تميزت وسائل الإعلام في العصر الحديث بقوتها وفعاليتها في التأثير على أفراد المجتمعات عامة، وانعكس ذلك على اتجاهاتهم وقيمهم ومبادئهم، ولأن النشاط الاتصالية بين الأفراد أساس التمدن في حياة الإنسان، فقد أصبح للإعلام دور هام في تحديد مستوى الوعي لدى الفرد والمجتمع على حد سواء، ونظرا لصلة الإعلام الوثيقة بثقافة المجتمع بقيمه وعاداته وتقاليده، وما يتمتع به من قوة اجتماعية واقتصادية هامة، كان له أثر رئيسي في تشكيل الرأي العام.
ولأن وسائل الإعلام من أهم الوسائل الفاعلة في تغيير القيم والاتجاهات الاجتماعية، وتعزيز أي سلوك إيجابي، وتهميش أي سلوك سلبي، كونها المسئولة عن صياغة ونشر وتوزيع الأخبار والمعلومات والأفكار والآراء، نجد الحكومات والمؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والهيئات ذات الصلة بالمجتمع وشرائحه تعتمد على وسائل الإعلام الجماهيرية (صحافة، إذاعة، تلفزيون، سينما) في الوصول إلى الجمهور المستهدف وتحقيق الأهداف المنشودة
للإعلام ووسائله دور كبير في توجيه المجتمع نحو السلوكيات الرشيدة والعادات الحسنة وتنفيره من السلوكيات الخاطئة، ومثال على ذلك «الحملات التوعوية» التي تقوم بها وسائل الإعلام تحت إشراف وزارة الصحة للتحذير من مخاطر آفات معينة مثل {التدخين -المخدرات -وغيرها}، وهذه الحملات توعي المجتمع لضمان بقاء أفراده في صحة وعافية.
ولأن هذا التأثر والتأثير لا يُمكن أن يحصل إلا من خلال المؤسسات الاجتماعية المتنوعة التي تتولى مهمة تنظيم علاقة الإنسان بغيره، وتعمل على تحقيق انسجامه المطلوب مع ما يُحيط به من كائناتٍ ومكونات؛ فإن العملية التربوية مستمرة مع الإنسان منذ أن يولد وحتى يموت؛
وتتم من خلال المؤسسات التربوية الاجتماعية التي تتولى مهمة تربية الإنسان، وتكيفه مع مجتمعه، وتنمية وعيه الإيجابي، وإعداده للحياة فيه. وتُعد هذه المؤسسات التربوية بمثابة الأوساط أو التنظيمات التي تسعى المجتمعات لإيجادها تبعاً لظروف المكان والزمان، حتى تنقُل من خلالها ثقافاتها، وتطور حضاراتها، وتُحقق أهدافها وغاياتها التربوية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات التربوية لا تكون على نمطٍ واحدٍ، أو كيفيةٍ واحدةٍ طول حياة الإنسان، إذ إنها متعددة الأشكال، مختلفة الأنماط، وتختلف باختلاف مراحل عمر الإنسان، وظروف مجتمعه، وبيئته المكانية والزمانية والمعيشية، وما فيها من عوامل وقوى. كما تختلف باختلاف نوعية النشاط التربوي الذي تتم ممارسته فيها.
وفي عصرنا الراهن تعددت مؤسسات التربية، وظهر العديد من ملامح عدم التكامل والتساند فيما بينها، بل اتضح أن هناك تبايناً بين ما تنقله هذه المؤسسات وما تعمل الأسرة على نقله للأبناء من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.
ولوسائل الإعلام دور هام في تثقيف الأفراد وتجاوز تأثير اختلاف الثقافات الفرعية التي ينتمون إليها، كما يسهم بعض ما تتيحه من أفكار ومفاهيم في توفير بؤرة ثقافية مشتركة يمكنها أن تساهم في ضبط سلوكيات الأفراد وتوجيهها نحو تحقيق أهداف المجتمع التنموية في المجالين الاجتماعي والاقتصادي معاً.
دور الاعلام في ابراز القيم الأخلاقية
ولكن في العصر الراهن أصبحت وسائل الإعلام من مؤسسات التربية التي من غير الممكن ضبطها وتوجيهها ذلك لأن غالبية هذه الوسائل تنقل ثقافات من خارج المجتمع، كما يسعى عدد كبير منها لتحقيق أهداف ومصالح تجارية لأفراد ومؤسسات لا تعير اهتماماً لمختلف المعايير والقيم الأخلاقية التي تميز ليس فقط ثقافة المجتمع بل عناصر مشتركة في أديان وثقافات مختلف المجتمعات الإنسانية.
فبينما يتوقع أن تساهم وسائل الإعلام في تشكيل بؤرة ثقافية يجتمع حولها أفراد المجتمع تساعد على تحقيق أهدافه، نجدها من خلال العديد من القنوات الفضائية تتيح ما من شأنه الاختلافات في الأفكار والسلوكيات بل وفي القيم التي يعتبر الاختلاف فيها من أهم عوامل ومصادر الصراع وعدم التكامل.
بل إن الاختلافات فيما تبثه وسائل الإعلام من أفكار ومفاهيم يوجد قدراً من اللامعيارية التي يهدد انتشارها نسق قيم المجتمع ليس فقط المحلي بل الإنساني ككل. ومن أنواع التأثيرات التي تحدثها وسائل الإعلام في الأفراد وتتضمن جوانب سلبية وأخرى
إيجابية:
تغيير الموقف أو الاتجاه ولا يقتصر ذلك على الأشخاص والقضايا بل يشمل بعض القيم وأنماط السلوك، حيث يتغير الموقف أو الاتجاه من حالة المودة إلى حالة العداء، ومن حالة الاستهجان إلى القبول أو التقدير.
أ- التغيير المعرفي ويكون أكبر تأثيراً من تغيير الاتجاه حيث يغير طبيعة إدراك الأشخاص للحياة من حولهم، وقد يطرح أساليب مختلفة للنجاح قد لا تتفق مع الواقع والمفاهيم السائدة.
ج-التنشئة الاجتماعية حيث تسعى جميع الرسائل الإعلامية إلى إزالة قيمة وتثبيت أخرى، أو ترسيخ وضع قائم، ومنع آخر، ويحدث ذلك من خلال ما تطرحه من نماذج قد تتعارض مع متطلبات الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي تسعى الأسرة لجعل الأولاد يتكيفون لمطالبها وللأحكام التي تضبط أساليب تحقيق الاحتياجات.
د-الاستثارة العاطفية تتعمد وسائل الإعلام استثارة مشاعر السخط والتمرد والكراهية والولاء من خلال تركيزها على مشاهد العنف وإثارة الغرائز، وذلك ليسهل توجيهها الوجهة التي تتيح التحكم بأفكار وأفعال الأفراد.
هـ الضبط الاجتماعي ويحدث ذلك من خلال تشكيل رأي عام واتجاهات موحدة نحو موقف أو قيمة أو سلوك بحيث تصبح جزءا من ثقافة المجتمع التي تشكل مصدر ضوابطه.
و-صياغة الواقع حيث تعمد وسائل الإعلام إلى إبراز جوانب من الواقع وإغفال أخرى، بحيث يبدو أن ما يظهر فيها معبراً عن الحقيقة وواقع الحياة والمجتمع، كما تحدد الصورة النمطية للمواقف والأشخاص، والأدوار، وقد تكون الصورة مثالية غير واقعية أو فيها تضخيم لأحداث، أو تقليل من شأنها.
