسِها كل ما لا يليقُ
وكي تتسلقَ حبلَ النجاةِ إذا أُلقيتْ
ذات غدرٍ
بجُب العدمْ
فإنَّ لها إخوةً
ربما أخطأتْ حين قصَّتْ عليهم
رؤاها
لكَمْ كان قصُّ الرؤى موجعاً
ولكَمْ
بلى بيدين
لكي تتستَّر حين تُعرَّى
وكيما تُربِّتَ
بالحُبِّ هوناً على كتفِ الأصدقاءْ
وكي تتشبَّثَ بالراحلينَ
فإما بقوا معها
أو مضتْ معهم
إنَّ كلَّ جراحِ القصيدةِ
إفلاتُها لحظةً
كان فيها التشبُّثُ منجىً
لها ولهم
بلى بيدينِ
لكيما تُجيدَ العناقََ
فلا
للقصيدةِ إن لم تًعانِقْ
ولا للقصيدةِ
إن لم تضمْ!
ولا للقصيدةِ
إن لم تُجرنا
ونحن نموتُ من الحزنِ
وهي هنالك في برجِها
تتأمّلُنا في حيادِ الصنمْ!!
ولا للقصيدةِ إن لم تُعِدنا
إذا شوَّهتنا الحياةُ قليلاً
لطينِ البراءاتِ ثانيةً
مثل أمْ!!
أُريدُ لها أن تكونَ بأجنحةٍ
كم تضيقُ الحياةُ بمن ليس يملكُ
أجنحةً كي يُحلقَ
منفلتاً من حدودِ الزمانِ
ومنلفلتاً من حدودِ المكانِ
ليبعدَ يبعدَ حتى يُرى مثل حُلمْ
أُريدُ ها
أن تكونَ بقلبٍ
كقلبي
ولكنه لا يفزُّ
ولا يُستفزُّ
ولا يتلوّى من الحزنِ
لو عبرتْ صورةٌ ما
او ارتطمتْ كلمةٌ ما
او انطفأتْ شمعةٌ ما
او اشتاقَ للراحلين الذين
مضوا بالحياةِ
جميعِ الحياةِ
وما تركوا غيرَ هذا الألمْ!
أُريدُ لهذي القصيدةِ
ذاكرةً
تتخيّرُ ما نتذكّرُه
لا تحاصرُ يومي بما
ظِلتُ أمحوه
بالماءِ والدمعِ والصمتِ
بالادعاءِ
وهذا النَدَمْ
بذاكرةٍ
تنتقي ما يُرتِّبُني
ما يُطمئنُ روحي
بذاكرةٍ
تتنكّرُ للخوفِ والحزنِ
واللحظاتِ التي كسرتنا
وتمحو
من العمرِ كلَّ الذي
أوجعتنا به موجعاتُ الحياةِ
من الهمِّ والغمِّ
والغمِّ والهمّْ
أُريدُ فماً للقصيدةِ
كيما تُقرِّرَ عن قدرةٍ صمتَها
ولتختارَ
إن الإشاراتِ أغنى كثيراً
ففيها سنُدركُ ما ليس نُدركه في الكلمْ
أريدُ لهذي القصيدةِ
ألا تموتْ
ولكنني
أعرَفُ الناسِ
أن القصائدَ
كي لا تموتَ
فلا بُدَّ
من أن تكونَ
بذاكرةٍ لا تخونُ
يدينِ
فمٍ يُحسنُ القولَ والصمتَ
أجنحةٍ قد تطيرُ
ولكنَّها لا تضلُّ
لتبعدَ تبعدَ
حتى تُرى مثل حُلمْ
وقلبٍ يفزُّ كقلبي تماماً
نعم!