القيمة السادسة
لم يكن بناء عاديا ، ولا صرحا علميا بسيطا ، بل كان قبلة المسلمين و المستشرقيين وكل العلمانيين وكل طوائف العالم ، وهاجمه كل من يريد الشهرة وتجرأ علي علمائه ومنهاجه كل مجهول نكرة ، فظن أن القرب من الحصن الحصين سبب للشهرة ونسي وتناسي أنه الأزهر الشريف قبلة كل طوائف العالمين …أنه الأزهر الشريف ..
إنه الأزهر ……
حكاية الزمان …و تاريخ الليالي والأيام …ومحراب العلماء . .و مهوي الأوفياء. … و ملجأ المحدثين
..وسراج المفسرين … و مربض الفقهاء وأهل الأصول .. و عرين المتصوفين …. ومنبع الموحدين ..
وأهل العقيدة والدين ..وحصن العربية المنيع الشامخ السامق المبين …حفظ الله لنا أزهرنا العظيم المبارك الشريف..
يعود تاريخ بنائه إلى بداية عهد الدولة الفاطمية في مصر، بعدما أتم جوهر الصقلي فتح مصر سنة 969م، وعندما شرع في تأسيس القاهرة بدأ في إنشاء الجامع الأزهر ليصلي فيه الخليفة، وليكون مسجدًا جامعًا وأتم بناءه وأقيمت أول جمعة فيه في رمضان سنة 361هـ /972م، وعرف بجامع القاهرة
فالجامع الأزهر هو أهم مساجد مصر على الإطلاق، وأحد المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام كذلك هو واحد من أشهر المساجد الأثرية في مصر والعالم الإسلامي، وجزء من مؤسسة الأزهر الشريف ، وشرع في تأسيس القاهرة قام بإنشاء القصر الكبير وأعده لنزول الخليفة المعز لدين الله، وفي أثناء ذلك بدأ في إنشاء الجامع الأزهر ليصلي فيه الخليفة، وليكون مسجداً جامعاً للمدينة حديثة النشأة أسوة بجامع عمرو في الفسطاط وجامع ابن طولون في القطائع.
كذلك أعد وقتها ليكون معهداً تعليمياً لتعليم المذهب الشيعي ونشره، فبدأ في بناؤه في جمادي الأول 359هـ/970م، وأتم بناءه وأقيمت أول جمعة فيه في رمضان سنة 361هـ /972م، وعرف بجامع القاهرة .
ورغم أن يد الإصلاح والترميم توالت عليه على مر العصور فغيرت كثيراً من معالمه الفاطمية إلا أنه يعد أقدم أثر فاطمي قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمناً بفاطمة الزهراء ابنة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
تأسيس القاهرة والأزهر الشريف :
تأسست مدينة القاهرة على يد جوهر الصقلي، وهو قائد فاطمي رومي من أصل يوناني من جزيرة صقلية، وأطلق عليها ( اسم المنصورية ) ، وأُعِدَّت المنصورية لتكون مقراً للخلافة الفاطمية المتواجدة في تونس، وقد استخدم المسجد لأول مرة في عام 972، وسُمّي في البداية بجامع المنصورية، وقد كانت تسمية المسجد باسم المدينة التي يتواجد بها ممارسة شائعة في ذلك الوقت، ومع دخول الخليفة المعز لدين الله لمصر قام بتسمية المدينة ( بالقاهرة ) ، وهكذا أصبح اسم المسجد جامع القاهرة، حسب أول نسخة من المصادر العربية التاريخية.
واكتسب المسجد اسمه الحالي، الأزهر، في وقت ما بين الخليفة المعز، ونهاية عهد الخليفة الفاطمي الثاني في مصر العزيز بالله.
والأزهر معناه المشرق وهو صيغة المذكر لكلمة الزهراء، والزَّهْرَاءُ لقبُ السيدة فاطمة بنتِ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، زوجة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد ادعى المعز وأئمة الدولة الفاطمية أنهم من سلفهم؛ وهي النظرية الوحيدة المتداولة عن سبب تسمية الأزهر بهذا الاسم، ومع ذلك، لم تُؤَكَّد هذه النظرية في أي مصدر عربي، وقد استُحْسِن دعمها كلياً، وقد نفتها مصادر غربية في وقت لاحق.
يُقدم آخرون نظرية بديلة تتمثل في أن اسم المسجد اشتق من الأسماء التي قدمها الخلفاء الفاطميين إلى قصورهم القريبة من المسجد، فقد أطلقوا على قصورهم القصور الزاهرة تيمنًا بالحدائق الملكية بها التي اختيرت من قبل العزيز بالله، وبعد أن انتُهِىَ من القصور؛ غُيِّر اسم المسجد من جامع القاهرة إلى الأزهر. أما اشتقاق كلمة جامع من جذر الكلمة العربية الجامعة، وتعني «الجمع»، ويتم استخدام الكلمة للتعبير عن المساجد التي تجمع الكثير من الناس.
يعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة ( القرويين ) في تونس .
