الوصول إلى الله لا يكون إلا من خلال طريق ممهد بالطاعة
كتب د. عبد العزيز السيد
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر فضيلة الأستاذ الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والدعاة، ودار موضوعها حول “دروس من مواسم الخيرات”
قال فضيلة الدكتور حسن الصغير، إن الله سبحانه وتعالى شرع الطاعات لتنير دروب الإنسان وترتقي بروحه عن النقائص، ففي ثنايا هذه الطاعات مكنونات من الحكمة والعبر، ومواعظ تنير البصائر وتحيي القلوب، فالصلاة هي خضوع لله واعترف له بالعبودية، والصيام مجاهدة للنفس تقويها وتزكيها، وتعلمها الصبر والتقوى، والزكاة تعلي من قيمة التعاطف والتكافل الاجتماعي، والحج ذلك الموسم الذي نعيشه هذه الأيام فيه من تجديد العهد مع الله وتجديد نية العمل الصالح، وامتثال كامل لأمر الله سبحانه وتعالى.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن لكل عبادة فوائدها وفضائلها، التي لا ينبغي للمسلم أن يضعها، بل يجب أن يحرص عليها ويواظب على أدائها بإخلاص وخشوع ليشعر بلذة العبادة ويفوز بالقرب من الله سبحانه وتعالى، لأن رضى الله سبحانه وتعالى هو غاية المتقين، الذين يجعلون من الطاعة نهجهم في الحياة الدنيا وزادهم إلى الأخرة، مشيرا إلى أن الأقبال على الطاعات هو بتوفيق الله تعالى ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾، لكن لا يعني تفاوت الناس في التوفيق للعبادة نقصاً في أجرهم، فالجميع سيُحاسبون على ما قدموا وبذلوا، لكن العبد مطالب بأن يجتهد قدر استطاعته ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾، وأن لا يضيع على نفسه فرصة اغتنام أوقات الطاعات لأن فيها فوزه في الدنيا ونجاته في الأخرة.
وبين خطيب الجامع الأزهر، أن عدم مقدرة البعض على أداء فريضة الحج لا يعني أنهم محرمون من الأجر، فهناك من الأعمال تفوق فضلها أحياناً عمل الحاج والمعتمر، ومن ذلك الأعمال الصالحة في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ”، وقد جعل الله تعالى صيام يوم عرفة لغير الحاج، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “صَومُ يومِ عَرَفةَ يُكفِّرُ سَنتَينِ؛ ماضيةً ومُستقبَلةً، وصَومُ عاشوراءَ يُكفِّرُ سَنةً ماضيةً”، وهذا فيه جبر لخاطر من لم يستطع الحج، حيث جعله الله في موسم قبول كالحاج بل أكثر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “احتسب على الله أن يكفر سنتين”، وحرص الله تعالى على نشر مواسم الخيرات على مدار العام، ليجبر خاطر الضعفاء ومن لا يملكون القدرة على أداء الأعمال التي يظنها البعض هي الوحيدة التي تعلي من شأنهم.
وأضاف خطيب الجامع الأزهر، إن الله سبحانه وتعالى جعل من الأعمال التي قد تبدو عادية في نظر البعض، لكن ثوابها عظيما يفوق التوقعات وذلك بشرط إخلاص النية وحسن القصد، فحين سئل النبي ﷺ عن أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله، فأجاب: “الجهاد في سبيل الله”، لكنه أوضح أن أعمالاً أخرى قد تبدو بسيطة، لكنها تعادل ثواب الجهاد، بل وثواب الحج والعمرة والصيام، فمن خرج من بيته سعياً وراء الرزق الحلال لإعالة أطفاله الصغار ووالديه ، مع الحفاظ على طهارة نفسه بالابتعاد عن الحرام، فكأنما هو في سبيل الله،وكذلك القول بالمعروف والنهي عن المنكر، يُعدان صدقة، تُدخل صاحبها في رحاب الثواب الجزيل، لذا ينبغي علينا الإكثار من ذكر الله تعالى، وتدبر آياته، والتزام سنة نبيه محمد ﷺ، والحرص على حضور مجالس العلم، لنتعلم كيفية التقرب إلى الله ونيل الثواب العظيم لأن الوصول إلى الله لا يكون إلا من خلال طريق معهد بالطاعة.