كل دوله تتمتع بحريه واسعة في تحديد كيفيه معاملة الأجنبي على إقليمها ابتداء من دخوله إقليمها ومروراً بإقامته و انتهاءً بخروجه وبالتالي حقها في إبعاد الأجنبي غير المرغوب فيه أو عدم دخوله أصلاً وتقرير هذا الحق هو من المسائل الوقائية لها ولإقليمها من الخطر تبعاً لحقها في السيادة، ولكن كل ذلك يقتضي ان تتقيد فيه الدولة على وفق القواعد الدولية سواء العرفية منها ام الاتفاقية
تحكم المركز القانوني للاجئ بشكل عام الاتفاقيات و المعاهدات الدولية أي ان المشرع الوطني في جميع الدول يفترض فيه ان يزاوج بين الاعتبارات الداخلية الوطنية والمعايير الدولية العالمية عند التعامل تشريعيا او واقعيا مع اللاجئ ويقتضي من المشرع الوطني ان يكيف تشريعاته الداخلية خدمة لتنفيذ التزاماته الدولية الواردة في الاتفاقيات التي صادق عليها او انظم اليها ذات الصلة بوضع اللاجئ ومنها اتفاقية جنيف لعام 1951 ، وفي الحقيقة ان القواعد المتقدمة لا تسلب حق الدولة في اتخاذ بعض إجراءات الاحترازية من ازاء ألاجئ عندم يقوم بعمل من شانه المساس بأمنها او سلامتها او سيادتها فعندها يكون حق وواجب عليها ابعاده عن أراضيها ،
وذلك يعد جزاءاً من سيادة الدولة,كما إن سحب هذا الحق يعني إن منح حق اللجوء للأجانب المضطهدين سيكون أمرا شبه مستحيل ,إلا إن هذا الإبعاد تحكمه القواعد الدولية وآراء فقهيه في هذا الإطار تدعوا ألا يكون هذا الإبعاد تسليماً مقنعاً أي إبعاد اللاجئ إلى الدولة التي تطالب به.ويكون من الواجب الدولة المانحة لحق اللجوء سابقاً و التي قررت إبعاد هذا اللاجئ أن تمنحه حرية و فرصة اختيار البلد الذي سيذهب إليه اللاجئ,وعدم إعادته إلى دولة لا يرغب في الوصول اليها.كل ذلك كما ذكرنا يقتضي ان يجري على وفق ما مسجل او مستقر عليه من قواعد عرفية او اتفاقية شاعت وانتشرت بحكم استعمالها بين الدول .
أن الأشخاص الذين لم يحصلوا بعد على وضعية اللجوء في جمهورية مصر العربية وما زالوا على قائمة الانتظار فهم يتمتعون بحقوق مؤقتة لحين حصولهم على كافة الحقوق والحريات المعمول بها وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة المشار إليها. ونص مشروع القانون على أن يلتزم اللاجئون وطالبو اللجوء بتوفيق أوضاعهم طبقا لأحكام هذا القانون خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، ويجوز لرئيس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء، مد المدة المشار إليها إلى مدة مماثلة، ويصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال ستة شهور من تاريخ العمل به.
أن “عدد اللاجئين المقيمين في مصر يبلغون 245 ألف لاجئ تقريباً فقط، منهم 194 ألف طالب للجوء و51 ألف نازح، أكثر من نصفهم من سورية، بواقع 133 ألفاً تقريباً، أي ما نسبته 54%”.
على الرغم من أن مصر لم تصدر أي قوانين تتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، فقد صادقت على اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، وهي معاهدة متعددة الأطراف تنص على أن الدول مسؤولة عن توفير الحماية لأي شخص يطلب اللجوء على أراضيها.
ومن ثم، فإن جميع الأنشطة المتعلقة باللجوء، مثل الاستقبال والتسجيل والتوثيق وتحديد وضع اللاجئ، يتم التعامل معها من قبل مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر نيابة عن الحكومة، وبمجرد أن يتم الاعتراف بالفرد كلاجئ من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنه يصبح تحت حماية مصر.
