إن بناء الدولة المصرية الوطنية الحديثة وتعزيز وتعميق وإعادة تجذير الانتماء لدى المواطن المصرى هو الهدف الرئيسي للقيادة السياسية ، فكلما واجهتنا أزمات يتضح لنا من خلال إدارة القيادة السياسية لتلك الأزمات، أن الهدف الأول للدولة هو المواطن المصري ، فعندما نعود بالذاكرة إلى الوراء عقب تعرض 21 مصريا للقتل من قبل الميليشيات الداعشية في ليبيا عام 2015 ، أكد الرئيس السيسي أن هذه الدماء لن تذهب هدرا وأنه سيتم الانتقام لشهداء مصر وأنه لن يتقبل العزاء فيهم إلا بعد القصاص من قاتليهم ، وعندها استنفر كل قوى الدولة المصرية من أجل تحقيق ما وعد به وقام بدك قواعد ومخابىء هؤلاء المجرمين في سرت بليبيا آخذا بحق الثأر لدماء شهداء الوطن ، الأمر الذي أكد بما لا يدع مجالا للشك لجميع دول العالم وقادة هذه التنظيمات الارهابية المارقة أن مصر السيسي الحديثة لن تترك حق أبناءها في أي مكان بالعالم حتى وإن كان خارج حدود السيطرة .
ولم تتوقف مواقف القيادة السياسية المصرية تجاه مواطنيها عند تلك الأزمة ، بل أعاد الرئيس السيسي التأكيد على أن هناك تغير جذري في سياسة الدولة المصرية تجاه مواطنيها ، وظهر ذلك عندما حاصر فيروس كورونا من يقيم على الأرض الصينية ، فكانت مصر أول دولة تجلي رعايها وبأقصى سرعة وعلى نفقتها، ليس ذلك فقط بل وفرت فريقا طبيا لتقديم الرعاية الطبية لأكثر من 300 مغترب مصري حتى عادوا إلى أرض الوطن ، وكان هذا النموذج المصري مدعاة لباقي دول العالم لإجلاء رعاياها بعد أن قدم الرئيس السيسي نموذجا للرئيس الإنسان الذي فكر في رعاياه بمنتهى السرعة والإنجاز والحنكة ، دون أن يغفل مراعاة كل المعايير الدولية في التعامل مع كارثة وباء كان يمكن أن يقضي على هؤلاء المواطنين المصريين ، أو ينتقل معهم عند حضورهم إلى بلدهم الأم ، ولكن ذكاء القيادة السياسية كان حاضرا في توفير مكان آمن لإستقبالهم قريبا من الحدود المصرية الليبية بعيدًا عن أي إحتكاك أو شبهة لإنتقال وإنتشار المرض .
أما عندما نتحدث عن أزمة الصيادين المصريين في اليمن ، فالحديث عنها يتجاوز حدود نطاق التعامل مع أزمة ، فإدارة تلك الأزمة تصلح لأن تدرس في كل الأكاديميات التي تدرس علم إدارة الأزمات ، فتلك الأزمة متعددة الجوانب والأخطار ، هي أزمة قانونية وأمنية لأنها وقعت في منطقة تفتقد لوجود نظام حاكم يمكن التعامل معه كدولة ، كما أن منطقة هذه الأزمة تخضع لإدارة الميليشيات المتعددة الولاءات والأهداف ، ولكن قوة الدولة المصرية وتاريخها في التعامل مع الأزمة اليمنية التي وقعت عند حدودها تلك المشكلة أعطت مصر مساحة للتعامل مع أي طرف يدير أي منطقة من مناطق الصراع باليمن ، لأن الموقف المصري كان قائما بالاساس على عدم التدخل بشكل تعسفي مع أي طرف ضد الآخر ، وكان يهدف إلى إعلاء مصلحة اليمن العليا وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي ، الذي رفض تورط مصر مع أي طرف أو أن تسهم القوات المسلحة المصرية في الإشتراك بإسالة دم أي يمني ، وهنا كانت توجيهات القائد والزعيم الرئيس السيسي واضحة بالحفاظ على المواطن اليمني والأمن اليمني الذي هو جزء لا يجزأ من الأمن القومي المصري .
ما جرى في التعامل مع الصيادين المصريين العائدين لوطنهم بسلام بعد إنتهاء الأزمة بسبب حكمة القيادة السيادسية كان نموذجا ورسالة واضحة لكل مواطن مصري أن رئيس مصر لا يغفل طرفة عين عن أي من أبنائه سواء داخل مصر أو خارجها ، كذلك فإن توفير الرعاية للعائدين داخل الطائرة الخاصة التي أقلتهم هو مؤشر على أن من يقود مصر هو زعيم وقائد بدرجة أب وإنسان .
إنها مصر الحديثة الحاضنة لأبنائها والقوية برئيسها العائدة بقوة لتؤكد للعالم أجمع أن هيبة مصر وكرامة مواطنيها أصبحت غير قابلة للافتئات أو التجاوز عليها .