ز-تكريس الواقع ويحدث من خلال تزكية وتمجيد أوضاع قائمة أو أفكار سائدة، أو نماذج وشخصيات معينة. وهنا تظهر أهمية البحث عن أثر الأسرة في تشكيل التفاعل الواعي مع وسائل الإعلام، ويمكن صياغتها في التساؤلين التاليين:
1-ما هي أهم خصائص التفاعل الواعي؟
2-ما دور الأسرة في تشكيل التفاعل الواعي مع وسائل الإعلام؟
لقد أشار العديد من التحليلات إلى أهمية تأثير وسائل الإعلام على الأفراد في مجالات مختلفة، كما أكدت نتائج عدد من الدراسات أهمية الدور الذي تمارسه وسائل الإعلام في توجيه السلوك، وتشكيل الإدراك. إلا أن غالبية هذه التحليلات والدراسات تميل إلى تجاهل المحيط الاجتماعي الذي يتم خلاله التأثير من وسائل الإعلام على المتعرضين لها، فكما تؤكد النظرية الاجتماعية النفسية فإن سلوكيات الأفراد ليست مجرد ردود أفعال للمواقف بل هي ناتج لقدرتهم على إدراك معاني الرموز وتفسير الواقع أو المواقف
، كما لا تبرز هذه الدراسات أنماط وأساليب التفاعل الإيجابي الواعي مع هذه الوسائل الإعلامية وذلك مما يمكن أن تتيحه الأسرة باعتبارها وسيطاً صاقلاً ومؤثراً وقامعاً بين الفرد ومحيطه الاجتماعي والثقافي.
من المعروف أن التربية نشاط أو عملية اجتماعية هادفة، وأنها تستمد مادتها من المجتمع الذي توجد فيه؛ إذ إنها رهينة المجتمع بكل ما فيه ومن فيه من عوامل ومؤثرات وقوى وأفراد، وأنها تستمر مع الإنسان منذ أن يولد وحتى يموت؛ لذلك فقد كان من أهم وظائفها إعداد الإنسان للحياة، والعمل على تحقيق تفاعله وتكيفه المطلوب مع مجتمعه الذي يعيش فيه فيؤثر فيه ويتأثر به.
وهنا يمكن تعَريف المؤسسات التربوية بأنها تلك البيئات أو الأوساط التي تُساعد الإنسان على النمو الشامل لمختلف جوانب شخصيته، والتفاعل مع من حوله من الكائنات، والتكيف مع من ما حوله من مكونات. ويأتي من أبرز وأهم هذه المؤسسات التربوية في المجتمع الأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق إلى جانب المسجد ووسائل الإعلام والأندية وأماكن العمل ونحوها من المؤسسات المختلفة التي تؤثر على تربية الإنسان سواءً كان ذلك التأثير بطريقةٍ مُباشرةٍ أو غير مباشرة.
ومعنى هذا أن تربية الإنسان لا يمكن أن تتم إلا من خلال بعض المؤسسات أو الوسائط الاجتماعية المختلفة. ونظراً لكثرة هذه المؤسسات وتنوعها واختلاف أشكالها وأنماطها؛ فقد عَرَف المجتمع المسلم عبر تاريخه الطويل عدداً من هذه المؤسسات الاجتماعية التربوية والتعليمية المختلفة التي كانت نتاجاً طبيعياً للعديد من المطالب والتحديات والتغيرات الحضارية التي طرأت بين حينٍ وآخر على العالم الإسلامي. بل إن كل مؤسسة من المؤسسات التربوية التي عُرفت في الإسلام إنما نشأت استجابةً لحاجةٍ وظروفٍ اجتماعيةٍ معينة. ويأتي من أبرز هذه المؤسسات التربوية والتعليمية ما يلي:
1) الأُسرة (المنـزل): وهي الخلية الأولى التي يتكون منها نسيج المجتمع، كما أنها الوسط الطبيعي الذي يتعهد الإنسان بالرعاية والعناية منذ سنوات عمره الأولى . وقد حث الإسلام على تكوينها والاهتمام بها لأثرها البارز في بناء شخصية الإنسان وتحديد معالمها منذ الصغر.
2) وتتكون الأسرة في الغالب من مجموعة أفراد تجمعهم فيها ظروف المعيشة الواحدة؛ وتربطهم رابطةٌ شرعيةٌ قائمةٌ على المودة والمحبة.
وتُعد الأسرة أهم المؤسسات التربوية الاجتماعية التي لها الكثيـر من الوظائف، وعليها العديد من الواجبات الأساسية حيث تُعتبر بمثابة المحضن الأول الذي يعيش الإنسان فيها أطول فترةٍ من حياته، كما أن الإنسان يأخذ عن الأُسرة العقيدة ، والأخلاق ، والأفكار ، والعادات ، والتقاليد ، وغير ذلك من السلوكيات الإيجابية أو السلبية .
وللأسرة وظائف كثيرةٌ ومتنوعة لا سيما أنها تُعنى بتنمية ورعاية جميع الجوانب الشخصية للإنسان في مختلف مراحل عمره. وعلى الرغم من اشتراك الأسرة المسلمة مع غيرها من الأسر في أداء بعض الوظائف التربوية؛ إلا أن للأُسرة المسلمة بعضاً من الوظائف التربوية المميزة التي من أبرزها ما يلي :
أ) العمل على تزويد المجتمع المسلم بالذرية الصالحة التي تُحقق قوله صلى الله عليه وسلم: ” تزوجوا الولود الودود؛ فإني مُكاثرٌ بكم ” (رواه النسائي، الحديث رقم 3026، ص 680). والتي تكون عاملاً قوياً في تحقق واستمرار الحياة الأُسرية، وضمان استقرارها.
ب) تحقيق عوامل السكون النفسي والطمأنينة لجميع أفراد الأسرة حتى تتم عملية تربيتهم في جوٍّ مُفعمٍ بالسعادة بعيداً عن القلق والتوتر والضياع.
ويأتي ذلك تحقيقاً لقوله تعالى:} وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون َ {(سورة الروم: الآية رقم 21).
ج) حُسن تربية الأبناء والقيام بواجب التنشئة الاجتماعية الإيجابية، والعمل على صيانة فطرتهم عن الانحراف والضلال، تحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم:” كُلُّ مولودٍ يُولدُ على الفطرة فأبواهُ يُهوِّدانِهِ، أو يُنصِّرانِهِ، أو يُمجِّسانِهِ ” (رواه البخاري، الحديث رقم 1385، ص 222).
د) توفير مقومات التربية الإسلامية الصحيحة لأفراد الأسرة عن طريق العناية بمختلف الجوانب الشخصية للإنسان (روحياً، وعقلياً، وجسمياً). والحرص على توازنها وتكاملها لما لذلك كله من الأثر الكبير في تشكيل وتكوين الشخصية المسلمة السوية، والعمل على تفاعلها وتكيفها مع ما حولها من المكونات، ومن حولها من الكائنات بصورةٍ ايجابيةٍ، ومستمرةٍ طول فترة الحياة.
هـ) الحرص على توعية أعضاء الأسرة وخاصة الصغار منهم بكل نافعٍ ومفيد، والعمل على تصحيح مفاهيمهم المغلوطة، وحمايتهم من كل ما يُهدد سلامتهم وسلامة غيرهم، وتعليمهم الأخلاق الكريمة، والآداب الفاضلة، والعادات الحسنة حتى يشبون عليها، ويتعودون على مبدأ التحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل.
