كل شهر في السنة يعرف جيدا إلى أي فصل ينتمي… ربيعا كان أم صيفا …شتاء” هو أم خريفا….
إلا شهر واحد …ذلك هو آذار .
آذار ولد ليكون آخر شهر في القافلة الشتوية، فهو يأخذ الطابع المناخي للشتاء، لذا نرى فيه أمطارا غزيرة، أياما قد تكون باردة ، رياح تأتي وتذهب، لكن وبسرعة كبيرة مباغتة نراه يتمرد على وطنه (الشتاء) ، فيحلق كالطير الهارب توا من حبسه، مسرعا على غير هدى ولاهدف يشغله سوى متعة التحليق.
فيأتي لنا آذار بأيام مشمسة دافئة ، تشبه تلك التي يحملها لنا الربيع ، ثم شيء ما يسحبه بقوة فهو لايستطيع الإنسلاخ فيعود مسرعا ليلتصق بفصل الشتاء .
إنه الحنين!
آذار هذا يذكرني بتلك الكلمات التي كتبها زهير الدجيلي في أغنية (حسبالي) لسعدون جابر حيث يقول:
(محيرني ساعات الصبح شوو جنك تودعني/وساعات بغياب الشمس ملهوف ومضيعني).
مد وجزر… لهفة محمومة ثم هروب غير مفهوم.
هذا النوع من الناس أسميه أنا آذاريو العواطف .
إنهم يشبهون شهر آذار في هروبه ثم التصاقه.
آذاريو العواطف هؤلاء أنا شخصيا لاأخشى منهم.
لأنهم يعودون …دوما
قد يتوهون قليلا ويحلقون بعيدا لكن حنينهم للوطن (للحبيب) يكاد يقتلهم.
إنه يسحبهم بقوة فتعود أرواحهم التائهة إلى أحضان وطنهم وسكنهم الروحي…
إلى الحبيب …لايمكنهم الإنسلاخ من علاقاتهم الأم.
يراودني هنا سؤال
لماذا؟
حقا لماذا لانستطيع الانسلاخ من بعض العلاقات؟!
لماذا نحاول الهرب والتحرر ثم نعود خائفين كالأطفال نبحث عن صدر الأم الدافئ!
هل هو الإدمان؟!
كلا لو كان إدمانا أو تعودا لكانت بضع سنوات من الإبتعاد كافية لإنهائه.
حقا هنالك علاقات لانعرف كيف نصنفها!
لأنها تعطينا معنى للحياة ..سببا لوجودنا
لإندفاعنا لإبداعنا سكنا لأرواحنا المتعبة
علاقات لايمكن لها من أن تصنف
آذار لايصنف
لكن لماذا نكثر من الاسئلة عن شيء اجابتنا عليه فيروز منذ زمن بعيد في واحدة من أروع أغنياتها
(ياريت)
يشدو صوتها الفيروزي الشجي ليتغلغل في الروح وهي تقول
(لو رجعت بجن / وان تركتك بقشا / لاإدراني فل /ولا إدراني ابقى)
ياريت …ياريت