مع استمرار معاناة الكثيرين، ينبغي أن تستمر الحكومة في إعطاء أولوية لمساعدة أكثر الفئات ضعفا على مواكبة التكلفة شديدة الارتفاع للغذاء والطاقة وتغطية التكاليف الأخرى – غير أن على الحكومات أيضا أن تتجنب زيادة الطلب الكلي الذي يهدد بعودة التضخم إلى الارتفاع. وفي كثير من الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، يمكن أن يحقق الانضباط المالي خفضا للتضخم مع تحقيق خفض موازْ في المديونية. يعد التضخم فقدان القوة الشرائية بمرور الوقت، مما يعني أن كمية النقود التي تمتلكها لن تشتري لك اليوم ما اشترته أمس. ويتم التعبير عنها عادة بأنها التغيير السنوي في أسعار السلع والخدمات اليومية، مثل: الطعام والأثاث والملابس والنقل والألعاب.
تقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة للحد من الطلب واحتواء التضخم، الذي بلغ في كثير من البلدان أعلى مستوياته منذ ثمانينات القرن الماضي. ولأن ارتفاعات الأسعار السريعة مكلفة بالنسبة للمجتمع وضارة باستقرار النمو الاقتصادي، يجب أن تتحرك السياسة النقدية لمواجهتها على نحو حاسم.
وبينما تمتلك السياسة النقدية الأدوات اللازمة لخفض التضخم، فإن سياسة المالية العامة يمكنها وضع الاقتصاد على مسار أسلم في المدى الطويل من خلال الاستثمار في البنية التحتية والرعاية الطبية والتعليم؛ والتوزيع العادل للدخول والفرص عن طريق نظام عادل للضرائب والتحويلات؛ وتوفير الخدمات العامة الأساسية. غير أن رصيد المالية العامة الكلي يؤثر في الطلب على السلع والخدمات وعلى الضغوط التضخمية.
وتخفيض العجز من شأنه تهدئة الطلب الكلي والتضخم، ومن ثم لا يحتاج البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة كثيرا للوصول إلى هذه النتيجة. وبالإضافة إلى ذلك، فمع الأوضاع المالية العالمية التي تفرض قيودا على الميزانيات، ونِسَب الدين العام التي تجاوزت مستويات ما قبل الجائحة، فإن تخفيض العجز يعالج أيضا مواطن الضعف المتعلقة بالديون.
يمكن لسياسة المالية العامة أن تدعم السياسة النقدية في معالجة التضخم لأنها تؤثر كذلك على الطلب الكلي. وتشير أدلتنا الإحصائية إلى أن تأثير سياسة المالية العامة على التضخم قد تغير على مدار العقود. وفي حالة الاقتصادات المتقدمة، نجد أن، منذ عام 1985، تخفيض النفقات العامة بمقدار نقطة مئوية واحدة من إجمالي الناتج المحلي يخفض التضخم بمقدار نصف نقطة مئوية. وإضافة إلى ذلك، يمكن لسياسة المالية العامة المساعدة على حماية الفئات الضعيفة.
كما أن صانعي السياسات متفقون بشكل خاص مع ما يسمى مقياس التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الغذاء والوقود. وبينما تشكل البقالة والغاز جزءا كبيرا من ميزانيات الأسرة، فإنها تقفز أيضا في الأسعار استجابة للتغيرات في العرض العالمي. ونتيجة لذلك، فهم لا يعطون قراءة واضحة للضغوط التضخمية الأساسية في الاقتصاد، تلك التي يعتقد بنك الاحتياطي الفدرالي أنه يمكن أن يفعل شيئا حيالها. يتم تحديد المعدل المستهدف للتضخم بطريقة تسمح بتقارب معدلات التضخم الفعلية مع معدل التضخم على المدى المتوسط دون تعريض النشاط الاقتصادي للتذبذب المفرط. يمثل تقدير معدل التضخم على المدى المتوسط معدل التضخم النهائي الذي يجب أن يهدف البنك المركزي المصري إلى تحقيقه والمحافظة عليه بما يتوافق مع هدف استقرار الأسعار، وهو المعدل الذي لا يؤدي إلى تدهور تنافسية الصادرات المصرية من السلع والخدمات.
نتيجة لذلك، قرر البنك المركزي وضع عدة أهداف انتقالية للتضخم سيتم تحقيقها تدريجياً حتى يصل الاقتصاد إلى المعدل المستهدف للتضخم في الأجل المتوسط دون تقلبات كبيرة فيما يتعلق بالتضخم والنشاط الاقتصادي على المدى القصير.
ويؤكد هذا الاختلاف الرئيسي بين تحديد أهداف التضخم التي تتطابق مع التوقعات الأساسية للبنك المركزي وتحديد تلك الأهداف بطريقة تضمن الانتقال السلس إلى معدل التضخم على المدى المتوسط، وذلك لأن البنك المركزي لديه، ضمن قدراته وإمكاناته، جميع الأدوات التي يمكن أن تجعل التضخم الفعلي يتقارب مع معدل التضخم المستهدف على المدى المتوسط (باستثناء الحالات التي تحدث فيها عوامل خارجية محددة خارج نطاق السياسة النقدية كما هو موضح في القسم التالي).