و) إكساب أعضاء الأسرة الخبرات الأساسية والمهارات الأولية اللازمة لتحقيق تكيفهم وتفاعلهم المطلوب مع الحياة، وإكسابهم الثقة بالنفس، والقدرة على التعامل مع الآخرين.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدور التربوي للأُسرة في عصرنا الحاضر قد تقلص بعض الشيء ولم يعد بنفس المنـزلة التي كان عليها من قبل، والسبب في ذلك أن هناك مؤسساتٍ اجتماعيةٍ أُخرى تمكنت في العصر الحاضر من مُزاحمة الأسرة والسيطرة على معظم الوقت الذي يقضيه الإنسان تحت تأثيرها ومن هذه المؤسسات وسائل الإعلام التي تُعد بحق في عصرنا أهم وأبرز المؤسسات التربوية الاجتماعية المؤثرة تأثيراً فاعلاً في حياة الإنسان صغيراً كان أو كبيراً، جاهلاً أو مُتعلماً، ذكراً أو أُنثى.
2 ) المسجد : يُعد المسجد أبرز وأهم المؤسسات الاجتماعية التربوية التي ارتبطت بالتربية الإسلامية ارتباطاً وثيقاً نظراً لعددٍ من العوامل التي أدت في مجموعها إلى ذلك الارتباط والتلازم ؛ لا سيما وأن المسجد لم يكن في المجتمع المسلم الأول مجرد مكان لأداء العبادات المختلفة فقط بل كان أشمل من ذلك ؛ إذ كان جامعاً لأداء العبادات من الفرائض والسُنن والنوافل ، وجامعةً للتعليم وتخريج الأكفاء من الخلفاء والعلماء والفقهاء والأمراء ، ومعهداً لطلب العلم ونشر الدعوة في المجتمع ، ومركزاً للقضاء والفتوى ، وداراً للشورى وتبادل الآراء ، ومنبراً إعلامياً لإذاعة الأخبار وتبليغها ، ومنـزلاً للضيافة وإيواء الغرباء ، ومكاناً لعقد الألوية وانطلاق الجيوش للجهاد في سبيل الله تعالى ، ومنتدُى للثقافة ونشر الوعي بين الناس ، إلى غير ذلك من الوظائف الاجتماعية المختلفة .
وبذلك يمكن القول إن المسجد في الإسلام يُعد جامعاً وجامعةً، ومركزاً لنشر الوعي في المجتمع، ومكاناً لاجتماع المسلمين، ولم شملهم، وتوحيد صفهم. وهو بحق أفضل مكانٍ، وأطهر بقعةٍ، وأقدس محلِّ يمكن أن تتم فيه تربية الإنسان المسلم وتنشئته، ليكون بإذن الله تعالى فرداً صالحاً في مجتمعٍ صالحٍ.
ولعل من أهم ما يُميز رسالة المسجد التربوية في المجتمع المسلم أنه يُعطي التربية الإسلامية هويةً مميزةً لها عن غيرها، وأنه مكانٌ للتعليم والتوعية الشاملة، التي يُفيد منها جميع أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم، وأعمارهم، وثقافاتهم، وأجناسهم؛ إضافةً إلى فضل التعلم في المسجد، وما يترتب على ذلك من عظيم الأجر وجزيل الثواب.
فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة، ونزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده ” (رواه ابن ماجة، ج 1، الحديث رقم 225، ص 82).
3) المدرسة: وهي من أهم وأبرز المؤسسات الاجتماعية التربوية التي أنشأها المجتمع للعناية بالتنشئة الاجتماعية لأبنائه، وتربيتهم، وتهيئتهم، وإعدادهم للحياة.
4) وعلى الرغم من أنه لا يُعرف متى وأين وكيف ظهرت أول مدرسةٍ في التاريخ إلا أنه يُمكن القول: إنها ظهرت عندما دعت الحاجة إليها .
ولعل من أبرز وأهم وظائف المدرسة ما يلي:
* أنها تعمل على تبسيط ونقل التُراث المعرفي والثقافي ونحو ذلك من جيل الكبار إلى جيل الصغار، أو من المعلمين إلى الطلاب تبعاً لما يتناسب واستعداداتهم وقدراتهم المختلفة؛ فينتج عن ذلك جيلٌ متعلمٌ ومُثقف.
* أنها تعمل على استكمال ما كان قد تم البدء فيه من تربيةٍ منزلية للفرد، ثم تتولى تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتعديل السلوك الخاطئ، إضافةً إلى قيامها بمهمة التنسيق والتنظيم بين مختلف المؤسسات الاجتماعية ذات الأثر التربوي في حياة الفرد فلا يحدث نوع من التضارب أو التصادم أو العشوائية.
* أنها تقوم بدورٍ كبيرٍ في عصرنا الحاضر حينما تكون في معظم الأحيان بديلاً للأُسرة إذ يتشرب الصغار فيها عادات وقيم وأخلاق وسلوكيات مجتمعهم الذي يعيشون فيه.
* أنها بمثابة مركز الإشعاع المعرفي في البيئة التي توجد فيها؛ إذ إنها تُقدم للمجتمع كله خدماتٍ كثيرة ومنافع عديدة من خلال نشر الوعي الصحيح بمختلف القضايا، وكيفية التعامل السليم مع من حول الإنسان وما حوله
* أنها تعمل على إشاعة الوعي الإيجابي عند أبناء المجتمع تجاه مختلف القضايا الفردية أو الجماعية سواءً كان ذلك بطريقٍ مُباشرٍ أو غير مُباشر.
4) وسائل الإعلام: وهي مؤسسات اجتماعية تربوية إعلامية تكون في العادة مرئيةً، أو مسموعةً، أو مقروءة وتُعد هذه الوسائل على اختلاف أنواعها من أهم وأبرز الوسائط التربوية في عصرنا الحاضر، وأكثرها تأثيـراً على تربية وثقافة ووعي الإنسان؛
حيث تُقدم برامج مختلفة وثقافات متنوعة من خلال وسائلها الجماهيرية المختلفة التي منها: الإذاعة، والتلفزيون، والفيديو، والصحافة، وشبكة الإنترنت، وأشرطة التسجيل السمعية، والسينما، والمسارح، والمعارض، والمتاحف، وغيرها من الوسائل الأُخرى التي تُخاطب جميع الفئات، ومختلف الأعمار، وتدخل كل بيت، وتصل إلى كل مكان.
وتمتاز وسائل الإعلام بقدرتها الفائقة على جذب اهتمام الناس من مختلف الأعمار؛ والثقافات؛ والبيئات. كما تمتاز بأن لها تأثيراً قويًّا على الرأي العام في مختلف الظروف، وأن تأثيرها يصل إلى قطاعاتٍ عريضةٍ من فئات المجتمع؛ وهذا يعني أنه من المهم جدًّا استثمارها، والإفادة منها، والعمل على تسخيرها بشتى الطرق والكيفيات لخدمة أهداف وأغراض التربية الإسلامية؛ عن طريق التنسيق المستمر بين هذه الوسائل وغيرها من المؤسسات التربوية الأُخرى في المجتمع. وعن طريق إسناد مهمة الإشراف عليها لمن تتوافر فيه الكفاءة الدينية والخُلقية والعلمية والمهارية.
5) النـوادي أو الأندية: وهي مؤسسات اجتماعية تربوية تكون في الغالب (ثقافيةً، أو رياضيةً، أو اجتماعية). وقد كثُر انتشارها في المجتمعات المعاصرة.
6) وتُعد أماكن يلتقي فيها الإنسان مع فئـةٍ من الناس الذين يجمعهم هدفٌ مشترك، أو مصلحةٌ مشتركةٌ؛ حيث إنها تُقدم إمكاناتٍ هائلةً لحياةٍ اجتماعيةٍ يُقبل عليها الأفراد باختيارهم وطواعيتهم، ليتمتعوا في رفقة زملائهم وأقرانهم بجوٍ من المرح والعمل. وفي الأندية فرصٌ متعددةٌ لممارسة الرياضات المفضلة، وتكوين العلاقاتٍ الاجتماعية مع الآخرين.
وتزداد أهمية الأندية في التنشئة الاجتماعية – كما يُشير إلى ذلك بعض الباحثين -مع زيادة عجز الأُسرة عن توفيـر الفرص الكافية والمناسبة لممارسة النشاطات الرياضية، والاجتماعية، والثقافية المختلفة. وللنوادي (الأندية) صورٌ مختلفةٌ ومتنوعةٌ تبعاً لمستوى وعي وثقافة المجتمع وظروفه المختلفة؛ فمن النوادي ما يكون مخصصاً للرياضة البدنية وممارسة ألعابها ونشاطاتها المختلفة.
ومنها ما يكون مخصصاً للعناية بالجوانب الثقافية والأنشطة الأدبية والفعاليات الفكرية، ومنها ما هو اجتماعيٌ يهتم بخدمة المجتمع وتلبية احتياجات أفراده.
إلا أنها تشترك جميعاً في أن لها آثاراً هامةً في بناء شخصية الإنسان، وتحديد اتجاهاته، وتكوين ثقافته وفكره، لا سيما في فترة الشباب من العمر التي يُكثر الإنسان خلالها من تواصله مع هذه المؤسسات بصورةٍ أو بأُخرى. كما أن من آثارها الإيجابية شغلها لأوقات الفراغ عند الإنسان بما يعود عليه بالنفع والفائدة.
وليس هناك من شك في أن التربية الإسلامية تُعنى بالنوادي على اختلاف أنواعها لكونها مؤسساتٍ اجتماعيةٍ تربويةٍ لها أثر بارزٌ ودورٌ فاعلٌ في تربية الإنسان المسلم وتحديد معالم شخصيته؛ وتحرص على أن تُخضع هذه النوادي وما فيها من أنشطةٍ وفعالياتٍ متنوعة للإشراف المُستمر الواعي، والتوجيه الصحيح المنضبط الذي يتلاءم ويتوافق مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ولا يتعارض بأي حالٍ مع تعاليمه وتوجيهاته في مختلف المجالات والميادين الحياتية.
6) المكتبات العامة: وهي أماكن خاصة تتوافر فيها الكُتب، والمراجع، والمواد المطبوعة أو غير المطبوعة التي تُقدِّم عدداً من الخدمات التعليمية، والتثقيفية، والإعلامية، والتوعوية اللازمة لأفراد المجتمع. وعادةً ما تكون هذه المكتبات تحت إشراف بعض الجهات الرسمية.
كما أنها قد تكون مُلحقةً ببعض المؤسسات الاجتماعية كالمؤسسات التربوية والتعليمية، والجوامع، والنوادي، وبعض المرافق الاجتماعية الأُخرى. وقد تكون بعض المكتبات خاصةً ببعض الأفراد.
ويأتي من أبرز مهام المكتبات تسهيل مهمة الاطلاع والقراءة على القراء وطلاب العلم، وتمكين الباحثين والدارسين من القيام بمهمة البحث والدراسة بأنفسهم من خلال المكتبات بالعودة إلى المصادر والمراجع العلمية والأدبية ونحوها؛ حيث تقوم المكتبات بتوفير أهم المؤلفات والمُصنفات فيها لتكون بين يدي القراء والباحثين عند الرغبة في العودة إليها.
كما أن من أبرز مهام المكتبات تيسير سبل الاطلاع على محتوياتها من خلال نظام الإعارة الخارجية للراغبين في ذلك من روادها أو غيرهم من أفراد المجتمع. وللمكتبات العديد من المناشط التي تُسهم من خلالها في نشر الثقافة والمعرفة، وخدمة القضايا التربوية والتعليمية والاجتماعية ونحوها. ولعل من أبرز هذه المناشط والإسهامات تنظيم المسابقات الثقافية، وعقد الدورات التدريبية، وإقامة المحاضرات والندوات المتنوعة، وتنظيم معارض الكتاب، ونحو ذلك من النشاطات المختلفة.
7) جماعات الرفاق: وهي نوعٌ من المؤسسات الاجتماعية التربوية التي لها تأثيرٌ كبير في تربية الإنسان انطلاقاً من كونه كائناً حيًّا اجتماعيًّا يميل بفطرته إلى الاجتماع بغيره،
8) ولذلك فإن جماعة الرفاق في أي مجتمع بمثابة جماعةً أوليةً شأنها شأن الأُسرة في الغالب؛ لأنها صغيرة العدد، وتكون عضوية الفرد فيها تبعاً لروابط الجوار، والشريحة العُمرية، والميول، والدور الذي يؤديه الفرد في الجماعة.
ولجماعات الرفاق أثرٌ فاعلٌ في تربية الإنسان وتكوين شخصيته لاسيما في سنوات مرحلتي الطفولة والمراهقة؛ حيث يكون أكثر تأثراً بأفراد هذه الجماعات الذين يكونون عادةً من الأنداد، سواء كانوا زملاء دراسةٍ، أو رفاق لعبٍ، أو أصدقاء عمر؛ أو غيرهم ممن يُرافقهم الإنسان لفترات طويلةٍ أو قصيرةٍ.
ولعل تأثير جماعة الرفاق على الإنسان عائدٌ إلى اختلاف أفرادها؛ وتنَّوع ثقافاتهم؛ واختلاف بيئاتهم.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن أماكن العمل سواءً كانت رسميةً أو تطوعية تُعد من جماعات الرفاق إلا أنه يغلب عليها الطابع الرسمي في العادة، وهي مؤسسات اجتماعيةٌ ذات تأثيرٍ هامٍّ على تربية الإنسان بعامةٍ نظراً لما يترتب على وجوده فيها من احتكاك بالآخرين؛ إضافةً إلى أنه يقضي فيها جزءاً ليس باليسيـر من وقته الذي يكتسب خلاله الكثير من المهارات، والعادات، والطباع، والخبرات المختلفة.
والمعنى أن جماعات الرفاق توجد وتُمارس نشاطاتها المختلفة في المكان الذي يجتمع فيه أفرادها، حيث تجمعهم – في الغالب – الاهتمامات المشتركة والنشاطات المرغوب فيها كالنشاطات الرياضية، أو الترويحية، أو الثقافية، أو الاجتماعية، أو الوظيفية، أو التطوعية، ونحوها.
كما أن لكل جماعة من جماعات الرفاق ثقافةً خاصةً بهم، وهذه الثقافة تُعد فرعيةً ومتناسبةً مع مستوياتهم العقلية والعُمرية، وخبراتهم الشخصية، وحاجاتهم المختلفة؛ إلا أنها تختلف من جماعةٍ إلى أخرى، تبعاً للمستويات الثقافية والتعليمية والعُمرية، والأوساط الاجتماعية المتباينة.
