إن إسرائيل لا يمكنها ترك فراغ في غزة وسيتعين عليها الإبقاء على قوة هناك في المستقبل القريب لمنع حماس من البزوغ مجددا في القطاع. كما يشعر مسؤولون غربيون بالقلق من أن إسرائيل ليس لديها خطة واضحة لما سيأتي بعد ذلك في غزة بعد تعهدها بالقضاء على حماس، المتأصلة بعمق في المجتمع الفلسطيني والتي لها أجنحة سياسية وعسكرية.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة أكثر من 11500 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلا عن إصابة نحو 29 ألف شخص، إضافة إلى أكثر من 2700 مفقود تحت الأنقاض تمضي الحرب الإسرائيلية يومياتها في قطاع غزة، ومعها ينهمك المسؤولون في تل أبيب، في وضع خطط مستقبل القطاع.
انشغال التصورات المطروحة بالأساس بالقضاء على حماس بأي شكل من الأشكال، وتعتبر أن العملية البرية الإسرائيلية قادرة على تحقيق هذا الهدف، وهو ما لا تعكسه تطورات الأوضاع الميدانية حاليًا في غزة بعد شهر كامل من العمل العسكري، في ضوء ارتفاع التكلفة الإنسانية والبشرية كنتيجة للعملية العسكرية الإسرائيلية، فضلًا عن إغفال احتمالية اتساع النطاق الجغرافي للصراع خارج حدود مسرح العمليات بقطاع غزة، بل وخارج حدود دولة إسرائيل
الخيارات الأميركية الثلاثة المطروحة لمستقبل غزة، فتتضمن بحسب المطلعين إمكانية وضع قوة متعددة الجنسيات قد تشمل قوات أميركية، إذا نجحت القوات الإسرائيلية في إزاحة حماس قوة حفظ سلام في حين يتضمن الخيار الثاني إمكانية إنشاء قوة حفظ سلام على غرار تلك التي تشرف على اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، ووضع غزة تحت إشراف مؤقت للأمم المتحدة.
ووفقًا للأشخاص المطلعين، يتمثل أحد الخيارات أيضا في منح الإشراف المؤقت على غزة لدول من المنطقة، مدعومة بقوات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا. خصوصا أن السلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية، لم تبدِ أي استعداد على إدارة غزة. أن الحديث عن تلك الخطط أو الخيارات أمر مبكر، أو غير محتمل حتى.
لاسيما أن جميع الخيارات الثلاثة تنطوي على مخاطر سياسية بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن. إذ يعتقد بايدن أن وضع فصيل صغير من القوات الأميركية في خطر يمكن أن يكون محفوفًا بالمخاطر سياسيًا، وفقًا لشخص مطلع على تفكيره، الذي أضاف أن الولايات المتحدة ليست قريبة من اتخاذ قرار كهذا. يذكر أن عدة مسؤولين إسرائيليين كانوا أكدوا مرارًا في السابق أنهم لا ينوون احتلال غزة، لكنهم شددوا في الوقت عينه على أنهم لن يسمحوا لحماس بالاستمرار في الحكم بعد هجوم السابع من أكتوبر. أن التصورات الغربية لليوم التالي في قطاع غزة، تستهدف بالأساس إخراج إسرائيل منتصرة تمامًا في تلك الحرب، إذ تستهدف مصر حلًا عادلًا وشاملًا يضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ولعلّ عدم الانتباه لمحددات الموقف المصري الثابت والمعلن من القضية الفلسطينية،
يعد من أهم أسباب عدم قابلية السيناريوهات الغربية المطروحة لمستقبل غزة للتحقق على أرض الواقع، وترتكز الرؤية المصرية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على الاعتقاد الجازم في أنه لا سبيل لحل القضية الفلسطينية سوى من خلال الدولتين، وأن تصورات البعض بشأن جدوى الحل أو الحسم العسكري لهذا الصراع هي خارج إطار الواقع، ولا يمكن القبول بها وأن السياسة الإسرائيلية القائمة على إغلاق الأفق السياسي أمام الفلسطينيين ستكون عواقبها وخيمة، ومن ثم فلا بديل عن إحياء المسار السياسي”.
