ظهرت في عالم النقد المسرحي المتأرجح المترنح عدة ظواهر سيئة لتطفو على السطح جارفة بكل تفيقه متعالم متغطرس في سوداوية وسادية معظم المفاهيم الحقيقية للمسرح ،بما يرددونه من مصطلحات عفا عليها الدهر من خمسينيات وستينيات وسبعينات لم يعد هناك من يتعامل معها في بلدان وثقافات المنشأ إلا باعتبارها تاريخا مضى ،ناهيك عما استجد ويستجد على لسانهم من مصطلحات نمت وترعرعت في غمرات وهوجة الاهتمام بالمسرح التجريبي ،ومعظمها مصطلحات أقحموها عنوة في الحركة المسرحية في مؤلفاتهم وبغبغاتهم في الندوات وقاعات الدرس،مصطلحات تنتمي لعلوم الفلسفة والمنطق وعلم الاجتماع وعلم النفس ،وغيرها من العلوم حتى الطب ،ناهيك عن اختراع ألفاظ فنكوشية مثل النحت في الفراغ المسرحي ،والتغيرية الفكرية ،والمسرح العميائي ، حتى في عناوين الرسائل العلمية بأقسام النقد في بعض الأكاديميات التي لايفقهها القائمون عليها ولا مشرفوهم الذين أقروا واختاروا واجتهدوا وتحزلقوا لاختيار تلك العناوين ، وله وشغف بكل ماهو غربي ، وكأنه ليس هناك من تاريخ يذكر ولارواد للمسرح العربي ،مؤكدين على تبعيته للغرب (الكولينالية المسرحية .،الهيمنة الاستعمارية على المسرح)ومن العجب تلك النشوة والسكرة وقناع الجدية وإدعاء العلم والاستكبار والاستعلاء بغير حق، تماما كلماتهم المنحوتة النبقلظة المكلكعة كقرع الطبل الأجوف ،معظمهم يرتدي ثوب المنظر وهو أبعد مايكون عن ممارسة النقد التطبيقي الفعلي ، ومؤلفاتهم أو تهويماتهم أو شطحاتهم التي أو،عوها ككتب مؤلفة منقولة غن مسرحيي الغرب تؤكد على أنها تمت بالاستعانة بمترجم جوجل دون أن يتعبوا أنفسهم في التدقيق.
ولعل ما لاحظته وتابعته لكل تلك الظواهر ،إضافة إلى طرق ومناهج تدريس النقد في الأكاديميات هو مادعا أيضا المسرحي البحريني ا.يوسف الحمدان لتأليف كتابه صرخات في وجه النقد
المميت والذي كان من بين إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته ال31 بالقاهرة،ولعل من بعض ما أورده في صفحات كتابه رقم:23-24 مايلي:
- وللأسف هناك من يعتقد بأن كل أستاذ نقد بالأكاديمية بالضرورة ناقد ، وهذه مشكلة أيضا ، إذ يتم نفي وإقصاء بعض النقاد الذين آثروا ساحتنا المسرحية برؤاهم بالرغم من عدم انخراطهم في سلك التدريس الأكاديمي ، ولعل أكثر من تخرج من أقسام النقد المسرحي لم يزاول هذا الاختصاص، وأنا شخصيا واحد من بين كثير ممن تخرجوا في قسم النقد في دفعات متوالية ، والذين لم يمارسوا هذا الدور ،ولكن لم يبق في ذاكرتي من دروس النقد الأكاديمي إلا مايذكرني بنسيانه.
- أعتقد أنه آن الأوان لأن تغلق مثل هذه الأكاديميات والمعاهد المسرحية في وطننا العربي أبوابها لتعيد النظر في مناهجها وطرق تدريسها ونظمها الإدارية والفنية المترهلة ، وفي مستوى طاقمها الأكاديمي والإداري وفي مرجعياتها القديمة ،إذ لابد من الخروج عن القطيع كما ذهب في ذلك الفنان البولندي توماس كوبيرا في لوحته التي أحتفي بها في صرختي هذه .