عندما كنت أعمل في الصحافة الورقية لسنوات طويلة ربنا وفقني والحمد لله في موضوعات حلوة عديدة كان لها صداها لأنها غير تقليدية ومنها هذا الموضوع الذي هو بين يديك ..
أنتهزت فرصة شهر رمضان وأجريت حوار مع عدد من نجوم المجتمع المصري في هذا الوقت ، وعلاقتي بهم وثيقة وكان الحديث عن القيم والأخلاقيات التي يفتقدها مجتمعنا !!
وألتقيت لهذا الغرض بثلاثة من عمالقة مصر كل في مجاله ..
الأدب والفن والتعمير.
(ليالي رمضان في العباسية!)
ركز كاتبنا الكبير “نجيب محفوظ” عملاق الأدب العربي الحديث كلامه عن القيم الإسلامية المفقودة في إفتقاد الأخوة الإسلامية الحقة ، وهي تشمل الترابط العائلي ، فالمجتمع الآن مفكك ، وكان حتى الماضي القريب مترابط يعطف الغني فيه على الفقير.
ويقول “نجيب محفوظ”: عندي ذكريات جميلة في هذا الصدد منذ أيام العباسية حيث كنت أسكن في طفولتي .. كانت العائلات الثرية تقيم مآدب إفطار يدعى إليها أهل الخير من الفقراء ، وتتسابق على دعوة مشاهير القراء خاصة في شهر رمضان ، وكل هذا أختفى الآن فظهرت موائد الرحمن حيث يأكل الفقراء ثم ينصرفوا وهم غرباء بعضهم عن بعض ، ولم تكن موائد الرحمن معروفة في أيامنا ، كما أختفت الأصوات الجميلة التي كانت تقرأ القرآن في البيوت بمناسبة ليالي رمضان .. وانشغل الجميع في برامج التليفزيون .. ولياليه !!
ولا أعترض على ذلك ، لكنني أفتقد التضامن والتكافل والترابط الذي كان يتميز به المجتمع حيث غلبت المادية !!
ويكمل الكاتب الكبير كلامه قائلاً: تنقصنا الشورى وهي قيمة أساسية في ديننا ، والإسلام يقوم كذلك على العقل وإحترامه وإطلاق حريته ، لذلك أرى أن الإرهاب الفكري الذي يمارسه البعض يتعارض مع تعاليم ديننا.
(فتونة تسأل: أين التسامح؟)
“فاتن حمامة” رحمها الله عرفت بين أصدقائها المقربين بإسم “فتونة” وبدأت حوارها قائلة: التسامح .. التسامح هذه هي القيمة الإسلامية التي نفتقدها .. هذا ما قالته الفنانة الكبيرة “فاتن حمامة” عندما سألتها في هذا الموضوع ، وتشرح وجهة نظرها قائلة: أنظر إلى معاملات الأفراد بعضهم ببعض .. سيئة جداً في معظمها !!
أراها أبعد ما تكون عن السماحة ، الأنانية هي السائدة .. كل واحد يفكر في مصلحته فقط وشعارها : “أنا وبعدي الطوفان”!
وكيف نصلح هذا الخطأ يا سيدتي ؟
وكانت الإجابة: مطلوب من كل إنسان أن يبدأ بنفسه أولا ، يتجرد من “أنانيته”.
وفي رأي سيدة الشاشة العربية كذلك أن الإسلام دين عظيم يقوم على السماحة ، لكن دعاته في كثير من الأحيان يكون فيهم غلظة ، حيث يكثر التخويف والتهديد بالنار وعذاب القبر ، ومن الواجب على دعاة الإسلام المخلصين تصحيح هذا الخطأ ، وعرض إسلامنا الجميل الذي يقوم على الرفق بالإنسان والرحمة به.
(كدابة من تصبغ شعرها!!)
ضيفنا الثالث المهندس “حسب الله الكفراوي” أحد مهندسي الإنفتاح في مصر ، وكان وراء بناء قرى الساحل الشمالي والبحر الأحمر والعديد من المشاريع العملاقة ، وظل وزيراً للتعمير والإسكان ما يزيد على خمسة عشر عاماً ، بدأ حديثه ببيت الشعر المعروف لأمير الشعراء “أحمد شوقي”: “وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ..
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا”.
وأكثر ما يغيظ “الباش مهندس” “حسب الله الكفراوي ” في هذا الموضوع هو الكذب الذي أستشرى ، فأصبح حاكماً لتصرفاتنا تراه في كل مكان الكذب عادي ، وحتى الفتاة التي تصبغ شعرها ، وأرى في تصرفها هذا نوع من الكذب على الناس !!
ويضيف قائلاً: في تعاملاتي مع الناس رأيت الأخلاق الإسلامية وشاهدت أيضا أخلاق أهل النفاق وللأسف رأيتها عند بعض من يدعي التدين !!
وهناك حديث رائع للرسول عليه الصلاة والسلام يتحدث عن أخلاق المنافقين أحب أن أختم بها حديثي لأنها شاملة لهذا الموضوع: “أربع من كن فيه كان منافقا ، ومن كانت خصلة منهن فيه كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر ، وإذا عاهد غدر”.