سيدة عمرها 51 عاماً بصحبة زوجها 61 عاماً تغافله وتنتحر من فوق كوبرى على الدائرى بعد عزومة بطاطا :
حكايتهم بدأت لما راحوا زيارة لشقة تانية يملكوها عشان يعملوا صيانة الحاجات اللي محتاجة صيانة ، الطريق للشقة التانية كان كله زعيق وشخط وقلة قيمة والملفت إن الزوج حكى في تحقيقات النيابة إنه كان بيأنبها في العربية على إن ابنهم حلق ورمى شعر الحلاقة في دورة المياه وده خلاها تتسد وكلفته تصليحات ، التأنيب كان تحت شعار “إنتي مهملة في تنظيف البيت” يعني هي من وجهة نظره مسؤولة عن كل حاجة في البيت حتى عن تصرفات الآخرين ، في اللحظة دي افتكرت كم المشاكل اللي بتتم للستات على حاجات خارج نطاق أفعالهم : ابنك وقع عشان أكيد مهملة ، جوزك بص بره عشان أكيد مقصرة ، فلان عاكسك عشان أكيد لبسك كان مش تمام ، وصولاً لمرحلة “ابنك رمى شعره في السيفون ليه؟”.
الموضوع موقفش عند المرحلة دي لكن للأسف جوزها ضربها جوة العربية كمان ، متخيل الألم اللي نزل على وشها ، أو الكتف ولا الكوع اللي أخدته على غفلة ، متخيل شعورها بالإحراج الشديد قدام باقي الركاب في العربيات اللي جنبهم ، بتخيل هل كان الطريق واقف والناس اتفرجت ولا كان ماشي ومحدش شاف اللي حصل وهى بصت فى الأرض وبكت ولا حواليها تشوف مين شاف ؟ ، لكن الأكيد إنها اتقهرت قهرة شديدة وانهارت للدرجة اللي خلته يقف ويحاول يصلح المصيبة بعزومة بطاطا ، وواضح كمان إن مكانش عندها رفاهية رفض الاعتذار ، أكيد جربت كتير واتبهدلت “يعني بصالحك ومش عاجبك؟!”.
متخيل الضغط النفسي والانهيار والقهر اللي حست بيه قبل ما تبص من فوق الكوبري لتحت وتقرر تنط ، بس الموضوع مكانش بالبساطة دي لأن الست محاولتش ترمي نفسها قدامه وهو شايفها حتى من بعيد : “أكد بائع البطاطا بأن الزوجة ألقت بنفسها من أعلى الطريق بمجرد أن أدار لها ظهره” ده نَص تحقيقات النيابة ، يعني خوفها كان واصل إن حتى الانتحار مينفعش يتم قدامه ولو من بعيد لأنه ممكن يلحقها ووقتها مش هيعذرها ولا هيسمى عليها لكن كان هيهينها أكتر وممكن يتهمها بالجنون ، لازم كان يديها ضهره عشان تعرف تتصرف.
تحريات المباحث والكلام مع الجيران كشف إنها مكانتش أول مرة يضربها ، كل الناس في محيطهم كانوا بيسمعوها وهي بتتضرب وبتتشم وبتتعامل بطريقة مهينة وده خلاني أتأكد إنها كانت ميتة من سنين كتير ، مكانش ناقصها غير شهادة وفاة حقيقية لحياة مش حياة.
ستات كتير بتفضل تقول معلش ومجراش حاجة عشان البيت والأولاد وعشان منظرنا قصاد الناس ، هيقولوا اتطلقت ولا انفصلت بعد العمر ده كله ، طيب هعيش إزاي وهصرف منين وهروح فين؟ خوف هيستيري من المستقبل ومن الانفصال بيلف بينا في دايرة تفضل تقولنا مفيش فايدة ، وكلام الأهل بقى عن الإحتمال وعيب وميصحش وصليبك وتجربة وابتلاء من ربنا بيختبر صبرك ومقارنات بتجارب ناس تانية أسوأ وكلام زى “من شاف بلاوي الناس تهون عليه بلوته” و”انتى أحسن من غيرك احمدى ربنا” لكن بننسى الموت النفسى والأطفال اللى هتتربى فى جو من الخوف ويطلعوا مقهورين وشخصياتهم غير سوية وإن كتر الضغط مش بس بيولد الانفجار ، لكن كمان بقى بيولد الانتحار.
سلام لروحها وألف رحمة على ضحايا الحياة فى مجتمعنا المتدين بطبعه .. !