الكيان الصهيوني .. لم يتعلم من تحذيرات موشي ديان ..!!
العملية العسكرية في رفح .. كارثة إنسانية بحجم جديد!!
وزير الدفاع الأسبق: مشاعر الكراهية.. تلهب حياة العرب من حولنا
لن ينسى الفلسطينيون النكبة.. ولن يتوقفوا عن حلم العودة..!!
7 أكتوبر بداية عصر مظلم لإسرائيل.. ونذير بما سيأتي ..!!
“طوفان الأقصى” .. أعادت توحيد السنة والشيعة في المنطقة ..!!
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
هل يمكن تجاهل جميع التحذيرات؟؟ المنظمات الدولية والمدافعون عن حقوق الإنسان وعدد من الزعماء الغربيين يحثون إسرائيل للامتناع عن شن هجوم بري واسع النطاق على رفح المكتظة بالسكان ويعيش فيها حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني نازح في مخيمات مؤقتة بعد أن فر معظمهم من مناطق أخرى من غزة التي دمرتها الآلة العسكرية الإسرائيلية.
في مكالمة هاتفية، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن إسرائيل تخاطر بحدوث “كارثة إنسانية بحجم جديد”. وقال بيان مشترك لزعماء أستراليا وكندا ونيوزيلندا إن “العملية العسكرية في رفح ستكون كارثية” ودعا إسرائيل “لسماع أصدقائها”. وكتب رئيسا وزراء إسبانيا وإيرلندا للسلطات في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، أن إسرائيل قد تنتهك اتفاقية الشراكة مع الاتحاد وطالبا بـ”مراجعة عاجلة”.
وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن احتمال حدوث انتهاكات صارخة وجرائم حرب يتصاعد في الصراع الذي شهد مقتل أكثر من 27 ألف فلسطيني -غالبيتهم من النساء والأطفال -وتدمير البنية التحتية بغزة. وقالت أليس ويريمو نديريتو مستشارة الأمم المتحدة المعنية بمنع الإبادة الجماعية إن “خطر ارتكاب جرائم وحشية إذا حدث توغل عسكري كامل في رفح هو خطر حقيقي ومرتفع”.
وذكر مارتن جريفيث، كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، إن احتمال شن هجوم بري إسرائيلي يضع عمليات الإغاثة على “مشارف الموت” ويمكن أن يتسبب في مذبحة للمدنيين. وأضاف: “لا يمكن لحكومة إسرائيل الاستمرار في تجاهل هذه الدعوات. التاريخ لن يرحمنا.”
يقول إيشان ثارور في تحليل للواشنطن بوست: رغم كل ذلك يتحدى نتنياهو العالم، حيث انسحب وفد إسرائيل من اجتماعات القاهرة لبحث الاتفاق على هدنة وتحرير المحتجزين في غزة.
الرحيل أو الموت
لم توافق الحكومة الإسرائيلية على وقف القتال، ناهيك عن وقف إطلاق النار. أوشكت إسرائيل على إكمال حربها على غزة، بعد فرض المجاعة الجماعية. وعندما يستخدم القادة الإسرائيليون مصطلح “النصر المطلق”، فإنهم يقصدون الدمار الشامل، والإبادة التامة.
وبإغلاق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي توفر الغذاء والمساعدات للاجئين، لا ترتكب إسرائيل، وراعيها الرئيسي الولايات المتحدة، جريمة حرب فحسب، بل تتحدى، بشكل صارخ محكمة العدل الدولية. ووجدت المحكمة أن اتهامات الإبادة الجماعية التي وجهتها جنوب أفريقيا، وتضمنت بيانات وحقائق جمعتها الأونروا، معقولة.
كان هدف إسرائيل لعقود من الزمن، هو القضاء على الأونروا، التي تدعم 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في الشرق الأوسط بالعيادات والمدارس والغذاء. وتدمير الأونروا يخدم هدفًا سياسيًا وماديًا.
قُتل أكثر من 27708 فلسطينيين بغزة، وأصيب حوالي 67000 آخرين، وفقد ما لا يقل عن 7000 آخرين، يرجح أنهم ماتوا ودُفنوا تحت الأنقاض.
وحسب تقرير لكريس هيدجز على موقع جلوبال ريسيرش، يعاني أكثر من نصف مليون فلسطيني –واحد بين كل أربعة –من الجوع، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. وسوف تنتشر المجاعة في كل مكان قريباً. ويفتقر الفلسطينيون، الذين نزح حوالي 1.9 مليون منهم داخليا، ليس للغذاء الكافي فحسب، بل أيضا للمياه النظيفة والمأوى والدواء.
الناس في حالة يأس، يتناولون علف الحيوانات، والعشب، وأوراق الشجر، والحشرات، والقوارض، وحتى الأوساخ. “لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية أن انحدرت أوضاع شعب بالكامل إلى الجوع الشديد والعوز بهذه السرعة”، كما كتب أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس وكاتب مقال “التجويع الجماعي: تاريخ المجاعة ومستقبلها” في صحيفة الجارديان.
لقد أعطت إسرائيل الفلسطينيين في أحد غزة خيارين: إما الرحيل أو الموت!!
التدمير الذاتي لإسرائيل
ويبدو أن إسرائيل لم تتعلم من تحذير موشي ديان. في إبريل 1956، توجه ديان، رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي وقتئذٍ، إلى ناحال عوز، وهي مستوطنة كان قد تم إنشاؤها حديثاً قرب قطاع غزة. ذهب ديان لحضور جنازة روي روتبرج، والذي قُتل صباح اليوم السابق على يد فلسطينيين.
لو كان ديان يتحدث في إسرائيل الآن، لكان قد استخدم تأبين روتبيرج لتهويل القسوة الرهيبة لقتلته. ولكن خطابه كان متعاطفًا مع الجناة. وقال: “دعونا لا نلقي باللوم على القتلة”. “منذ ثماني سنوات، وهم يجلسون في مخيمات اللاجئين بغزة، و كنا، أمام أعينهم، نحول قراهم وأراضيهم، هم وآباءهم، إلى ممتلكات لنا”.
لم يكن ديان مؤيدا للقضية الفلسطينية. وفي عام 1950، بعد انتهاء الأعمال العدائية، قام بتنظيم تهجير باقي الفلسطينيين المتبقين من بلدة المجدل الحدودية، وهي عسقلان الإسرائيلية حاليًا. لكن ديان أدرك ما يرفض الإسرائيليون قبوله: لن ينسى الفلسطينيون النكبة أبدًا ولن يتوقفوا عن حلم العودة لديارهم. “يجب ألا نتجاهل مشاعر الكراهية التي تلهب حياة مئات الآلاف من العرب حولنا”.
في 7 أكتوبر 2023، تحقق تحذير ديان القديم. تنفيذًا لخطة يحيى السنوار، قائد حماس المولود لعائلة أجبرت على الخروج من المجدل، قام المسلحون الفلسطينيون باقتحام أراضيهم السابقة (إسرائيل) في 30 نقطة بامتداد حدود غزة. وحققوا المفاجأة الكاملة واجتاحوا الدفاعات الضعيفة وأكثر من 20 مستوطنة. قتلوا حوالي 1200 مدني وجندي وخطفوا أكثر من 200 رهينة. عاد أحفاد سكان مخيم ديان للاجئين للانتقام، تغذيهم نفس نوازع الحقد والكراهية التي وصفها ولكنهم الآن أفضل تسليحاً وتدريباً وتنظيماً، حسبما يشير ألوف بن في مقالة على موقع فورين أفيرز.
كان يوم 7 أكتوبر أسوأ كارثة في تاريخ إسرائيل. وبعد فشل جيش الاحتلال في وقف هجوم حماس، رد بقوة ساحقة، فقتل آلاف الفلسطينيين ودمر أحياء بأكملها. وحتى بينما يقوم الطيارون بإسقاط القنابل وتتولى قوات الكوماندوز تطهير الأنفاق، لم تضع الحكومة الإسرائيلية في اعتبارها العداء الذي أدى للهجوم أو السياسات التي تمنع وقوع هجوم آخر.
لكي تعيش إسرائيل في سلام، عليها أن تتصالح مع الفلسطينيين، وهو ما عارضه نتنياهو طوال حياته المهنية. لقد كرس فترة ولايته كرئيس للوزراء، وهي الأطول في تاريخ إسرائيل، لتقويض وتهميش الحركة الوطنية الفلسطينية. وعد شعبه بتحقيق الازدهار من دون السلام. ووعد بأن تستطيع إسرائيل الاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية إلى الأبد بتكلفة زهيدة.
أثبتت هجمات السابع من أكتوبر أن وعود نتنياهو كانت جوفاء. ورغم عملية السلام الميتة وتراجع اهتمام الدول الأخرى، حافظ الفلسطينيون على قضيتهم حية. وفي لقطات الفيديو خلال هجوم 7أكتوبر، يمكن سماع الفلسطينيين وهم يصرخون: “هذه أرضنا!” وذلك أثناء عبورهم الحدود لمهاجمة المستوطنات.
أجبرت صدمة السابع من أكتوبر الإسرائيليين، على إدراك أن رفاهيتهم مهددة بسبب الصراع مع الفلسطينيين. ولا يمكن لاستمرار الاحتلال، وتوسيع المستوطنات، وفرض الحصار، ورفض أي تسوية إقليمية، أن يجلب الأمن لإسرائيل. بل سيكون بمثابة الانتحار.
لا يزال السابع من أكتوبر يمثل نقطة تحول، ولكن الأمر متروك للإسرائيليين ليقرروا نوع نقطة التحول. وإذا استجابوا لتحذير ديان، فمن الممكن رسم طريق السلام والتعايش الكريم مع الفلسطينيين. لكن المؤشرات تدل على أن الإسرائيليين، سيواصلون الاحتلال إلى الأبد. وهذا يجعل 7أكتوبر بداية عصر مظلم في تاريخ إسرائيل، عصر يتسم بمزيد من العنف المتزايد. لن يكون الهجوم حدثًا لمرة واحدة، بل نذيرًا لما سيأتي.
هذا هو الدرس الذي كان ينبغي للبلاد أن تتعلمه من تحذير ديان القديم. ويجب على الإسرائيليين أن يمدوا أيديهم للفلسطينيين ولبعضهم البعض إذا كانوا يريدون تعايشاً صالحاً للاستمرارية ومحترماً.
توحيد الشرق الأوسط؟
مع ذلك، فالحرب لم تعد مقتصرة على إسرائيل والمقاومة. في 25 ديسمبر، قتلت غارة جوية إسرائيلية مسؤولا كبيرا في الحرس الثوري الإيراني، السيد راضي موسوي، بحي السيدة زينب الذي يسيطر عليه الشيعة بدمشق. وفي 2يناير، اغتيل صالح العاروري، نائب رئيس حركة حماس، في هجوم بمسيرة إسرائيلية جنوب بيروت، معقل جماعة حزب الله، الذي يتبادل القصف مع إسرائيل بشكل شبه يومي منذ 7 أكتوبر، واغتالت إسرائيل عدداً من كبار شخصيات حزب الله. وفي البحر الأحمر، هاجم الحوثيون، وهم شيعيون أيضًا، السفن التجارية، مما استفز الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لضرب أهداف الحوثيين في اليمن.
وفي غارة جوية بمسيرة شنتها جماعة شيعية جديدة تدعى المقاومة الإسلامية في العراق قُتل ثلاثة جنود أمريكيين بموقع عسكري بالأردن، وردت الولايات المتحدة بضرب عشرات الأهداف بالعراق وسوريا. وهناك خوف حقيقي من أن ينتهي الأمر بصراع عسكري أمريكي مباشر مع إيران.
نقاط التوتر هذه تظهر المد المتزايد لما يسمى بمحور المقاومة، وهي مجموعة الميليشيات المدعومة من إيران والتي تهاجم المصالح الإسرائيلية والأمريكية في الشرق الأوسط. لكن الأقل ملاحظة هو مدى تسبب هذا الصراع الأوسع في محو الانقسامات الطائفية التي طالما شكلت المنطقة. كانت الحروب الأهلية الشرسة في العراق وسوريا واليمن تشتمل على عنصرين، شيعي وسني؛ ولسنوات، استحضرت إيران والسعودية الانقسامات الطائفية للهيمنة الإقليمية. لكن حرب غزة تحدت هذا الوضع. ولأن أغلبية الفلسطينيين من السُنّة، يثور التساؤل: كيف وجد المقاومةالفلسطينية بعضاً من أقوى حلفائها في الجماعات والأنظمة الشيعية في إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن؟
منذ حوالي قرن مضى، كان دعم الفلسطينيين أمرًا متفقًا عليه بين السنة والشيعة في أنحاء العالم. وفي عام 1931، عُقد مؤتمر بالقدس لتسليط الضوء على التضامن الإسلامي ضد الصهيونية، واقترح المشاركون السنة أن يؤم رجل دين شيعي عراقي مشهور صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى في القدس. وبعد خمسة وسبعين عاماً، خرج حزب الله بأمان من حربه مع إسرائيل في 2006 وحظيت الجماعة بإشادة السُنّة والشيعة على حد سواء. ومنذ بدء حرب غزة، اجتذبت المقاومة مستويات مماثلة من الدعم عبر الطائفتين.
ويقول توبي ماتيسين، في مقال للفورين أفيرز، إن هذه الديناميكية الشعبية جلبت ضغوطاً متزايدة على الحكام العرب ومنحت نفوذاً جديداً في العالم السني للجماعات الشيعية التي دعمت المقاومة. هذه هي المجموعات التي تشكل محور المقاومة، والذي أصبح الآن، تحت قيادة إيران، قوة منسقة في أنحاء المنطقة.
بات واضحًا لواشنطن أنها من المستحيل أن توقف التصعيد الإقليمي ما لم تتمكن من تأمين وقف إطلاق النار بغزة، وإنهاء الاحتلال، وأخيراً إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة. وفي غياب مثل هذه الخطوات الملموسة، ستستمر القوى الإقليمية في استخدام القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسبها الخاصة. ويصعب تصور قيام دولة فلسطينية ونجاحها، ما لم تكن مدعومة من جميع الفصائل الفلسطينية وجميع القوى الإقليمية الكبرى، وقوى المحور.
أوهام “النصر الكامل”
كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد عاد لبلاده من جولته الخامسة في الشرق الأوسط بصفعة على الوجه من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. بعد إجراء حملة دبلوماسية خاطفة عبر العواصم العربية، قدم بلينكن مجموعة من المقترحات لإقرار هدنة بين إسرائيل وحماس وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة.
لكن نتنياهو عارض للصفقة ورفضها بشكل قاطع، واصفًا مطالب حماس بأنها “وهمية” وتعهد بمواصلة الهجمات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وزعم نتنياهو أن “النصر الكامل” على حماس أصبح “في متناول اليد” ووعد “بنزع سلاح غزة إلى الأبد”.
وعندما طلب منه أحد المراسلين تقديم مزيد من التوضيح لما يعنيه “النصر الكامل”، استخدم نتنياهو استعارة تقشعر لها الأبدان، مستشهدا بكيفية تحطيم الزجاج “إلى قطع صغيرة، ثم الاستمرار في تحطيمه إلى قطع أصغر فأصغر، وهكذا”.
وفي مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي، وافق غادي آيزنكوت، القائد السابق لقوات الدفاع الإسرائيلية وعضو في حكومة نتنياهو الحربية، على أن قدرات حماس تقلصت بشكل كبير في شمال قطاع غزة، لكنه أكد أن “كل من يتحدث عن الهزيمة المطلقة [للمقاومة في غزة] وعدم امتلاكها الإرادة أو القدرة [لإيذاء إسرائيل]، لا يعي الحقيقة”.
يرى المسؤولون الأميركيون والأوروبيون والعرب ضرورة استعادة العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. لقد أمضى نتنياهو معظم حياته المهنية عمداً في العمل ضد احتمال حل الدولتين، فشجع الانقسامات داخل الحركة الوطنية الفلسطينية بينما أقنع الجمهور الإسرائيلي والمحاورين في أماكن أخرى بأن الصراع يمكن “إدارته” إلى أجل غير مسمى.
ويرى ثارور وويستفال في مقالة أخرى بالواشنطن بوست، أنه في أعقاب السابع من أكتوبر والحرب المدمرة بين إسرائيل وحماس، أصبحت الحاجة ماسة إلى حل دائم. و الآن، يقول القادة العرب، إن الطريق إلى الدولة الفلسطينية شرط أساسي لأي مشاركة في سيناريو ما بعد حرب غزة. ويتفق بعض المشرعين الأمريكيين مع ذلك. وهناك اقتراحات بأن إدارة بايدن المحبطة يمكن أن تعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية، حتى لو ظلت، كيانًا نظريًا أكثر منها حقيقة.