تحدى المصريون نكسة يونيو 1967 بإرادتهم القوية التي لا تلين ولاتخضع ولاتركع.
نعم حزن المصريون ومازالوا ولكن كان حزن الرجال الذي يطلق بناء الروح بشرارة الثأر والأمل بالعمل وثقة بالله في ذ انتصار قريب.
لم يولول المصريون ولولة النساء الجاهلات إنما كانوا شجعانا في مواجهة المحنة فهبوا وخرجوا في شوارع وبقاع مصر رافضين النكسة متمسكين بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر واثقين بجيشهم انه سينتصر فقد خسر معركة ولكنه لم يخسر الحرب.
اخذ المصريون يهتفون بصوت هادر في رسالة قوية للأعداء هنحارب هنحارب هنحارب.
لأن مصر عظيمة بمكانتها وقيمتها فيتكالب عليها الغرب ويتربص بها مع صنيعته اسرائيل.
يتمنون أن ترزح مصر في براثن ثالوث الفقر والجهل والمرض حتى تكون ضعيفة وبضعفها يضعف العرب أيضا! وبهذا الضعف والإضعاف تصبح اسرائيل هي الأقوى دائما فإما نحن وإما هي فصراعنا معها صراع وجود لا حدود !!
هدفنا أن نعلم ونحدد من تآمر على مصر. ومن أراد إسقاطها كي نواجهه ونحاربه ولا نمحو من ذاكرتنا من العدو الظاهر والمتخفي في ثياب الثعالب؟!
لقد تم التخطيط والتنفيذ من الحلف الأطلنطي لضرب مصر وهزيمتها في يونيو 1967 قبل ذلك التاريخ بثلاث سنوات بطلب من تركيا ودعم الغرب الأوروبي الأمريكي بأداته اسرائيل ولكن لماذا؟
وللإجابة عن هذا السؤال نعود إلى ما كتبه المؤرخ الكبير د. رءوف عباس في مجلة الهلال في يونيو 2001 وليس عام 2011 كما جاء في المقال السابق واعتذر للقارئ الكريم الذي احترم حقه في المعرقة الصحيح عن هذا الخطأ المطبعي غير المقصود.
حيث يذكر د. رءوف عباس أن محاولة تصفية الدور الاقليمي لمصر لم تقم بها اسرائيل وحدها ولكنها كانت رأس الحربة للغرب في مشروع التصفية الذي بدأ التخطيط له في شتاء 1964 في اجتماع عقده حلف الأطلنطي خصيصا بناء على طلب تركيا لوضع حد للمتاعب التي يثيرها عبد الناصر في منطقة الشرق الاوسط ضد مصالح الغرب ولذلك كانت ورقة العمل الرئيسية المقدمة للاجتماع من إعداد وزير الخارجية التركي تحمل عنوان “تصفية عبدالناصر” وبعد مقدمة طويلة شرح فيها الجانب التركي الدور المشاكس لمصالح الغرب الذي لعبته مصر بزعامة عبد الناصر منذ قيام الثورة خاصة تحريضها لشعوب المنطقة ضد السيطرة الغربية ومقاومتها لسياسة الأحلاف، ثم تبنيها لحركة القومية العربية التي اشتد عودها بعدما كسب عبدالناصر معركة سياسية من وراء حرب السويس 1956 ، وماكان من قيام الوحدة بين مصر وسوريا التي قلبت الموازين الإستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط.
ورغم ضرب الوحدة نجح عبد الناصر أن يمد نفوذه ووجوده الإستراتيجي إلى اليمن بمناصرته لثورتها، وتدخله العسكري هناك، وبذلك يضع عبد الناصر الغرب تحت رحمته فهو يسيطر على قناة السويس وعلى البحر الأحمر، ومن ثم يتحكم في الطريق البحري الذي ينقل عبره البترول إلى الغرب، كما أن وجوده في اليمن يجعله المتحكم الفعلي في مناطق إنتاج البترول ولو ترك له الحبل على غاربه، فهو يستطيع أن يلحق ضررا كبيرا بالمصالح الغربية ونواصل في الجمعة القادم إن شاء الله تعالي.