وقد اهتمت التربية الإسلامية بجماعات الرفاق وأدركت أهميتها ودورها الفاعل في التأثير على سلوك الأفراد سواء كان ذلك التأثير سلبيًّا أو ايجابيًّا ؛ ولعل خير دليلٍ على ذلك ما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” مثلُ الجليس الصالح و السَّوءِ كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إمَّا أن يُحْذِيَكَ ، وإمَّا أن تبتاع منه ، وإمَّا أن تجد منه ريحًا طيِّبَةً ، ونافخُ الكِيرِ إمَّا أن يُحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحًا خبيثةً ” ( رواه البخاري ، الحديث رقم 5534 ، ص 984 ) .
وعلى الرغم من تعدد أنواع هذه المؤسسات الاجتماعية وتعدد وظائفها وواجباتها إلا أن علاقة الإنسان المسلم بالمؤسسات التربوية في المجتمع تنطلق من كون التربية الإسلامية عمليةً تمتاز بخاصية الشمول والاستمرارية والتجدد؛ إذ إنه لا حد نهائي لتربية الإنسان المسلم، فهو طالب علم ومعرفة منذ أن يولد وحتى يموت، ولذلك فإن تربيته الشاملة ليست محدودةً بزمنٍ ما، أو مرحلةٍ معينةٍ،
ولا تقتصر مسؤوليتها على مؤسسةٍ دون أُخرى، ولكنها مسؤولية جميع المؤسسات والأوساط التربوية في المجتمع، لأن الإنسان يمكن أن يكون في عضواً في عدة مؤسسات تربوية تعليمية ما دام حيًّا؛ فمثلاً يكون الولد فرداً في أسرة، وطالباً في مدرسة، وعضواً في النادي الرياضي، ومداوماً على الصلاة وحلقات العلوم في المسجد المجاور.
وقد يكون الوالد أبـاً في المنـزل، ومدرساً في مدرسة، أو طبيباً في المستشفى، وهو إداريٌّ في النادي، ومساهم في نشاط الإذاعة والتلفزة. وتكون السيدة أُمـًّا في المنـزل، وعضوةً في الجمعية النسائية، وطبيبةً أو مديرة. وهكذا فحياة المسلم أو المسلمة كُلها خيـرٌ وإنتاج، تعتمد على مزيدٍ من التربية والتعليم.
والخلاصة، أن للمؤسسات التربوية المختلفة في المجتمع المسلم أهميةً بالغةً؛ وأثراً بارزاً في العملية التربوية بعامة والتعليمية بخاصة؛ الأمر الذي يفرض على المهتمين في الميدان التربوي والتعليمي مزيداً من العناية والاهتمام بها، والحرص على أن تكون مُتميـزةً في المجتمع المسلم، ومُختلفةً عن مثيلاتها في المجتمعات الأُخرى؛
نظراً لكون المجتمع المسلم ينفرد عن غيره من المجتمعات الأُخرى بمصادره، وأهدافه، وغاياته، وخصائصه التي تفرض على مؤسساته التربوية المُختلفة في المجتمع المُسلم أن تكون فريدةً هي الأُخرى، ومُتميزةً، وقادرةً على تحقيق ما هو مرجوٌّ منها، لأنها هي المسؤولة عن تربية الإنسان المسلم، وإعداده لممارسة أدواره ووظائفه الاجتماعية المختلفة في الحياة.
كما يكون للإعلام دور كبير في التحذير من الجرائم الأخلاقية التي تستهدف أمن المجتمعات وأخلاقهم من {سرقة -تسول -مخالفة -غير ذلك}،
ببيان خطورتها وسلبياتها، وكذلك بيان العقوبة المترتبة على فعلها. ودور الإعلام في توجيه الأفراد نحو استخدام المرافق العامة التي توفرها الدولة-لخدمة الأفراد بصورة سليمة، ومثال عليها {المراكز الصحية -المستشفيات -الحدائق -المتنزهات العامة -المتاحف الوطنية}، ويكون ذلك التوجيه من خلال حملات إعلامية عن طريق {التلفزيون -المذياع -الصحف الإلكترونية}،
وتتضمن بيانا لفائدة المرافق العامة للمجتمعات، وضرورة استمرارية وجودها لخدمة الأفراد والترفيه عنهم، كما تتضمن توجيه الأفراد نحو اجتناب كثير من السلوكيات التي تفسد هذه المرافق العامة، مثل العبث فيها بالتخريب أو الحرق أو غير ذلك.
وأما دور الإعلام في توجيه المجتمع للاقتصاد الرشيد فمثال ذلك {استهلاك المياه -ترشيد استخدام الكهرباء -غير ذلك من الموارد}، فهذه الموارد يجب على المجتمعات أن تحافظ عليها حتى لا تنضب وتفنى.
كذلك للإعلام دور في تثقيف الناس وزيادة وعيهم بالمخاطر، فالمجتمعات قد تغفل أحيانا عن استشعار المخاطر حولها، ويكون للإعلام دور كبير في إيقاظ المجتمعات للتنبه باستمرار لما يحيط بها من مخاطر وتهديدات وضرورة الاستعداد لمواجهتها والتصدي لها، مثل «الدفاع المدني» يقوم بتثقيف المجتمع على {التعامل مع الحرائق-التعامل مع الإصابات-إلى غير ذلك}.
أما على صعيد «النشاط التجاري» في البلد والتأثير فيه، فكثير من الشركات تؤثر في توجه الأفراد لأنماط استهلاكية معينة من خلال حملاتها الترويجية والإعلانية.
الإعلام وسيلة موجودة منذ القدم بصورة بسيطة، وقد تطورت عبر الأجيال لتصل إلى ما وصلت عليه في العصر الحالي، وقد اتخذت أساليب ومَجرى متطور آخر يتماشى مع درجة تطور المجتمع. للأعلام اهمية كبيرة جعلت منه السلطة الرابعة في اي بلد، واليوم تزداد هذه الاهمية خطوة وضرورة وذلك نظرا الى محاولات أطراف مختلفة الاستفادة من الاعلام كحربة لتمرير مخططاتها وتحقيق مكاسب وغايات خاصة تلبية لمصالحهم ومنافعهم في السلطة والتوسع.
كما شهدناه ونشهده في ثورة الربيع العربي كيف تحولت بعض القنوات والاذاعات والصحف ومجلات الى اداة لاستخدامات مختلفة منها اسقاط حكام وافتعال حروب وتدمير اقتصاد البلاد وقتل وتشريد مئات الالاف من البشر وذلك بهدف ابقاء أحد ما في السلطة واسقاط اخرين وتغير نظام الحكم في البلاد حسب مصالح ومنافع بعض القوى الدولية والاقليمية تاركين الشعوب في ضياع وفوضى واخر ما يمكن التفكير بهم.
الاعلام أصبح له دور كبير في أي خطوات تتخذه حكومات سواء اقتصادية، سياسية، عسكرية، ثقافية، او حتى في حروبها فهي قبل كل شيء تبدأ من الاعلام حملة بروبغندا لسياساتها لتأثير على الراي العام والمجتمع واخذ تفويض وتأييد من المجتمع والراي العام العالمي بشأن الخطوة التي سيتخذها. حيث تلعب وسائل الإعلام دور حيوي ومميز في كافة المجتمعات فهي التي يعتمد عليها الفرد في التعرف على كافة الأخبار سواء السياسية أو الاقتصادية أو غير ذلك.