علاوة على ذلك، يتم تحديد أفق تحقيق المعدل المستهدف بطريقة تتوافق مع تأخر تأثير الأوضاع النقدية الحقيقية على معدلات التضخم، والذي غالبًا ما يُشار إليه باسم “أفق السياسة النقدية”.
السياسة النقدية: يمكن أن تقوم البنوك المركزية برفع الأسعار التي تؤخذ كفائدة، من أجل أن يتم الحد من الإنفاق وتقليل التضخم الاقتصادي في الدولة.
السياسة المالية: تعتمد على تقليل الحكومة العجز عن ميزانيتها، أو أن يتم خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب، حيث يعمل كل ذلك على تقليل الضغوط المحملة على الدولة.
تحسين جانب العرض: وذلك من خلال إزالة المعوقات من قبل الحكومة والتحسين من بيئة الأعمال حتى يتم زيادة الإنتاجية العامة للدولة وخفض التكاليف.
السياسة القائمة على سعر الصرف: في حالة كان السبب في التضخم الاقتصادي للدولة هو انخفاض قيمة العملة، فيمكن أن يتم حل تلك المشكلة من خلال التدخل في سوق الصرف الأجنبي.
فرض الضوابط على الأسعار: يمكن للحكومة أن تفرض الضوابط التي تقيد الأسعار الخاصة بالسلع والخدمات لعدم ارتفاعها لحد ضخم، ومع ذلك قد يؤدي ذلك إلى وجود الكثير من النقص والمشاكل الأخرى في السوق.
المساعدات من الدول الأخرى: يمكن للدولة التي تعاني من المشاكل الكبيرة في التضخم المالي أن تطلب من الدول الأخرى المساعدة في المشكلة التي يتعرضون إليها، تلك المنظمات مثل صندوق النقد المالي.
الإصلاح الهيكلي: من خلال الإصلاحات الهيكلية العميقة يمكن زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد، كما تعمل على التحسين من الكفاءة الإجمالية له ومعالجة التضخم الكبير فيه.
إصلاحات ترتبط بالعملة: في الحالات السيئة جدًا، قد تضطر الدولة إلى عمل إصلاحات بالعملة الخاصة بها، مثل إعادة تسميتها أو استبدالها بعملة أخرى، وذلك حتى يتم إعادة الثقة من المواطنين والسائحين في العملة والقضاء على التضخم الاقتصادي.
مفهوم التضخم الاقتصادي
يجب علينا قبل التطرق إلى كيفية حل مشكلة التضخم الاقتصادي أن ندرك معنى التضخم، وهو كما يلي: يعني الارتفاع الشديد في سعر السلع والمنتجات العناصر التي يستخدمها المواطنون، فيؤدي ذلك إلى انخفاض معدل شراء المنتجات المختلفة، مما يؤدي إلى الضرر باقتصاد البلد والعملة الخاصة بها.
أنواع التضخم الاقتصادي
التضخم ببطء: تزيد الأسعار بنسبة قدرها 3% أو أقل من ذلك سنويًا.
التضخم السريع: الأسعار تكون مرتفعة بنسبة من 3% إلى 10% سنويًا.
التضخم الجامح: يرتفع معدل الأسعار إلى أكثر من 10% سنويًا لتعم الفوضى في الاقتصاد.
التضخم المفرط: ارتفاع الأسعار بدرجة مرعبة تصل إلى 50% شهريًا.
الركود: هي فترة يحدث بها ركود تام حيث تتضخم الأسعار مع بطء النمو في الاقتصاد.
الانكماش: هو شيء عكس التضخم، أي أنه تضخم سلبي، حيث يتم انخفاض الأسعار مع حدوث انفجار في الفقاعات المالية الناشئة عن المضاربات.
أسباب التضخم الاقتصادي
كيفية حل مشكلة التضخم الاقتصادي
كيفية حل مشكلة التضخم الاقتصادي
تضخم التكلفة: حيث يمكن أن يحدث ارتفاع الأسعار بشكل كبير نتيجة زيادة التكلفة العامة للإنتاج والمواد الخام أو الأجور الخاصة بالعمال.
تضخم الطلب: بسبب وجود ثقة عالية من المستهلك في حالة أن البطالة منخفضة ويوجد ارتفاع في الأجور، فيؤدي ذلك إلى ارتفاع التكاليف نتيجة التوسع الاقتصادي.
التضخم المالي هو أحد أهم المشاكل التي تتعرض لها العديد من الدول، لذا دائمًا ما يثار التساؤل حول كيفية حل مشكلة التضخم الاقتصادي ويتم اقتراح بعض الحلول الخاصة لتلك المشكلة، وللقيام بذلك يجب معرفة أسباب المشكلة وتحليلها بطريقة علمية.
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا