يطل علينا شهر رمضان المعظم كل عام بأنواره الإيمانية ونفحاته الربانية ليغرس فينا القيم والمبادئ الإنسانية التي كفلها الإسلام ممثلاً في دستوره وهو القرآن الكريم الذي نزل في هذا الشهر , وسنة أشرف خلقه محمد صلى الله عليه وسلم , فباتت هذه المبادئ تشكل أركان ودعائم وأسس بناء العلاقات بين الدول والشعوب سواء في القانون الدولي الإنساني وبرتوكولات جينيف, أو القانون الدولي الدبلوماسي والقنصلي , مثل احترام الأخر وبناء علاقات حسن الجوار , وعدم التدخل في شؤون الغير , واحترام قوانين الحروب والنزاعات التي كان الإسلام سباقاً في تكريس كيفية معاملة الأسري والرسل والمبعوثين , وعدم التعرض للأطفال والشيوخ والنساء , وغير الحامل للسلاح , وعدم التخريب والتدمير , أثناء الحرب, فكان ما جاء به نور للبشرية يخرجها من الظلام إلى النور , فتبني علاقاتهم على روابط من الثقة والاحترام المتبادل وتقبل الأخر فرسالته تعم الناس كافة بل للعالمين , ليس فقط على مستوي الدول والشعوب , بل وضع من القيم والمبادئ التي تنظم حياة الناس بعضهم البعض بما يضمن سيادة جو من الآلفة والتكافل , ففريضة الصوم تعلمنا معني المسؤولية والمشاركة المجتمعية , أي إحساس الفرد بباقي أفرد المجتمع , ومسؤولية المؤسسات عن تلبية حاجات المجتمع والمشاركة في حلحلة قضاياه , فكما أن الصيام يخلق حالة من المساواة بين المسلمين في الصوم دون تفرقة , فهو أيضاَ يبذل فيه العطاء دون تفرقة , وتكثر فيه مظاهر الخير التي تسد حاجة ذوي الحاجة , وتبذل فيه مؤسسات الدولة الرسمية والمؤسسات المدنية الخيرية جهداً لتوفير حاجة الناس المادية في هذا الشهر الكريم ,رغم الضغوط الاقتصادية الخانقة , وتلك المعاني الروحية للتكافل والتراحم بين الناس هي ما قامت على أساسها مبادرات الدولة المختلفة لتخفيف العبء عن المواطنين في ظل ارتفاع أسعار السلع والمنتجات , وأيضاً المبادرة الرئاسية “حياة كريمة “, التي تعد من المبادرات الإنسانية بالدرجة الأولي على المستوي العالمي , وتهدف إلى رفع مستوي الخدمات ومستوي معيشة الريف المصري بما يحقق التوازن المنشود بين الريف والحضر في مصر , وهو ما يدعونا إلى دعوه كافة النقابات والأحزاب والجمعيات , ورجال الأعمال وغيرهم إلى القيام بدورهم تجاه المجتمع والتخفيف عن كاهله ليس في شهر رمضان فقط بل في كل شهور العام , فاجعلوا كل عامكم رمضان بالتكافل والتلاحم بين الجميع.
باحث في العلوم السياسية