كلية أركان حرب ، المدرسة الحربية ، العلوم العسكرية في الجامعة ، كلها جهات تهدف لتأهيل الفرد لكي يصبح عسكري متسلح بالتدريب لخوض المعارك وقت الحاجة ، والعقول العسكرية الأكاديمية في وقتنا الحاضر باتت تعتبر كل هذا لا فائدة منه بسبب الطفرة التكنولوجية المتسارعة التي تفاجئنا كل يوم بشيء جديد ، وتترك بصمتها في معارك كثيرة خصوصا في السنوات الخمس الماضية .
الدعوات تتزايد إلى تقليص أعداد الجيوش الهائلة إلى أكثر من سبعين بالمائة دفعة واحدة ، والاستعانة بكوادر هندسية محددة من أجل مراقبة الحدود عبر الكاميرات التي تسجل الصغيرة والكبيرة وعلى مدار مسافات طويلة ،ومن أجل توجيه ضربات قاضية للخصم.
الحرب الروسية الأوكرانية أكبر دليل على صحة كلامي ، الطائرات المسيرة تحوم في السماء وتقصف أهدافها بدقة متناهية وتخرج من الحدود الروسية الأوكرانية ، وبعد الانتهاء من المهمة بوقت قياسي يخرج جنود قلة ويتوجهون نحو الهدف المحدد الذي تم تدميره للتأكد ، وبعدها القضاء على ما تبقى منه أن كانت هناك بقايا لم يصلها التدمير ، أما جيوش على مد البصر ومعها دبابات فهذا المشهد بات نادرا إلا في بعض الحالات .
الآن هناك مساعي جادة و حثيثة إلى ابتكار سلاح يسير على الأرض مشابه للدبابات الثقيلة ، وذلك حتى يتم الاستغناء على القوة العسكرية التي تتواجد على أرض الواقع ، وسوف يكون شكلها مشابه للعربات التي تستخدمها وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” في رحلاتها الفضائية الاستكشافية ، لأن هذه العربات عمرها أكثر من عقدين ونجحت في الكثير من مهماتها وما تبقى هو إضافة لمسات عليها لجعلها سلاح لا يقهر .
الجندي المدرب الذي يفرض أن يكون في ساحة القتال الملتهبة سوف يحل محله انسان يجلس خلف أجهزة كمبيوتر مربوطة بالأقمار الصناعية وخرائط دقيقة للغاية على شاشات كبيرة وحوله زملاءه المتخصصين بمجالات مختلفة ، يحددون الهدف وبكبسة زر يتم توجيه الضربة ، دون أن يتحرك جندي من مكانه ويتعرض ولو لخدش بسيط في جسده، وفي الختام مثلما قضت التكنولوجيا الحديثة على مهن كثيرة كانت موجودة منذ فجر التاريخ جاء الأن الدور على العمل العسكري حتى تصبح من المهن التي يمتهنها فئة قليلة للغاية في السنوات القادمة .