ورغم أن جامع عمرو بن العاص في الفسطاط سبقه في وظيفة التدريس حيث كانت تعقد فيه حلقات الدرس تطوعاً وتبرعاً، إلا أن الجامع الأزهر يعد الأول في مصر في تأدية دور المدارس والمعاهد النظامية، فكانت دروسه تعطى بتكليف من الدولة ويؤجر عليها العلماء والمدرسين. وألقي أول درس فيه في صفر سنة 365هـ/975م على يد علي بن النعمان القاضي في فقه الشيعة، وفي سنة 378هـ/988م قررت مرتبات لفقهاء الجامع وأعدت داراً لسكناهم بجواره وكانت عدتهم خمسة وثلاثين رجلاً.
بعد سقوط الدولة الفاطمية أفل نجم الأزهر على يد صلاح الدين الأيوبي الذي كان يهدف من وراء ذلك إلى محاربة المذهب الشيعي ومؤازرة المذهب السني، فأبطلت الخطبة فيه وظلت معطلة ( مائة عام ) إلى أن أعيدت في عهد السلطان المملوكي ( الظاهر بيبرس البندقداري ) .
وفي عهد الدولة المملوكية :
عاد الأزهر ليؤدي رسالته العلمية ودوره الحيوي، فعين به فقهاء لتدريس المذهب السني والأحاديث النبوية وعنى بتجديده وتوسعته وصيانته فعد ذلك العصر الذهبي للأزهر، كما أظهر الحكام والأعيان في العصور التالية اهتماماً ملحوظاً بترميمه وصيانته وأوقفت عليه أوقافاً كثيرة.
في عهد الملك فؤاد الأول :
صدر القانون رقم 46 لسنة 1930 للأزهر والذي بموجبه أنشأت كليات ( أصول الدين ، والشريعة ، واللغة والعربية ) لاحقاً سنة 1933، وأصبح للأزهر رسميًا ( جامعة مستقلة )؛في عام 1961.
وقد اعتبرت جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة الإسلامية. ولا يزال الأزهر حتى اليوم منارة لنشر وسطية الإسلام ومؤسسة لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزاً من رموز مصر الإسلامية.
وبناؤه يتكون من ثلاث إيوانات حول الصحن، و كان أكبرها إيوان القبلة ، و كان فيه خمس اروقة ، و على مر السنين تمت فيه عدة زيادات ، أهمها فى عصر الدوله المملوكية، ووصلت مساحته حاليا حوالى 12.000 مترا مربعا ، وللجامع ثمانية أبواب علي عدد أبواب الجنة .
وفى البداية كانت للأزهر صفته الدينية كباقى المساجد الجامعة ، لكن بعدها اتخذ صفة علمية تعليمية.
و بعد ما قضى صلاح الدين الأيوبي (1137ه – 1193ه ) على الدولة الفاطمية سنة 1171ه ، توقفت صلاة الجمعة فيه إلى أن أعادها السلطان الظاهر بيبرس (حكم 1260ه – 1277ه) .
نظام الدراسة في الأزهر الشريف:
وظلت الدراسة فى الجامع الأزهر بنظام الحلقات حول الشيخ المدرس إلى أن صدر أول قانون للأزهر سنة 1872م ينظم طريقة الحصول على شهادة العالِمية و درجاتها ، فى زمن الشيخ المجدد محمد عبده (مفتى مصر وليس شيخ الأزهر) واعتمد فى الأزهر لجنة إدارة دائمة للإشراف على التدريس و نظام الأروقة .
و فى سنة 1896 م ، صدر قانون كساوى العلماء و درجاتهم, و من بعد لائحة مرتبات، و نظمت شئون الأساتذة و الطلاب، و أضيفت للمناهج مواد جديدة مثل الأخلاق و الحساب و الجبر و الهندسة و التاريخ الإسلامى، و تقويم البلدان,.
و فى سنة 1911 م .صدر قانون ينظم الدراسة فى مراحل ، لكل منها نظام، و مواد تعليمية خاصة بها,د، فى سنة 1930م .
وفي وقت ولاية الشيخ المراغى مشيخة الأزهر صدر قانون مهم حٓوًٓل الأزهر لجامعة إسلامية, وتطورت الدراسة فيه بقوانين 1936 م و 1937م .
حتى جاء الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله ، فعدل قانون الأزهر الشريف و أضاف له كليات جديدة وخاصة الكليات العلمية ليجمع خريج الأزهر بين العلوم الدينية والعربية والشرعية والعلوم الحديثة .
وليصل الأزهر الي قمة العطاء العلمي تحت قيادة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ……ليكون الأزهر و علماؤه ورجاله وطلابه وجميع منتسبيه حُراسا أمناء علي أصول الدين ، والشريعة واللغة العربية …
فهنيئا للأزهر في يوم مولده 1084 ويظل عطاؤه نورا للمسلمين ، وهداية العالمين في مشارق الأرض ومغاربها إلي يوم الدين بإذن الله تعالى رب العالمين …….وكل عام و أزهرنا بخير …