تعتبر وسائل الإعلام بمختلف أنواعها المصدر الأكثر أهمية في الحصول على المعلومات بالنسبة للغالبية العظمى من الناس، سواء كان ذلك من خلال الراديو، أو التلفاز، أو الصحف، أو غيرها من وسائل الإعلام المختلفة، حيث تعمل على نشر الأخبار على أوسع نطاقٍ جماهيري ممكن، لذلك أصبحت المصدر الأساسي المعتمد من قبل غالبية الناس في الحصول على المعلومات والأخبار المختلفة، فهي تعتبر مصدراً أساسياً للأخبار السياسية،
كما أنّها مصدر للمعلومات الترفيهية كمتابعة البرامج التلفزيونية، ومشاهدة الأفلام بشتى أنواعها، بالإضافة إلى أهميتها الكبيرة في توفير البرامج التعليمية المختلفة، ويمكن معرفة ثقافة دولةٍ وسكانها من خلال مشاهدة وسائل الإعلام لتلك الدولة وتحليلها والتفاعل معها.
كتعريف لمفهوم الإعلام تعتبر متابعة الأخبار اليومية، ومشاهدة بعض البرامج الترفيهية، والمسابقات، بالإضافة إلى الإعلانات، وغيرها مضامين إعلامية تبثُّ للمجتمع؛ بهدف الترفيه، والتعليم، والاطِّلاع، والتثقيف، حيث نشاهدها يومياً حين عرضها باستخدام الوسائل الإعلامية المتنوِعة.
إن صناعة الإعلام تقتضي تبنِي عدد من المضامين، والرسائل المتنوعة، والمضيِ قدماً في إنتاج، وترويج، ونموذجة هذه المضامين ضمن قوالب محددة، بحيث تشمل شرائح المجتمع بكافة اهتماماتهم؛ حيث إن بعض المضامين تتطلَّب أن تكون على شكل برنامج تلفزيوني،
وأخرى تكون على هيئة حملة ترويجية في المجلّات، والصحف، وهنا يأتي دور وسائل الإعلام، والمتمثل بطبيعة كل وسيلة، ومتطلَّباتها، وما يتناسب معها، وفئة الجمهور المقصود، والمعني بمشاهدة هذا المحتوى الإعلامي،
ومن الجدير بالذكر أن نجاح الرسالة الإعلامية يقاس بمدى تأثُّر الجمهور بها، فِكرياً، وعملياً؛ لأنّ الرسائل الإعلامية تحمل في جوفها مضامين متعددة تم بناؤها بأسلوب متقن؛ لإيصال تلك الرسالة، وتمرير مضمونها بشكل غير مباشر في أغلب الأحيان.
والوسيلة الإعلامية الفاعلة، والمهمة، هي تلك الوسيلة التي تحقِّق أعلى نِسب الانتشار، والتأثير في المجتمع، وهذا يتطلَّب دراسة متعمِقة، وفهماً للمجتمع، والإعلام في آن معاً؛ فوسائل الإعلام ليست مؤسسات معزولة عن مجتمعها،
كما لا يمكن أن تنجح وسيلة إعلامية دون العمل على نسج المضامين، والرسائل بأسلوب العرض المقنع، والمشوق للفئة الجماهيرية المعنية بها، ويعتبَر تعدد وسائل الإعلام، وتنوع أنماط عرضها للمحتوى دليلاً على تنوع الجماهير؛
إذ إن لكل فئة جماهيرية في المجتمع ما ينسجم معها من قنوات، وصحف، ومجلات، وإذاعات، فمحصِلة هذه العملية الاتِّصالية بين منشئي المحتوى، والمتلقِّين له هو تنمية شعور، أو سلوك معين نحو الرسالة المقدمة، حيث إن الإعلام يروج فكرة، أو منتجاً، أو قناعة ما، والجمهور يبدأ بتبني هذه القناعة تدريجياً.
بات وبشكل رئيسي تعتمد العديد من المؤسسات والهيئات الحكومية والمنظمات والأحزاب على نشر أعمالها والترويج لها من خلال وسائل الإعلام،
حيث يتم استخدام وسائل الإعلام في الإعلان عن المنتجات والخدمات، والتي تساعد في التأثير على الوعي العام وتصورات الأفراد وأفكارهم، مثل حثهم على شراء منتجاتٍ معينة، أو التأثير على قراراتهم في التصويت، كما تؤثر وسائل الإعلام بشكلٍ كبيرٍ على العلامات التجارية، وسمعة الشركات أو المؤسسات وصورتها أمام الناس، ممّا يساهم بالتأثير على نجاح حملاتها الترويجية.
ان أهمية الإعلام كمصدر لتلقِّي المعلومة تتزايد قيمة الوسائل الإعلامية؛ لأنها تعد مصدراً لتلقِّي المعلومة، والخبر؛ فالمهتم بالشؤون السياسيّة يعتمد على متابعة الإعلام، وذلك أمر مشابه للمهتم بالرياضة، والاقتصاد، والصحة، والموضة، والثقافة، والفن، والتقنية، وريادة الأعمال، والكثير من المجالات التي تستقي معلوماتها، وآخر أخبارها من الإعلام، وخاصة الإعلام الجديد،
علماً بأن دورها المهم لا يتوقَف عند نقل الأخبار فقط، بل يتعدّاه لتصبح أيضاً أداة ناقلة لصوت الشعوب، ومسألة لصناع السياسات في دوائر صنع القرار عن أولوياتهم، إلا أن ذلك يتطلب شفافية عالية من وسائل الإعلام، وتبَنٍ لقضايا المجتمع، والإنسان، وهذا يحملها مسؤولية مضاعفة على صعيد مصداقيّتها؛
فالإعلام يمكن أن يكون منبراً للرسائل العادلة التي تعود بالنفع على المجتمع، وقد يُحرِّض بشكل غير مباشر على الكراهيّة، والعنصرية، أو قد يكون أداة؛ لنشر الأكاذيب، والتضليل الإعلاميّ، وقد ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في تمكين حرية التعبير، وأتاحت لمستخدميها إيصال آرائهم، وتوضيح ردود أفعالهم إزاء خبر ما، بالإضافة إلى أنها قد تكون مؤسسة إعلامية تتبنَّى سياسة تحريرية معينة.
أهمية الإعلام في تنمية المجتمع أشادت منظَّمة الأُمَم المتحِدة اليونسكو بدور الإعلام الحر الذي يؤمن بتعدد وجهات النظر، وحرية التعبير بوصفها إحدى أهم أدوات تعزيز الشفافية في المجتمع، وإحدى ركائز التنمية السياسية، والثقافية، وهذا بلا شك يضاعف أهمية الدور الذي تؤديه وسائل الإعلام، ويعلي من شأنها على الصعيد السياسي، والمجتمعي، علماً بأنّه لا بد أن تساندها في تحقيق ذلك السياسات الرامية إلى تحقيق حرية التعبير لفئات المجتمع، وضبط سبل التعبير عن الرأي بقوانين تحافظ على سلامة المجتمع دون المساس بحرياته التي يضمنها له القانون،
ومن الجدير بالذكر أن تلك العملية الإنمائية بمختلف محاورها تساهم في توعية المجتمع، ونبذ العنف، والتطرف؛ إذ إن المجتمع الواعي يمتلك مناعة ذاتية ضد التطرف، وذلك يبشِّر بحياة أفضل لكافّة فئات المجتمع، بالإضافة إلى الحياة السياسية المستقرة؛ لتسود الثقة، وتكون متبادلة بين الشعب، والحكومة، والإعلام. كثير من وسائل الإعلام تقوم بدورٍ هام جداً في مجال عرض المعلومات والأخبار المختلفة التي تهم المواطنين؛ فكثير من الناس يتلقّى معلوماته وأخباره من قنوات التلفاز، فهي تشكل مرجعية بلا شك، ومصدر موثوق للمعلومة والخبر، وخاصةً إذا دعمت تلك الأخبار بالصورة التي هي أصدق تعبير عن الأحداث والمواقف.