بعد التسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يحتاج طالبو اللجوء أو اللاجئون إلى الحصول على تصريح إقامة من السلطات المصرية لإضفاء الشرعية على إقامتهم.
في العام الماضي، أفادت المنظمة الدولية للهجرة، أن مصر تستضيف أكثر من 9 ملايين مهاجر وأفراد من المجتمع المضيف من 133 دولة، بما في ذلك أربعة ملايين سوداني، و 1.5 مليون سوري، ومليون يمني، ومليون ليبي يشكلون 80٪ من إجمالي عدد المهاجرين المقيمين الأجانب في مصر.
رغم كل التقارب و الانفتاح بين الدول فالأجنبي لازال يعتبر غريباً عن المجتمع الذي هاجر إليه أو لجأ إليه للعمل بحثاً عن أسباب حياة أفضل وهو ما يشكل من العوامل الرئيسة لحركة الأشخاص عبر الحدود ومنهم ألاجئين بالإضافة إلى التقدم الهائل في وسائل المواصلات و التعاون و التقارب بين الدول الذي تمثل في إبرام الاتفاقيات الثنائية و الجماعية بينها, لمنح تسهيلات للأجانب في الدخول و الإقامة ،ورغم ضروب التعاون بين الدول الذي يقوم على منع وحجب الكثير من القيود التي تفصل بين الشعوب إلا إن ذلك لم يحقق حتى ألان الحماية الفعلية و الكفاية لفئات من الأجانب لهم وضعهم الخاص ألا وهم ألاجئين الذين تمتزج القواعد الداخلية والقواعد الدولية في حكمهم,
ويكشف الواقع العملي لممارسات بعض الدول ضد اللاجئين بان حياة الكثيرين منهم باتت في خطر ,ويأتي إجراء الإبعاد في مقدمة هذه الممارسات فهذا الإجراء سلاح ذو حدين ,فهو حق لكل دولة ذات سيادة فهو يحمي أمنها سواء كان الذي يتهددها من رعاياها أو من اللاجئين لذا نرى لتسليط الضوء أكثر على هذا الإجراء المتخذ ضد اللاجئين رغم تمتعهم بالحماية الدولية فكيف توفق الدولة بين مقتضيات حماية أمنها والقواعد الدولية لحماية وضع أللاجئ ؟.
بالرغم من اختلاف وجهة النظر في تحديد الأساس الذي يقوم عليه الإبعاد كما سيأتي,إلا إن ذلك لم يمنع بعض المحاولات الفقهية لإيراد تعريف شامل لآلية الإبعاد ,والتي بدأت منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر عندما بدأت بالظهور بعض التعريفات المحددة لمعنى الإبعاد ومنها “بأنه عمل من إعمال السلطة العامة تنذر بمقتضاه الدولة فرداً أو عدة إفراد من الأجانب المقيمين على أرضها بالخروج منها أو إكراههم على ذلك عند الاقتضاء”
،ويلاحظ من هذا التعريف أن الإبعاد عمل من إعمال السلطة العامة رغم إن هذه الفكرة ثار حولها الجدل وتحيط بها الشكوك لأنها ارتبطت تاريخياً بفكرة السيادة كما إن أساليبها استثنائية وقيودها غير مألوفة
ولا تتناسب مع المستجدات المعاصرة إذ أثرت على سيادة الدولة المطلقة القواعد الدولية وانسحب ذلك على إجراءاتها في معاملة الأجانب على أراضيها تحت تأثير جملة مبادئ منها مبدأ المعاملة بالمثل وحقوق الإنسان ويأتي أللاجئ في مقدمة الأجانب الذين خصتهم العديد من الاتفاقيات والأعراف الدولية بمعاملة خاصة نذكر منه اتفاقية جنيف لعام 1951.
