مسقط، خاص:
اهتمَّت سلطنة عُمان بدعم ومساندة المؤسَّسات الصغيرة والمتوسِّطة، وعملت على تقديم الدَّعم الماليِّ والفنِّيِّ لتلك المؤسَّسات، خصوصًا في مرحلة الانطلاق؛ لِمَا تؤدِّيه تلك المؤسَّسات من دَوْر مُهمٍّ وحيويٍّ في تحقيق التنمية الاقتصاديَّة المستدامة المنشودة القائمة على تحقيق التنويع الاقتصاديِّ المأمول، والعمل على تعظيم القِيمة المحليَّة المضافة، وفتح المزيد من فُرص العمل أمام الكوادر الوطنيَّة الشَّابَّة. لذا عمدت الدولة على تحفيز تلك الشركات الناشئة، وتقديم كافَّة التسهيلات لها؛ لكونها تُعدُّ قوَّة اقتصاديَّة دافعة كبرى، وتُعدُّ أحَدَ أهمِّ محرِّكات النُّموِّ التي تُسهم في ازدهار الاقتصاد الوطنيِّ. فالرِّهان على تنمية تلك المؤسَّسات بالتأكيد سيكُونُّ له مردود كبير على تغيير النَّمط الاستثماريِّ داخل البلاد، فالتجارب العالميَّة تؤكِّد أنَّ تلك المؤسَّسات الواعدة ذات التكوين الخاصِّ، لَها قدرة سحريَّة على جذب الاستثمارات في القِطاعات التي تنشط بها.
إنَّ الاهتمام العُمانيَّ بتلك المؤسَّسات ذات الأهمِّية الاقتصاديَّة الكبرى بدأ في تحقيق مردوده، حيث صُنِّفت سلطنة عُمان ضِمْن أفضل (10) عشر دوَل على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجالات الأسواق الجاذبة للمواهب بتكلفة مناسبة للشركات الناشئة، ووفرة تمويل رأس المال الجريء، وضِمْن أفضل (15) خمس عشرة دولة في سرعة تطوُّر وأداء منظومة الشركات الناشئة، حيث تجاوز إجمالي القِيمة السوقيَّة للشركات الناشئة العُمانيَّة 300 مليون دولار أميركي، وتكمن أهمِّية تلك الإحصائيَّات في أنَّها خرجت بحسب تقرير صادر عن مؤسَّسة «ستارت اب جينوم» الدوليَّة المتخصِّصة في تطوير منظومة الشركات الناشئة والابتكار، فهي مؤسَّسة دوليَّة بحثيَّة واستشاريَّة في تطوير منظومة الشركات الناشئة والابتكار على مستوى العالَم، تعمل على تقديم التحليلات فيما يتعلَّق بالسِّياسات والبرامج التي تُسهم في تعظيم الأثر الاقتصاديِّ والنُّموِّ بقِطاع الشركات الناشئة، حيث عملت على تطوير أكثر من (145) مئة وخمس وأربعين منظومةً للشركات الناشئة حَوْلَ العالَم في أكثر من (50) خمسين دولةً.
وفي قراءة متأنِّية للتقرير الذي أصدرته تلك المؤسَّسة الدوليَّة المرموقة في هذا المجال، نجد أنَّه ركَّز على الفُرص الجاذبة للشركات الناشئة والاستثمار فيها ضِمْن ثلاثة قِطاعات رئيسة وهي التجارة الإلكترونيَّة، وتقنيَّات الطاقة النظيفة، والتقنيَّات الماليَّة، حيث أشار إلى توقُّعات بأنْ تتسارعَ وتيرة نُموِّ هذه القِطاعات خلال عام 2025م، كما ركَّز التقرير على جهود وبرامج ومبادرات الجهات الحكوميَّة والخاصَّة في سلطنة عُمان في تحفيز منظومة الشركات الناشئة، وأهمِّية دخولها ضِمْن تقرير منظومات الشركات الناشئة العالميِّ الذي يُعدُّ فرصة لرفع تنافسيَّة الشركات الناشئة العُمانيَّة، وتعزيز مكانتها عالميًّا وزيادة جاذبيَّتها من خلال مواكبة التوجُّهات العالميَّة والاستراتيجيَّة الدَّاعمة والمُحفِّزة للشركات الناشئة، وهي خطوة سيكُونُ لها مردود واسع على الاقتصاد الوطنيِّ، وستُعزِّز التوجُّه نَحْوَ تحقيق التنمية الشاملة المستدامة.
ولعلَّ تلك المؤشِّرات الإيجابيَّة لَمْ تكُنْ وليدة المصادفة، بل جاءت انعكاسًا للجهود المبذولة والشراكة القائمة ونهج التكامل بَيْنَ المؤسَّسات الحكوميَّة للنهوض بقِطاع الشركات الناشئة العُمانيَّة، وكان إحدى ثماره إطلاق برنامج الشركات الناشئة العُمانيَّة الواعدة الذي يحظى برئاسة فخريَّة من بلعرب بن هيثم آل سعيد، وإشراف من هيئة تنمية المؤسَّسات الصغيرة والمتوسِّطة بالتعاون مع وزارة النقل والاتصالات وتقنيَّة المعلومات ووزارة التعليم العالي والبحث العلميِّ والابتكار ووزارة الاقتصاد، ومجموعة «إذكاء».