يرى الإعلاميون أن الإعلام صديق لجميع الفنون وجميع مسارات الحياة، سواء كانت فنية، أو رياضية، أو تاريخية، أو سياسية، فالإعلام يوثقها ويوظِّف هذه العلوم في إطاره ووسائله. يمكن ملاحظة أن لكل فئة عمرية ميول خاص ومعين؛
إذ إن كبار السن يهتمون بالقضايا السياسية أكثر من غيرهم، ويفضل الشباب الفن والرياضة بشكل خاص، وللأطفال دور كذلك في العديد من المجالات الترفيهية والتعليمية.
والاعلام أداة من أدوات التسويق السياسية الخارجية للحكومات، وللتعبير عن مواقفها واتجاهاتها؛ هناك الكثير من الأنظمة والحكومات التي تتبنى إنشاء محطّات تلفزيونية تعود ملكيتها إليها، وتعبر عن سياستها ومواقفها تجاه مختلف القضايا العالمية والمحلية. وهي أداة للإعلان التجاري والتسويق:
فكثيرًا ما تستخدم رجال الأعمال وأصحاب الشركات وسائل الإعلام المختلفة في تسويق منتجاتهم وأعمالهم، وبسبب سعة انتشار وسائل الإعلام ودخولها لكل بيت، فإن ذلك يعود بالفائدة الكبيرة من جراء الإعلانات التجارية، كما تشكل الصحف بما تحتويه من إعلانات توظيفٍ وسيلةً للقضاء على البطالة وتوظيف العاملين. فمثلاً، التسويق عبر وسائل الإعلام الاجتماعية أصبح من أهم الأمور،
إذ إن هذه الوسائل أصبحت في متناول الجميع ويسهل الوصول إليها، مما يجعلها من أقوى الأسلحة التسويقية في العصر الحالي.
أداة للتثقيف والتوجيه: فبما تحتويه وسائل الإعلام من برامج مختلفة تساهم بشكلٍ كبير في تثقيف الناس بأمور تهمهم في حياتهم، كما توجه الكثير من الناس إلى حسن التصرف في كثيرٍ من الأمور الحياتية من صحة وتكنولوجيا وغير ذلك.
الترفيه عن الناس: وذلك من خلال برامج المسابقات والمسلسلات الهادفة التي تعرض من خلالها وغير ذلك، إذ إن هنالك العديد من القنوات التلفزيونية التي تسهم وبشكل كبير في إثراء المحتوى الإعلامي وجعله أفضل مما سبق عن طريق ابتكار أساليب تسهم في الترفيه والتثقيف في وقت واحد.
الأن أصبح الجميع يتّفق على أن وسائل الإعلام لعبت دوراً كبيراً، وشكلت محوراً أساسيا في العديد من الأمور وفي مختلف المجالات، وأن وجودها أصبح أمراً مهماً للعديد من الفئات العمرية بمختلف وسائل انتقالها التي تكون غالباً عن طريق التلفاز، والراديو، والأجهزة الذكية.
قُوة وسائل الإعلام لا يخفى على أحدٍ دور وسائل الإعلام المختلفة وتأثيرها الكبير في الوقت الراهن في المشهد السياسي والاقتصادي العالمي، وقد أدركت كثير من الدول والأنظمة أهمية وسائل الإعلام، فأولتها اهتماماً خاصّاً حتى تبنت إنشاء محطّات فضائية تُعبر عن سياستها الخارجية وتسوق لأفكارها وثقافتها.
ولا يخفى على أحد أنّها أصبحت من الأمور المؤثّرة والتي قد تزرع الرعب في بعض الأحيان، وقد تطمئن القلوب في أحيان أُخرى، وهي التي تسهل على الأشخاص التواصل والوصول إلى المعلومة.
إن وسائل الإعلام تشمل كل وسيلة يتم فيها عرض المعلومة أو الصورة أو الخبر وتوجيهها للمشاهد والمتلقي، ووسائل الإعلام تتنوع في كيفية صدورها وماهيتها؛ فمنها ما تكون مقروءة مثل الصحف والمجلّات والنشرات الإعلامية وغير ذلك، ومنها ما تكون مشاهَدة ومرئية مثل التلفاز والإنترنت، ومنها ما تكون مسموعة مثل المحطّات الإذاعية.
واجهت وسائل الإعلام هَجمات كثيرة بسبب قلة مصداقيّتها في بعض الأحيان، مما أدى إلى ابتعاد الناس عن هذه الوسائل في أوقات عديدة
وذلك بسبب عدم مصداقيتها في توجهاتها ونشر الخبر في الامور التي تتعلق بمصير الشعوب خلال فترة انتفاضة الشعوب المطالبة بالحرية وحقوقهم المشروعة وحتى اللحظة هناك بعض القنوات ووسائل الاعلام تلعب دور كبيراً في تحريف وتزوير الحقائق بحق الشعوب ومجتمعات التي تطالب بحقوقها وحريتها المشروعة.
تعد وسائل الاعلام – سواء كانت التقليدية (كالصحف أو التليفزيون أو الإذاعة) أو الوسائل الحديثة كالصحافة الالكترونية ومواقع الاخبار والمعرفة المختلفة على شبكة الانترنت، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتوتير والتي تعد الان أحد وسائل نقل الاخبار والأكثر شهرة في العالم، وكل هذه الوسائل لها تأثير كبير على تشكيل البناء الإدراكي والمعرفي للفرد أو المجتمع ويساهم هذا البناء في تشكيل رؤية الفرد والمجتمع تجاه قضايا مجتمعة والقدرة على تحليلها واستيعابها للاتخاذ السلوك المناسب حول هذه القضايا، فوسائل الاعلام أيضا قادرة على تغير سلوك وأنماط المجتمع.
وقد يكون تأثير وسائل الاعلام في بعض الاحيان قويا جدا وقادر على نشر نمط سلوكي وثقافي واجتماعي ينتهجه الفرد أو المجتمع، وفى بعض الاحيان يكون تأثير وسائل الاعلام أقل تأثيرا ويستطيع الفرد أو المجتمع الخروج من النمط الفكري والمجتمعي والسياسي
الذي ترسمه وسائل الاعلام، ويتوقف ذلك على مدى رغبة الفرد أو المتلقي للتعرض للرسائل والمعلومات التي تبثها وسائل الاعلام المختلفة فكلما كان الفرد أو المتلقى لديه رغبات واشباعات حول معلومات أو قضايا معينة فانه يتجه إلى وسائل الاعلام لإشباع رغباته وتطلعاته
بما يسمى نظرية التعرض الانتقائي بمعنى ان الفرد او المتلقي يبحث دائما في وسائل الاعلام عما يتفق مع افكاره واتجاهاته حتى لو كان ما يبحث عنه المتلقي هو مشاهدة أفلام سينمائية او أغاني فيديو كليب فذلك يدخل ضمن اشباعات ورغبات المتلقين.