الشيء المشترك في كل السيناريوهات، هو أن “حماس”، لن يكون لها وجود في حكم غزة، لكن الأوضاع على أرض الواقع حتى الآن، لا تشير إلى انكسار للمقاومة الفلسطينية في القطاع. لم تستطع معظم التصورات الغربية المطروحة لليوم التالي في قطاع غزة، تجاوز الدور المصري وأهميته القصوى باعتباره “العامل المرجح” لأي من هذه السيناريوهات المستقبلية، التي يمكن أن تنتهي إليها الأوضاع في القطاع. ومع ذلك، فإن تلك التصورات لم تتنبه بالقدر الكافي لمحددات ذلك الدور، ليس فقط فيما يتعلق بالأزمة الحالية في غزة، ولكن بتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بشكل عام.
إذ تستهدف مصر حلًا عادلًا وشاملًا يضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ولعلّ عدم الانتباه لمحددات الموقف المصري الثابت والمعلن من القضية الفلسطينية، يعد من أهم أسباب عدم قابلية السيناريوهات الغربية المطروحة لمستقبل غزة للتحقق على أرض الواقع.
وترتكز الرؤية المصرية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على الاعتقاد الجازم في أنه لا سبيل لحل القضية الفلسطينية سوى من خلال الدولتين، وأن تصورات البعض بشأن جدوى الحل أو الحسم العسكري لهذا الصراع هي خارج إطار الواقع، ولا يمكن القبول بها. وأن السياسة الإسرائيلية القائمة على إغلاق الأفق السياسي أمام الفلسطينيين ستكون عواقبها وخيمة، ومن ثم فلا بديل عن إحياء المسار السياسي. عن التصورات التي تتعلق بتواجد إقليمي أو دولي أو أممي لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، خاصة أن التفكير الغربي في هذا التواجد بذريعة المساعدة أو تهيئة الأجواء لعودة السلطة الفلسطينية، وتمكينها من إدارة القطاع، وإن كان يحمل بعض الوجاهة النظرية؛
إلا أنه يحمل بذور القضاء على الفكرة تمامًا، فلا السلطة الوطنية الفلسطينية ستقبل بأن تلتصق بها فكرة العودة المدعومة غربيًا إلى القطاع في مواجهة فصائل فلسطينية، ولا الفلسطينيون أنفسهم في القطاع أو الضفة الغربية سيرحبون بذلك. كما أن التجربة الغربية لإعادة بعض الأطراف إلى مواقع السلطة بهذا الشكل كافية، على نحو ما حدث في العراق قبل نحو عشرين عامًا، لرفض تلك التجربة شعبيًا. علاوة على ذلك، فإن طرح السيناريوهات الغربية فكرة الفترة الانتقالية كمدخل لتواجد دولي، تبقى هي الأخرى فكرة نظرية غير مرحب بها. خاصة في ضوء الخبرة السلبية أيضًا في المنطقة لتلك الفكرة، حيث لا توجد أية ضمانات تتعلق بضمان انتهاء المرحلة الانتقالية في موعدها المقرر، واستعادة الوضع الطبيعي الذي يخدم القضية الفلسطينية ومسار التسوية. بل إن احتمالات أو على الأقل التخوف من تحول المرحلة الانتقالية إلى وضع مستدام يصعب تعديله أو تغييره، تظل قائمة، وتمثل مبررًا كافيًا لرفض الفكرة من أساسها. ظلّ أنّه مثلما تكشف اللحظة الراهنة للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني في قطاع غزة عن تصورات وسيناريوهات غربية منحازة لإعفاء إسرائيل من مسئوليتها عما جرى في قطاع غزة، ومحاولة تصدير الأزمة إلى أطراف إقليمية ودولية أخرى، دون الاهتمام بالحل الشامل للقضية الفلسطينية؛ انه ليس من الواضح بعد كيف ستكون نهاية الحرب. لكن من المحتمل أن تؤدي إلى تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، تحتل إسرائيل أحدهما والجزء الثاني مع «حماس».
01277691834