وزير الأوقاف ورئيس اتحاد إذاعات وتلفزيونات منظمة التعاون الإسلامي
يفتتحان الدورة الدولية التي تعقدها أكاديمية الأوقاف لإعلاميي الاتحاد بعنوان:
“دور الإعلام في ترسيخ القيم الإنسانية ونبذ الكراهية”
ومن أهم معانيه أن يكون قيميًّا وأن يكون وطنيًّا
ويبصر بالصديق من العدو
وأهم أسلحة الإعلام هي الثقافة
والمثقف الحقيقي لا يمكن أن يبيع دينه ولا وطنه بالدنيا وما فيها
في إطار دور وزارة الأوقاف المصرية في نشر الفكر الوسطي المستنير داخل مصر وخارجها، افتتح معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة والدكتور/ عمرو الليثي رئيس اتحاد إذاعات وتلفزيونات منظمة دول التعاون الإسلامي الدورة العلمية الدولية الخامسة التي تعقدها أكاديمية الأوقاف الدولية لأعضاء اتحاد إذاعات وتلفزيونات منظمة دول التعاون الإسلامي صباح اليوم الأحد 24 ديسمبر 2023م بفندق جراند نايل تاور بالقاهرة، لعدد (13) من كبار الإعلاميين ومقدمي ومعدي البرامج التلفزيونية والإذاعية باتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي من (11) دولة، بحضور أ.د/ إسماعيل عبد الغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ونخبة من أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ونخبة من علماء الأمة، وقيادات وأئمة وزارة الأوقاف، وطلاب وطلبة الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
وفي كلمته رحب أ.د/ محمد مختار جمعة بالسادة الحضور جميعًا وبالسادة الإعلاميين ممثلي دول اتحاد إذاعات وتلفزيونات منظمة التعاون الإسلامي المشاركين بهذه الدورة، والتي تأتي تحت عنوان: “دور الإعلام في ترسيخ القيم الإنسانية ونبذ الكراهية”، مؤكدًا أن التدريب مسألة حيوية، ونحن في وزارة الأوقاف قد جعلنا مما يسمى بالتدريب النوعي التراكمي المنهجي المستمر خطًّا ثابتًا، وهذا إحياء للمفهوم الإسلامي الذي أصَّله العلماء الأوائل عندما قالوا أن العلم من المهد إلى اللحد، ومن المحبرة إلى المقبرة، كما نشجع الأئمة على الدراسات العليا.
وأكد وزير الأوقاف أنه يوجد الآن نحو سبعة آلاف إمام وواعظة على طريق الدراسات العليا في التخصصات المختلفة، وليس في التخصصات الشرعية فقط، هناك من يحصل على الدكتوراه في الدراسات الاسلامية باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو الإسبانية أو الدكتوراة في التربية أو الإدارة أو الاقتصاد، بإجمالي 6695 إمامًا وواعظة على طريق الدراسات العليا في التخصصات المختلفة، كما تم توقيع بروتوكولات تدريب مع 23 جامعة لتدريب الأئمة والواعظات، أما في جانب الدورات فأقمنا خمس دورات تحت عنوان قادة فكر، بالإضافة إلى عدد من الدورات بالتعاون مع الأزهر الشريف للتمييز الدعوي، وكذلك عقدنا سبع دورات متكاملة لسبع دفعات بأكاديمية الأوقاف الدولية تم فيها تدريس العلوم الشرعية والعربية وعلم النفس وعلم الاجتماع والثقافة العامة، كما تم عقد عدة دورات حول مفهوم الأمن القومي، وكذلك عدد من الدورات مع أكاديمية الشرطة حول مواجهة الأفكار الهدامة، وثماني دورات مع أكاديمية ناصر العسكرية حول الاستراتيجية والأمن القومي، كما تم عقد عدد من الدورات مع معهد البحوث الاجتماعية والجنائية، كما تم عقد 106 دورة في الجامعات المصرية المختلفة في علم اللغة وعلم النفس وعلم الاجتماع ومهارات التواصل، وتم عقد عدة دورات مع الأكاديمية الوطنية للتدريب، وتم عقد 3 دورات بالهيئة الوطنية للإعلام، ثم كان البناء الثقافي للأئمة والواعظات وزيارة العديد من الأماكن وعلى رأسهم القاعدة البحرية وقناة السويس، كل ذلك قصد توسيع المدارك الثقافة والانتماء الوطني لدي الأئمة والواعظات.
