وحدي والطريق..
و أنين الخطى ناقوسا يدق
أحمل على ظهري آثام غربتي
ورجفة..رجفة
أصعد تلال المنفى
أترك خلفي أحلاما وردية
تدور في طواحين السراب
تلاحقني..
نتفا من ثلج الغياب
وصدى مواعيد بترها المحال
وشيء من ظلال أيام تولت
ثم الكثير من غيم العتاب
وحدي وأنواء المسير
وعلى الأفق طيوف تقيم
وفي المدى حفيف يهيم
أظنه..
.. رجع أصداء الحنين
كم مشينا ذاك الطريق
والإياب..
.. قاب شهقات اللقاء
مابالنا الآن نخطو في شرود
نعي أننا رهن المغيب
وأننا أبدا ..
..لن نعود !!
***
خمسون غيمة في المدار
خمسون غيمة تقترب
توشك أن تشد الرحال
أترى اقترب الزوال
خمسون غيمة ونحن رهن الأمكنة
كما الخيال معلقون في حبال الأسئلة
خلفنا شموس الحلم تجتر الآمال
والمنى..
نبت من وعود قيدها المحال
خمسون غيمة والمدى ثقبا يضيق
والجناح يشمله الوهن
ياصديق..
ماعاد يكفينا الوقت المتاح
لا تسلني عن بدايات بعيدة
لستٌ أعرف كيف ابتدأنا الطريق
لكننا ندرك شكل النهاية
نسلم الصمت رايتنا الأخيرة
ننسى الشوارع والأزقة والقوافي
نترك الالحان تشدو في الفراغ
وصفير آخر القطارات يدويّ
نمضي إليه في سكون
لا حقائب..
رغم أثقال كثيرة
نجلس في مقاعدنا الأخيرة
ياصديق..
مابال رحلتنا طويلة
والصقيع..
.. ضيف ثقيل
غائم ذاك القطار
لا تذاكر..
لا سعي بين الآرائك
لا صوت بائع يزعجك
لا شطائر..لا عصائر
فرغت الأقداح واعتزل السمر
لا قمر يسقط ظله في الكأس المباح
لا اقتسام للصحاف ولا صياح
لا طاولة
لا محطات للوقوف
لا إشارات مرور
ودون قائد ..
.. يجوب الأمكنة
أو ربما..
حط الرحال في سكون الأزمنة
ياصديق..
لا مواعيد جديدة للقوافي والمنابر
لا بيت آخر للقصيد
لا أسئلة
كل الوجوه في وجوم حائرة
كل العيون للأمام ناظرة
والخلف ينهبه الضجيج
ياصديق..
مر عام تلو عام..
والصخب عنوان الدروب
والأماني لافتات للقلوب
من كل صوب تجتبينا الهرولة
وعن الصواب كم كنا نحيد
يعترينا شغف البداية
ترجفنا لحظات الوداع
وعلى شفة الضياء نرتحل
للمواعيد وللآماسي وللسفر
ننشد الأشعار
وفى ركاب الأمل العنود..
.. كنا الوفود
ياصديق ..
تلك آخر القوافل
فاطوِ القوافي وارتحل
أسدل شعار المغيب
أغلق أبواب الإياب
وصُم قلبك عن كل نداء
ذاك القطار مدرجا ضمن الغيوم
لا قوائم تحمل الأسماء إن طال الرحيل
لا فقد يعقبه السؤال
لا ركض خلف أسراب السراب
لا غرق في تلك المتاهة
قد نجونا..
مذ حملنا للغياب
قد تحررنا من أسر المواجع
من دوائرنا الكثيرة
من موات كل يوم
قد نجونا من صراخ الذكريات
من نداء لا يكف
للقاء.. وللعناق
للأمنيات..
والغد الآتي نحسبه البعيد
من حنين يعترينا
دهشة العمر الغريب
ياصديق..
هاقد اغترب الطريق
وتلك موتتنا الأخيرة !!