دائما ما تكون الأخت الكبرى هي الأقرب للأم في توارث أغلب الصفات وبالطبع أهمها على الاطلاق الحنان والمسؤولية فالأخت الكبرى يقع على عاتقها دوما الاهتمام بالإخوة الصغار وتكون دوما بديل الأم في تواجدها وعدم تواجدها، ويكون اعتماد الأم عليها أساسيا في المشاركة في تربية الأبناء «الأخوة لها» فتجد الأم توكل لها جميع المهام التربوية والمنزلية من اعداد الطعام ومساعدة اشقائها في الدراسة وكثير من الأحيان يكون الاعتماد عليها دون الأم في أمور المأكل والملبس خاصة لو كانت الأم غير متفرغة أو امرأة عاملة فذلك يجعل الاعتماد على الأخت الكبرى أكثر بكثير من نظيراتها لذا تسعد الأمهات كثيرا بإنجاب البنات وخاصة في البدايات لأنها دوما تكون دعما وعونا لأمها، وهذه المهام والواجبات تجعل من الأخت الكبرى ينبوعا من الحنان، وهذه تكون القاعدة فيما عدا ذلك يرجع الى التربية والنشأة، لذا نحمد الله أننا تربينا ونشأنا في بيت كانت الأخت الكبرى ومازالت عمودا مهما في بنيان البيت، وكان الاعتماد عليها يجعلها دوما المرجع والملاذ الآمن، لأنه في أغلب الظن ومع وجود الثقة والأمان التي تمنحها لاخواتها يكون البوح بالأسرار والمشكلات لها أهون وأيسر من الوالدين، ومن فضل الله ونعمه أننا نعمنا بمثل هذه الأخت التي كانت تسهر لانتظاري وتسمع لأخباري وتهتم لأمري حتى أنني تعودت على الحكي الدائم لها قبل النوم، فنشأت علاقة الأمومة في وقت مبكر جدا، فكنت دوما أفاخر سعادتي وحسن حظي لأن لي والدتين كبرى وصغرى، وكانت أختي هي الأخت الكبرى في الأسرة والعائلة جميعا، لذا كانت تجد من الاهتمام والحب ما لم يتح لغيرها لأنها كما يقول الأعمام والأخوال أول فرحة، لذا غمرت بحب وحنان زائد إضافة لحنان والدينا ففاضت بحنانها إلينا فزادت حبا وحنانا من قبلنا، وعندما تتوفر لها الحكمة والتدين والمعاملة الحسنة تكتسب مع الوقت حب الآخرين من الأصدقاء والجيران وجميع أفراد العائلة وزملاء العمل، وكلما اتسعت دائرة المحبين زادت المسؤوليات والزمن وحده كفيل بأن يثبت أن القلب الكبير يستطيع حمل كل أعباء الحياة بكل محبة وسعة صدر. ومع وفاة والدتي والتي بالفعل لا أحد يستطيع حل محلها، إلا أن أختي كانت لنا البديل المتوفر دوما الذي لايغني عنها ولكن يكمل رسالتها فأصبح المصاب أهون وأصبحت مسؤوليات الأخت أكثر واحتياجنا للحنان أكثر وأكبر، لذا كانت أختي تقوم بهذا الدور على أكمل وجه، تسعد دوما بلم شمل العائلة والأخوة في المناسبات والاجازات وتتواصل معنا ونتواصل معها، ونظرا لظروف سفري كانت لقاءاتي بهم مختلفة بعد أن لعبت معنا الحياة لعبتها من الشتات والغربة، لذا كان الحزن على افتقاد الكثير من هذه المشاعر، وذلك كان يجعل أختي تصمم دوما على استقبالي في المطار، وخاصة في السنوات الأولى من الغربة، وكانت أول زياراتي ووجودي مع الأسرة بوجود أختي، وبعد رحيل الوالدين كانت الزيارات لها لتصبح عوضا ورحمة لنا، وفي إحدى الاجازات السنوية صبيحة يوم العيد منذ فترة ليست ببعيدة جاءني اتصال وأنا على سلم الطائرة أن اختي بالمستشفى لمرض قلبها، أحسست وقتها أن قلبي هو الذي مرض وشعرت طوال الرحلة بآلام وحزن شعر به من كانوا يجاورونني المقعد، ودعوا معي لها بالشفاء، وعند وصولي ذهبت لها بالمستشفى وانا أجهش بالبكاء ووجدتني أنشدها هذه الكلمات..
العيد معاكي يكمل فرحنا
ويارب دايما تلمي شملنا
يا أختنا وأمنا .. ياعزنا وفرحنا
سلامة قلبك اللي تعب قلبنا ..
أختي هي هبة الله لنا، فالله يديمها علينا نعمة وينعم عليها بالصحة والعافية .. الأخت الكبرى نعمة كبرى يمن الله بها على عباده فصونوا هذه النعمة ولاتبخسوها حقها وأشكروا الله عليها كثيرا ..