عرفته متوسط الامكانيات في تخصصه، ومعظم زملائه أفضل منه ألف مرة، غير أنه كان موهوبا موهبة فذة في فنون الدعاية، وخبيرا لا يشق له غبار في بناء العلاقات مع مواقع التأثير في الداخل والخارج، بالحاجة حينا وبالرشوة أحيانا أو غير ذلك كيفما كانت الوسيلة، فحاز شهرة لم يصل لها أحد في تاريخ مهنته، وطبقت شهرته الآفاق، وتقلد المناصب التي أرادها، وزاحم اسمه أسماء أشهر المشاهير في كل مجال، حتى وصل لمكانة كانت تجعل رؤساء الدول يخطبون وده ويستعينون به، وقد انطلت عليهم أكاذيب أبواق الدعاية عن كفاءته الهائلة التي ترقى لأن تكون معجزات !!
كان نهما بلا حدود لجمع ثروة هائلة من مهنته واستثماراته في هذه الثروة من عقارات ومصانع وشركات، ناهيك عن العطايا والنهب والالتفاف على القوانين، حتى أصبح يضرب بثروته المثل في الثراء الفاحش، ولم يكتف بذلك بل ظل حتى أخر لحظة من لحظات عمره شرها لا يشبع من جمع المال بأية وسيلة كانت، ولو على حساب قهر الفقراء والمعوزين، وخداع اصحاب الحاجة.
ومات ….
ولم يعد له ذكر، كأن لم يكن، فلم يترك شيئا في الدنيا غير ثروة يبددها ورثته.
لم يترك علما أو كتابا أو عونا لوجه الله يذكره له أحد.
لم يترك شيئا له علاقة بالبناء في الحياة بصورة ايجابية، بما ينفع أجيالا تأتي بعده، أو تضيف إعمارا في الأرض كما هي صفة العلماء الحقيقيين.
تذكرته وتذكرت بعض لقاءاتي معه وأنا اقلب صفحات جرائد قديمة عندي، ووجدت بعض ما كانت تكتبه آلته الإعلامية الموهوبة وهي تصدح في الصفحات وتضاعف حجمة ألف مرة كذبا وغشا وبهتانا.
أين هو الآن؟ وأين إرثه؟ وأين زمنه؟ بل وأين سدنته وشركاؤه ومن عاونوه في جعله صرحا لا يطاوله صرح؟.
كل ما يمكن أن يقال عنه الآن، وعمن كان مثله، كلمتان فقط، وهما “عاش ومات”.
والحكمة تقول ” في النهاية لا يصح إلا الصحيح، والعبرة بالخواتيم”.