بداخل كل منا جينات للمقامرة أو المغامرة..فماذا نختار ؟
**خيط رفيع يربط المقامر بالمغامر يتمثل فى تقارب الفعل…والتوجس من النتائج والتداعيات..ورغم التقارب في حروف الكلمتين مع استبدال «القاف» فى الأولى ب «الغين» فى الثانية..إلا أننا نستطيع إدراجها ضمن قاعدة السلوكيات المتضادة.. مثل الشهامة والنذالة.. الشجاعة والجبن, الخوف والاحترام.. البخل والعطاء. المكسب والخسارة- الأمل واليأس.. إلخ وإن كان سلوك المقامرة أو المغامرة مشتركان فى انتظار ضربة حظ تحقق لهم المكسب.. وحتى عندما يخسرون الجولة أو المال. يتسرب إليهم صاحب المحاولة من جديد.. أملاً فى التعويض ثم المكسب.. وهى نفس المشاعر التى تنتاب المغامر إذا فشلت محاولته.. نادراً ما يقلع عن التكرار ويفكر فى مسار جديد وغالباً ما يتحول الفشل.. قاعدة مثالية للنجاح.
**وإذا كانت المقامرة سلوكا مكتسبا لظروف تتداخل فيها الوجاهة بالرغبة فى المكسب السهل والسريع.. فإن المغامر يحركه الثقة بالنفس والرغبة فى استطلاع المجهول والانتصار على تحديات الطبيعة من جبال وأنهار ويبتكر مسابقات ومنافسات مبهرة وربما مستحيلة مثل القفز فى السماء دون مظلة.. أو الغطس فى أعماق البحار دون ملابس الغوص والمعدات.. ويتميز المغامر بالصبر عندما يقرر آحدهم عبور القارات سيراً على الأقدام.. أو المحيطات فى قارب شراعى بسيط.. وحتى التحدى مع منافسين فى التهام الكمية الأكبر من الحلوى والطعام.. وربما السير على
اليدين أكبر مسافة ممكنة.. وغير ذلك ما تنقله الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.. ويتحدث عنه الناس.
** أما المقامر فيتحرك فى مجال محدد.. وخط بيائى متصاعد..يبدأ باليانصيب وألعاب الورق والرهانات فى الموالد والأحياء الشعبية.. ثم بتطور الأمر بلعب الكوتشينة والدينامو والطاولة وربما الشطرنج فى الأماكن الراقية. . يجلس فى المقهى أمامه المنافس وحوله (مشجعى الطرفين.: يشجعون اللعبة أو النقلة الحلوة…والخاسر يتكفل بدفع ثمن المشاريب..وينزع من هذه البداية.. ما تشهده البيوت من مباريات ودية.. تعتمد على ورق اللعب. مثل الكومى والشايب وحتى البريدج الذى تنظم له مسابقات دولية كان من فرسانها النجم العالمى الراحل عمر الشريف.
** ورغم عدم سماح الكثير من الدول بلعب القمار فى الأماكن العامة إلا أن منظومة المقامرة وطدت أركانها في
مراكز عالمية شهيرة.. مثل لاس فيجاس.. وموناكو..
متخصصة فى القمار واجتذاب راغبى المقامرة من أنحاء العالم بالإضافة لصالات قمار بعدد من الفنادق العالمية الكبرى لأسباب تتعلق بالترويج السياحي فى أغلب الأوقات… ولسنا فى حاجة لإشارة إلى الشهرة التى حصل عليها القمار سلوكاً وظاهرة وأماكن مبهرة من خلال الدراما وإقبال المشاهير والأثرياء على التواجد بها القضاء الوقت للراحة والترفيه.
** ومع الانعكاسات السلبية التى تحوط أشباحها المصابين بداء المقامرة. وما يروى عن غرائب فى أشكال الخسارة خلال جولات المقامرة وربما الملل فى أحيان أقل حاول الكثيرون الإقلاع عن المقامرة باعتبارها أحد صور الإدمان.. البعض ينجح ويعود إلى حياته والتزامات والبعض يصاب بانتكاسة أو يعانى من الاحباط التام ويبقى الوازع الدينى والأخلاقى طاقة أمل للتخلص من داء مهما كان البريق المحيط به إلا أن نهاية الطريق دائماً هى الخراب والدمار.
** أما مسار المغامر والمغامرين يحمل جينات الشجاعة والاحترام…وكم من الإنجازات الرياضية والعلمية والاستكشافية.. قام بها مغامرون.. التقطت عقولهم الإشارة.. اعتبروها حلم حياة.. استنفدوا طاقاتهم ومواهبهم. ووضعوا الخطط والبدائل… تدرجوا أو قرأوا أو فحصوا الهدف بكل تجرد واهتمام.. ثم انطلقوا فى تنفيذ المهمة المقدسة.. تحملوا كل المصاعب والعقبات.. جاء الفشل دافعاً لهم
على الإستمرار والبدء من جديد يمضون بثقة إلى لحظة الإنجاز والتتويج. .وحتى إذا فشلوا يتركون رسالة واضحة للأجيال القادمة للاستكمال والإعجاز… من هنا ينفصل المقامر والمغامر ..كل فى طريق.
صالح إبراهيم