برحيل النجم المتفرد يوسف شعبان في مثل هذا اليوم من عام 2021، فقدت الحركة الفنية المصرية واحدًا من ألمع نجومها وأغزرهم إنتاجًا،
فحياته (مولود في 1931، مترعة بأعمال سينمائية ومسرحية وتلفزيونية وإذاعية متنوعة ومتميزة، لكني سأقف سريعًا هنا عند مسرحية (رابعة العدوية).
تلك المسرحية التي قدمها المسرح القومي في موسم 1980/ 1981، لأني كنت محظوظا بمتابعة خطوات إعداداها وتقديمها على المسرح القومي في ذلك الوقت وأنا مازلت أحبو نحو دراستي الجامعية.
بدأت القصة في 20 أكتوبر من سنة 1979 حين التحقت بنادي المسرح المصري الذي أسسته السيدة سميحة أيوب مديرة المسرح القومي آنذاك لتعليم فنون المسرح للشباب الهاوي،
حيث كان الاشتراك السنوي أربعة جنيهات فقط، وكنت طالبًا في السنة الأولى بكلية الفنون الجميلة بالزمالك. وقد منحت الفنانة سميحة إدارة النادي بعض غرف المسرح القومي ليمارس أعضاء النادي نشاطهم الفني،
وهكذا قام كبار المخرجين والمبدعين بتقديم المحاضرات لنا نحن الطلاب، وأذكر من هؤلاء المخرج عبدالغفار عودة والمخرج الدكتور نبيل منيب،
ومن الكتاب كان هناك الدكتور فوزي فهمي والدكتور سمير سرحان والدكتور أسامة أبوطالب والأستاذ صفوت شعلان وكان هؤلاء الكبار يديرون مجلة المسرح التي يصدرها النادي شهريًا.
المهم في هذه الأجواء بدأ المخرج الكبير شاكر عبداللطيف ومساعده الصديق الفنان الكبير شريف عبداللطيف بروفات المسرحية الجديدة (رابعة العدوية) التي كتبها الأستاذ يسري الجندي بلغة عذبة بالغة الجمال،
وقد رأيت كيف اعتذر الفنان أنور إسماعيل عن القيام بدوره، فأسند الدور إلى الأستاذ رشوان توفيق.
تكون فريق الممثلين من النجوم الآتية: سميحة أيوب ويوسف شعبان ورشوان توفيق ورشدي المهدي وناهد سمير ونبيل الدسوقي ومحمود الزهيري وحمزة الشيمي ووحيد عزت وفريدة مرسي وإحسان شريف وغيرهم،
وأذكر جيدًا كيف كان يوسف شعبان أثناء البروفات فنانا جادًا ملتزمًا دقيقا جدًا، ولما بدأ العرض رسميًا كانت قاعة المسرح تضج كل ليلة بالجمهور السعيد الذي ظل يستقبل يوسف شعبان بحفاوة كبيرة جدًا كل مساء،
فقد كان دور (سيد الدوغري) الذي أداه ببراعة لافتة في مسلسل (عيلة الدوغري) يلهب خيال الناس، والمسلسل كان يذاع في تلك الفترة.
وأشهد أن المرات القليلة التي تحدثت فيها إلى النجم الراحل يوسف شعبان في أثناء البروفات كان ينصت لي بأدب ويجيب عن أسئلتي بهدوء وحنو.
وأشهد أيضا أن المسرح القومي في تلك الآونة كان يتلألا بالأضواء طوال الموسم ولمدة سنوات متعددة شاهدت خلالها عروضا مسرحية كثيرة سأكتب عنها يومًا ما، ومن ضمنها مسرحية (الأستاذ) إخراج وبطولة جميل راتب وحسن عبدالحميد ومحسنة توفيق.
أما الفنان القدير المهذب يوسف شعبان، فقد قال يوم وفاة فاتن حمامة مصححا لهجة المذيع الذي قال له: (حضرتك مثلت مع فاتن حمامة أكثر من مرة)، فقاطعه قائلا بحسم: (من فضلك… لقد تشرفت بالوقوف أمام سيدة الشاشة فاتن حمامة ثلاث مرات).
أجل… لقد كان يوسف شعبان فناننا رائعًا بحق.