وأكد وزير الأوقاف أن الإعلام الرشيد يبني ولا يهدم، لا يؤجج ولكنه يُبصِّر بالصديق من العدو، ولا يجعل الصديق عدوًّا ولا العدو صديقًا، ومن أهم معانيه أن يكون قيميًّا وأن يكون وطنيًّا، فرسالتنا رسالة القيم، والإعلامي الحقيقي مثقف حقيقي، وأهم أسلحة الإعلام هي الثقافة، والمثقف الحقيقي لا يمكن أن يبيع دينه ولا وطنه بالدنيا وما فيها، فالإعلام صناعة وفن ورسالة , ولا ينكر دوره وأهميته إلا مغيب عن الواقع , ولا شك أن الإعلام الهادف الرشيد أحد أهم مكونات الشخصية السوية , وأن الإعلام واحد من الأسلحة العصرية في المعارك والقضايا الفكرية والثقافية وتجييش الرأي العام أو تهيئته, وأن فقه المرحلة يحتاج إلى التوازن بين الإعلام الكاشف والإعلام الباني , فلا يمكن لأحد أن ينكر دور الإعلام الرشيد في بناء المجتمعات والدول بصفة عامة وبناء الفكر الرشيد بصفة خاصة , كما لا يمكن لأحد أن يتجاهل خطر استخدام بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل في العمل على هدم الدول أو إفشالها , وبخاصة الإعلام الممول من تلك المنظمات أو الدول الراعية للإرهاب، فالإعلام بصفة عامة جزء من الوطن ومن أهم مكوناته, والإعلاميون هم نخبة من أبنائه ومثقفيه ومستنيريه, فمن يبصّر بقضايا الوطن الحقيقية ويواجه مخططات أعدائه إن لم يكونوا هم في الطليعة من ذلك؟
ونرى أن الإعلام الرشيد لا يمكن أن يقوم على مجرد تصيد الأخطاء أو حتى مجرد رصدها وينتهي دوره عند هذا الحد معتبرًا الإثارة غاية لا وسيلة فالإعلام الرشيد هو ذلكم الإعلام الذي يسهم في اقتراح الحلول , ومعالجة المشكلات , ويهيئ الطريق وينيره أمام القائمين على شئون البلاد والعباد والمؤسسات , وهو الذي يذكر الإنجاز كما يبرز الإخفاق , والذي يشد على عضد المجتهدين كما ينعي باللائمة على المقصرين، الإعلام الرشيد هو الذي يعي طبيعة كل مرحلة وما تقتضيه المصلحة الوطنية , واختيار الأوقات المناسبة لمعالجة القضايا، الإعلام الرشيد يعني الموضوعية دون تهويل أو تهوين أو إفراط أو تفريط.
الإعلام الرشيد هو الذي يسمو صاحبه فوق الانطباعات الشخصية إلى درجة المعالجة الموضوعية , وهو الذي ينصف المختلف معه عندما يحسن أو يكون الحق في جانبه , كما ينصف المتفق معه أو حتى الموالي له ولا سيما إن كانت الصحيفة حزبية أو خاصة.
الإعلام الرشيد هو الذي يحدد أهدافه ويعمل على تحقيقها , ويرتب أولوياته ويعمل على إنجازها, ويتخذ من كل ما يؤدي إلى البناء والتعمير ومواجهة الفساد والانحراف ومحاولات إفشال الدولة خطا ثابتًا .
ذلكم هو الإعلام الذي نفخر به عندما نطلق عليه مصطلح الإعلام الوطني أو الإعلام الرشيد أو الإعلام النبيل , أو الإعلام الهادف , أو الإعلام البناء , وذلكم هو الذي يبقى ويضمن لصاحبه أو لمؤسسته خلودًا حقيقيًّا لا زيف فيه , ويسهم في بناء الشخصية القويمة وتشكيل الهوية الوطنية المبهرة .
على أن مفهوم الإعلام العصري يتجاوز عالم الصحافة والتلفاز إلى آفاق أوسع وأرحب تشمل كل آليات التواصل الحديثة والعصرية مقروءة ومسموعة ومرئية بشتى الآليات والأدوات والوسائل، فإذا كانت القيادة مسئولية وأمانة، فإن ممارسة النقد والتحليل أيضًا مسئولية وأمانة، وكلنا مسئولون أمام الله (عز وجل)، كل عن الأمانة التي ولاه الله إياها، كما أننا مسئولون عن بناء وطننا، والعمل على نهضته ورقيه من خلال سبل البناء والإصلاح لا الهدم والنقض، ولا النفعية أو حب الظهور، على أن الغالبية العظمى صارت تميز الغث من السمين، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ”.