“يعتبر الإسلام أول الأديان مناديا ومطبقا للديمقراطية، وتبدأ هذه الديمقراطية في المسجد خمس مرات في اليوم الواحد عندما ينادى للصلاة، ويسجد القروي والملك جنبا لجنب اعترافًا بأن الله أكبر”. جاءت هذه الشهادة القيمة على لسان الشاعرة الهندية والسياسية الشهيرة ساروجنى ندو ( فبراير1879 – مارس 1949 ) التي اكتسبت شهرتها ليست كشاعرة فقط ولكنها كمناضلة سياسية ضد الإستعمار البريطاني من أجل حرية بلادها وحقوق شعبها. فقد التقت عام 1916 بالزعيم غاندي وشاركته النضال السلمي على مدي 30 عاما وحتى استقلال الهند عام1947 . ويسجل التاريخ أن ساروجني أول امرأة تتولى منصب رئيس حزب المؤتمر الوطني الهندي، وأول امرأة تصبح الحاكم في ولاية اوتار براديش
أدركت السياسية ساروجني صاحبة الديانة الهندوسية الديمقراطية في الاسلام من خلال المساواة بين البشر. واستشهدت على ذلك بفريضة الصلاة التي يؤديها المسلمون 5 مرات يوميا. فهل يدرك المسلمون في عصرنا المغزى الحقيقي للصلاة ؟!. هذا المغزى الذي جعل ساروجني تدرك أن الاصطفاف في الصلاة يحقق المساواة في الاسلام ،ويحقق أيضا الوحدة التي لا تنقسم فقالت “ما أدهشني هو هذه الوحدة غير القابلة للتقسيم والتي جعلت من كل رجل بشكل تلقائي أخًا للآخر “.
واقع المسلمين المعاصر يؤكد أن الغالبية العظمي لا تفهم المغزى الحقيقي لاقامة الصلاة، فهم يؤدونها بشكل روتيني ، يصطفون في المسجد بأجسادهم بينما قلوبهم وعقولهم مشغولة بصراعات الحياة الدنيا . لذلك يخرجون منها كما دخلوها لا يشعرون بالروحانية لتطمئن قلوبهم وسط متاعب وصعوبات الحياة ، ولا تتغير سلوكياتهم بشكل ايجابي يمكنهم من التغلب على تلك الصعوبات .
ولقد شكوت يوما لأحد الفقهاء أن سلوكيات كثير من المصلين سيئة رغم أنهم يتسابقون لأداء الصلاة بمجرد سماع الأذان. فأجاب : هؤلاء يؤدون الصلاة ولا يقيمونها ، وهناك فرق كبير بين الأداء الشكلي وبين الإقامة التي تؤثر في القلوب وتنعكس في السلوكيات . لذا أكدت آيات القرآن الكريم على اللإقامة ، فتكرر أمر(أقِمِ الصلاة) في القرآن 5 مرات ، وتكرر بالجمع (أقيموا الصلاة) 12 مرة. ولتأكيد أهمية الصلاة في حياة المسلمين وفي آخرتهم ذُكرت الصلاة واشتقاقاتها في القرآن 85 مرّة في 67 آية.
وذكر الدكتورأحمد محمد المنّاوي في بحث علمي : “أكثر كلمة يكرِّرها العبد في صلاته هي اسم (اللَّه) فهو يكررها في الركعة الواحدة 9 مرات كحد أدنى، ويكرِرها في مجمل الصلوات الخمس المفروضة في اليوم واللَّيلة 228 مرة كحد أدنى. ومن ضمن ذلك يكرّر العبد في صلاته التكبير (اللَّه أكبر) في تكبيرات الإحرام 5 مرات، ويكرره 5 مرات في كل ركعة للانتقال بين هيئات الصلاة، من قيام وركوع وسجود وجلوس، وبذلك فهو يكبِّر (اللَّه أكبر) في الصلوات الخمس 90 مرة “. وهذا يجعل الله حاضرا في قلب كل مسلم وأنه أكبر من كل شئ فيمضي في حياته مطمئنا قويا ويعمر الدنيا بجد واخلاص طاعة لله فيسود الاسلام والمسلمين .
أدركت ساروجني ببصيرة واعية عظمة الاسلام وقوة المسلمين عندما يلتزمون بدينهم. ونقل المفكر الاسلامي محب الدين الخطيب في كتابه ( الحديقة ) ص 774 عن ساروجني قولها : “لقد دعى الإسلام قبل اليوم بثلاثة عشر قرناً إلى المساواة والإخوة، وقد أسس الإسلام أول جمهورية كان القانون الإلهي رائدها، الفقير والغني سواء فيها، ولا شك مطلقاً أنه يأتي يوم يبتلع الإسلام فيه كل الأديان”.
فهل يعي المسلمون دروس ساروجني ؟!.