عندما نرى الحقد والغل والضغينة وصلت لمستويات غير مسبوقة تترجمها أكاذيب ومغالطات وشائعات ممنهجة ومغرضة بشكل مستمر وبآليات مبتكرة وفي أوقات مختلفة وعبر كافة المنابر الممولة وغير الممولة كي تصل للقاصي والداني المتابع وغير المتابع؛ فاعلم أن القلوب السوداء لن ترضى عما وصلنا إليه من إنجازات مبهرة لمشروعات قومية غيرت مجرى التاريخ ومسار الإعمار وحققت نهضة تضيف للحضارة المصرية العتيقة، وتحولها من دولة نامية إلى مصاف الدول المتقدمة في شتى المجالات.
والشائعات المغرضة غايتها معلومة قطعًا لدينا ولدى كل صاحب عقل رشيد؛ حيث إن التشويه يستهدف في فحواه إضعاف الثقة في الدولة قيادة ومؤسسات، وهذا بالطبع يتبعه حالة من إثارة الشكوك في كل شيء؛ لنصل في نهاية المطاف لفكرة الهدم والشكيك في هذه الإنجازات، مما يسبب إحباطا وسلبية لدى المواطن؛ نتيجة لما يبث من شائعات قائمة على رؤى تحمل في طياتها الأكاذيب والأفكار والتحليلات غير الصحيحة التي تستقى من مصادر غير موثوقة.
ويعيش العالم بأسره حالة من فوضى الشائعات ولمصر نصيب الأسد منها؛ حيث يتبنى منهجيتها جماعات غير سوية، لم يكن مقصدها إلا السيطرة على مفاتيح الدولة ومقدراتها، وإخضاعها لمشروعات فكرية تحقق أهداف هذه الجماعات وتكابد من أجل إنجازها، والمخيف في ذلك الأمر أن القضاء على الهوية والقومية غاية رئيسة لدى أصحاب الفكر المشوّه؛ لذا باتت مواجهة تلك الطوائف والجماعات فرض عين على كل مصري مخلص لوطنه ولديه ولاء للوطن ولرموزه وانتماء لترابه.
والتساؤل الذي نحن بصدده، هل نلتفت لما يبثه الأشرار من شائعات أم نمضي في طريقنا بكامل عزيمتنا ونتجاهل ما يطلق من أبواق الخزي والعار؟ وأرى أن الإجابة أضحت جلية؛ حيث المضي قدمًا للأمام صار أمرًا وجوبيًا لا تراجع عنه، ومواجهة الشائعات بنشر الحقائق وبث الطمأنينة في قلوب المصريين بات مهمة قومية يتوجب أن يقوم بها كل مخلص ومن لديه الآليات التي تؤهله لذلك، ناهيك عن مؤسسات الدولة ومراكزها الإعلامية التي تقوم بدورها الفاعل على مدار الساعة.
وهنا ننادي المصريين جميعًا بصوت العقل والتعقل ونقول لهم: شعب مصر العظيم استقوا الحقيقة من مصادرها، ولا يترك أيا منا سمعه ومداخل فهمه لمنابر خبيثة تحمل في طياتها أجندات سوداء تستهدف علانية إسقاط الدولة وتفكيك نسيجها، لا تحققوا لهم غاية المتابعة والمشاهدة التي تعطيهم طاقة الأمل نحو استكمال مهمتهم سالفة الذكر؛ فالدولة المصرية لها خطة استراتيجية واضحة ومعلنة تسير وفقًا لها، ولها ملامح واضحة للعيان ولا تقبل الشك والتشكيك.
أثق في أن مشروعات الدولة القومية هي سفينة النهضة التي تحقق غايات الدولة الكبرى؛ فقد كاد الإهمال والتسيب والفساد والإفساد يعصف بالبلاد جراء ترك الإصلاح وبرامجه عقود تلو أخرى، وللأسف كان الوعي بها مغيبًا لأسباب قد تبدو واهية؛ فحالة العوز التي وصلنا إليها قزمت من أدوار الدولة، والتطلع للبناء والتقدم والإعمار كان من المستحيل الوصول إليه في ظل هذه التحديات الجسيمة؛ فهناك العشوائيات التي كادت تهدد بقاء الدولة، والأمراض التي انهكت الأجساد وافقدتها نعمة الصحة، وسيطرت المفسدين على مقدرات الدولة المصرية، وغيرها من الأسباب التي نتجت عنها خوار وضعف في طاقات أبنائها، وبددت طاقاتهم.
ومما يدعو للسخرية من منهجية تشويه الإنجازات وخاصة لمشروعات مصر القومية، أن أصحاب المآرب الخبيثة تركز على السلبيات دون غيرها، وبطرائقها غير السوية تضخم منها، وتضيف إليها المزيد من التشويه، والغرض من ذلك ندركه جيدًا حيث العمل على تزييف الوعي بضخ مزيد من المغالطات لدى كثير من البسطاء، وبالطبع يصب هذا في بوتقة الرأي العام في مجمله؛ حيث إن تأليب الرأي العام يحتاج لاستراتيجيات طويلة الأمد وفكر يقوم على تكريس السلبية وفقد الثقة بين المواطن ودولته.
إن محاولات تشويه الإنجازات ليست مآرب ونوايا غير سوية فحسب؛ لكنها تخدم كل من يبتغي إسقاط الدولة وهيبتها، ويحاول أن يقلل من عزيمة أبناء الوطن ويفت عضد تماسكهم، وأؤكد أن هذا لن يحدث إلا في ظل وعي رشيد، ومعرفة صحيحة تدعمهما رؤية تقوم على عين اليقين لمشروعات قومية تنموية في شتى ربوع الوطن وبكامل أقاليمه بمجالات متباينة، كما أن المكتسبات التي حصدناها من خلق فرص العمل والخدمات غير المسبوقة للمواطن التي تتمثل في الصحة والتعليم والرعاية المجتمعية وأمن وأمان وقوة رباط أسهمت في تعزيز وتعضيد قوة الدولة، وأدي لصلابة جبهتها الداخلية التي تصطف في طرفة عين حينما يناديها الواجب الوطني.
إنها مصر يا سادة التي لا تنهكها تحديات أو تنال من قوتها ولحمتها شائعات مغرضة؛ فلن يعتريها تغيير في نسقها القيمي وعقلها الجمعي مهما حاول أصحاب الفكر المنحرف أن يغرسوه في العقول بطرائقهم غير السوية، مصر التي دحرت كل من حاول النيل منها ومن مقدراتها على مر تاريخ مشهود ومسطر، مصر الميزان التي إذا ما مالت اختل العالم من حولها، ستبقى مصر وستزول مآرب ونيات المفسدين طال الزمان أم قصر.. تحيا مصر.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر