“خرج عبد ُالله بن جعفر” إلى ضِياعِه (مزارعه) ينظرُ إليها ، فإذا في حائطٍ لنسيبٍ ، له عبدٌ أسود بيده رغيف ، وهو يأكل لُقمة ويَطرَحُ لكلبٍ لُقمة ..!!
فلمّا رأى ذلك اِستَحسَنهُ ،
فقال : يا أسود لِمن أنت ؟
قال : لِمُصعب بن الزُّبير.
قال : وهذه الضّيعةُ لِمن ؟
قال : له .
قال : لقد رأيتُ مِنك عَجبًا ؛ تأكلُ لقمةً وتطرَحُ للكلب لُقمة ؟!
قال : إني لأَستحيِي مِن عينٍ تنظرُ إليَّ أنْ أُوثِرَ نفسي عليها !!.
فرجع ” عبدالله بن جعفر” إلى المدينة فاشترى الضَّيعة والعبد ، ثم رجع ، وإذا بالعبد .. فقال : يا أسود ؛ إني قد اشتريتُكَ مِن مُصعب.
فوثبَ العبد قائماً ، وقال : جعلني اللهُ عليك ميمونَ الطَّلعة.
قال : وإني اشتريتُ هذه الضيعة .
فقال العبد : أكمَلَ اللهُ لك خيرَها .
قال : وإنّي أُشهِدُ أنّك حُرٌّ لوجه الله .
فقال العبد : أحسَنَ اللهُ جزاءَك.
قال : وأُشهِد اللهَ أنّ الضيعةَ مِنّي هديةٌ إليك. فقال العبد : جزاك اللهُ بالحُسنى.
ثم قال العبد : فأُشهِدُ اللهَ وأُشهِدُك أنّ هذه الضيعةَ وَقْفٌ مِنّي على الفُقراء.
فرَجَعَ “عبدالله بن جعفر” وهو يقول : العبدُ أكرَمُ مِنَّا.