إضافة إلى ما تقدم نرى إن آلية الإبعاد رغم كونها تتعلق بسيادة الدولة إلا إن ممارستها ليست مطلقه وإنما يرد عليها بعض القيود كم سنرى لاحقاً. وفي تعريف آخر بأنه “إنهاء تفرضه الدولة لحق الأجنبي في الإقامة أو الوجود على إقليمها لأسباب يمليها امن الجماعة”
ويلاحظ على هذا التعريف انه لم يبين الطبيعة القانونية للإبعاد كما انه حدد سبباً واحداً له وهو المحافظة على امن الجماعة في الوقت الذي لم نجد في التشريعات المقارنة سبباً محدداً بذاته وإنما هناك جملة أسباب تتجاوز الجانب الأمني للجماعة كأن يكون لأسباب اجتماعية أو اقتصادية أو صحية كما سيأتي بيانه ،أي ان الأسباب لم ترد على سبيل الحصر أنما ترجع لتقدير السلطة المختصة في الدولة . وفي تعريف آخر “بأنه الأمر الذي توجهه الدولة إلى أجنبي مقيم في بلادها بأن يخرج منها في اجل قصير وإلا أكرهته على الخروج منها بالقوة “
ونلاحظ على هذا التعريف انه لم يورد أسباب آلية الأبعاد التي إذا ما جـاء بها الأجنبي يتعرض الأبعاد وفي تعريف أخر”بأنه قرار تصدره السلطة العامة في الدولة لأسباب تتعلق بأمنها الداخلي و الخارجي. وتطلب بمقتضاه من الأجنبي مغادرة أراضيها خلال مهلة محددة وعدم العودة إليه و إلا تعرض لجزاء الإخراج بالقوة”
ونجد إن هذا التعريف يكيف الإبعاد بأنه عقاب في حين إن الإبعاد من إجراءات الضبط الإداري ، ومن المسائل التنظيمية في اكثر التشريعات المقارنة وليس له صفة العقاب كما سنرى ذلك لاحقا. وفي تعريف مغاير بأنه “قرار صادر من السلطة المختصة في مواجهة الأجنبي المقيم على إقليم الدولة ويترتب عليه إقصاؤه”
ونلاحظ قصور هذا التعريف أيضاً عن بيان أسباب الإبعاد . ولابد من أن نشير إلى إن هناك تعريفات أخرى أوردها فقهاء آخرون لا تخرج في حقيقتها عن مضمون التعريفات التي أوردنها كما إن بعض فقهاء القانون الدولي الخاص لم يتطرقوا إلى تعريف آلية الإبعاد أصلا ، كما أن جميع التعاريف الواردة في أعلاه اقتصرت على إبراز الطابع الوطني لآلية الأبعاد دون أن تأخذ بعين الاعتبار المعايير الدولية التي يفترض أن تتقيد بها الدولة عند ممارسة الأبعاد فهذه المعايير تفضي إلى تدويل آلية الأبعاد .
ومن الجدير بالملاحظة إن إجراء الإبعاد تمارسه الدولة على الأجانب المقيمين على إقليمها الذين تقام بحقهم أسباب معينه تقضي إبعادهم, أما من حيث إمكانية تطبيقه على الوطنين فنجد دساتير اغلب الدول نصت على حظر إبعاد الوطنيين مهما كانت الأسباب
.، ومن خلال ما تم عرضه من تعريفات للإبعاد نعتقد أن التعريف الأكثر شمولاً هو الذي يعرف الأبعاد بأنه : “قرار تصدره السلطة المختصة في الدولة تنهي بمقتضاه إقامة احد الأجانب ومنهم اللاجئين المقيمين بطريقة قانونيه على أراضيها وتأمره بمغادرة الإقليم خلال مده محددة وألا يعود إليه مرة أخرى مادام قرار الإبعاد قائماً لإخلاله بمقتضيات النظام العام “وبذلك فيكون الإبعاد ذات طابع مزدوج فهو حق للدولة وواجب عليها لحماية مجتمعها وفقاً لأسباب معينه ويأتي امتثال الدولة في آلية الأبعاد للقواعد الدولية احد أهم واجباتها الدولية كما انه يكفل لها الثقة العالمية