ولكن فكرة أن وسائل الاعلام دائما ما تكون ايجابية فيما تقدمه من معلومات ليست صحيحة في المطلق فيؤكد عدد كبير من علماء الاعلام والاتصال أن عدد كبير من الدول والانظمة السياسة تسعى للهيمنة على وسائل الاعلام ليبث من خلالها أفكار واتجاهات بغرض التأثير على الجمهور لصالح النظام السياسي أو المهيمنين على وسائل الاعلام
ومن الممكن ان تكون هذه الأفكار مشوهة بغرض ايجاد حالة من الانقسام بين المواطنين تجاه قضايا معينة. وهناك دراسات تؤكد أن الفرد الذي لا يشاهد التليفزيون بصورة كبيرة تكون لديه مصادر متنوعة لعدد كبير من الاخبار بينما من يتعرض بصورة كبيرة للتليفزيون تكون لديه مصادر محدودة للمعلومات، ولذلك الاعتماد على التليفزيون أو وسيلة إعلامية واحدة كمصدر وحيد للمعلومات ليس صحيحا لتكوين رؤية شاملة ومتنوعة، فالقراءة والاطلاع في خلفيات الاحداث أمر هام سواء
لتكوين بناء فكرى متميز ومتنوع، وفى نفس الوقت يكون قادر على معرفة إذا كان الاعلام يضلله ويوجه لصالح الدولة أو النظام السياسي أو المهيمنين على الاعلام سواء من رجال الأعمال أو من المقربين من السلطة أو فلول النظام القديم كما هو يحدث الآن في بعض المشاهدات التي سنقوم بشرحها في السطور التالية، أو إذا كان الاعلام بالفعل يعبر عن واقع فعلى يعيشه المواطن ويعبر عن قضاياه الأساسية ويجمعهم على القضايا المؤثرة وصاحبة الأولوية للاستكمال عملية الإصلاح.
ولذلك يجب أن يكون مشاهدة وسائل الاعلام وما تقدمه من معلومات تتبعها نظرة تحليلية وتفكير من المشاهد في ما يجب أن تطرحه وسائل الاعلام من قضايا هامة تشكل فيما بعد ما يسمى الرأي العام الواعي تجاه القضايا التي يجب العمل عليها في الوقت الحالي لتحقيق ما يصبو إليه كل مواطن مصري وتنحية جميع القضايا الخلافية التي تعطل من إقامة حياة ديمقراطية وبناء دولة أخرى قوية في جميع المجالات، وقد بدأ
الاعلام وأثاره الايجابية
الاعلام له دور قومي في تشكيل الرأي العام وطرح قضايا وموضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية يلتف حولها جموع المواطنين، والارتقاء بالبناء المعرفي والإدراكي للمواطن في كافة المجالات ذلك بجانب دور الاعلام التقليدي في نشر الأخبار المختلفة من جميع دول العالم، وتكون وسائل الاعلام في هذه الحالة ايجابية وفى صالح توعية المواطن والارتقاء بمجتمع مطلع قادر على التفكير والتحليل ورابط واقع الاحداث والمشاهدات من حوله بالصورة الذهنية التي ترسمها وسائل الاعلام.
وهناك نظرية لأحد كبار علماء الاتصال والإعلام (والتر ليبمان) تؤكد أن وسائل الاعلام فاشلة دائما في توجيه الجماهير كيف يفكرون ولكنها تنجح دائما في إبلاغهم عما يجب أن يفكروا فيه، فمبدأ التفكير والتحليل لكل ما يعرض في وسائل الاعلام أمر
لابد منه لمعرفة هل اتجاه وسائل الاعلام يصب في القضايا الوطنية والأساسية التي تجمع مصالح العدد الأكبر من المواطنين داخل مجتمع مثقف وواع لا يعتمد فقط على وسائل الاعلام وإنما يتيح مجال للقراءة والاطلاع والتعرف على خلفيات المشاهد والقضايا والأخبار التي يتلقفها من وسائل الاعلام المختلفة، ووسائل الاعلام
لا يمكن أن توجه الانسان كيف يفكر ولكن قادرة على توجيه فكره نحو قضية بعينها أو تؤثر على الفرد لصالح اتجاه او أيدلوجية سياسية معينة ولكن هذا لا يلغى مبدأ التفكير والتحليل وطرح هذه القضايا الهامة للنقاش الجماهيري والنخبوي أيضا باختلاف أفكارهم وانتمائهم السياسية والاجتماعية.
والإعلام في صورته الايجابية تكون أهدافه أهمها:
1-المساهمة في تثقيف وتوعية المواطنين
2-الكشف عن الفساد
3-تقوم بدور الرقيب أو الحارس فيما يتعلق بحرية التعبير وحرصها على ان يكون هذا الحق ملكية خاصة لكل مواطن
4-خلق المثل الاجتماعي وذلك بتقديم النموذج الايجابي في كافة مجالات الحياة
5-الحرية والمساواة واحترام القوانين وغيرها من الأدوار التي يجب أن تتضمن رسائل الوسائل الإعلامية المختلفة.
6-تبنى أنماط فكرية اجتماعية واقتصادية وسياسة تحظى بموافقة شعبية هامة لتطوير وتغير الأنماط السائدة لتحقيق التطور والتقدم الذي يرفع من مستوى البلاد.
7-الحفاظ على استقلالية وسائل الاعلام وعدم وجود هيمنة أو سيطرة عليها إلا من الشعب
وبهذه الأهداف يكون تأثير وسائل الاعلام على الجماهير إيجابي بصورة كبيرة، ولكن للوصول إلى هذه الصورة المثالية لوسائل الاعلام يجب أن تكون الديمقراطية هي النظام السياسي السائد.
ولكن واقعيا لا تكون وسائل الاعلام بهذه الصورة المشرقة والمثالية نظرا إلى أن دائما تسعى النظم السياسية وخاصة في الوطن العربي في فرض الهيمنة والسيطرة على وسائل الاعلام للتغاضي عن دوره في مراقبة النظام وكشف أخطائه وانتقده،
أو تشديد الخناق على وسائل الاعلام من خلال قوانين تحض على استقلال وحرية الاعلام من خلال اجراءات عقيمة وروتينية، أو سيطرة رأس المال تجعل المالك يتحكم في سياسات الوسيلة الإعلامية لصاح أفكاره وأهوائه فالواقع في البلدان العربية ومنها مصر ان وسائل الاعلام ليست متحررة فهي دائما داخل نطاق السلطة والسيطرة.
وهذا ما سوف نكشفه عنه فيما يلي حيث سنتعرض للتأثير السلبي لوسائل الاعلام ورصد للسلبيات التي تعرض على وسائل الاعلام حاليا وكيفية مواجهتها.
التأثير السلبي لوسائل الاعلام وكيفية التصدي له
الوجه القميء والتأثير الفاسد لوسائل الاعلام عندما يسيطر عليها النظام السياسي أو المقربون من السلطة من أصحاب النفوذ أو سيطرة رأس المال الامر الذي يجعل الجهاز الإعلامي أداة لبث رسائل إعلامية بغرض حشد الرأي العام لصالح القضايا التي يتبانها النظام السياسي
واصحاب النفوذ ورأس المال وفى هذه الحالة تنعدم مصداقية ما تبثه وسائل الاعلام من أخبار ورسائل اعلامية وتكون موجهة دائما لصالح وجهة نظر واحدة وهي وجهة نظر صاحب السلطة على هذه الوسائل الاعلامية لفرض نفوذهم على الجماهير
ووضع تفسيرات خاصة بمحتوى وسائل الاعلام للترويج لمصالح الفئات المسيطرة في المجتمع، والهاء الناس عن البحث عن الحقيقة التي تعبر عن الواقع الذي يعيشونه وبهذا يكون النتيجة لهذا التأثير السلبي لوسائل الاعلام الموجهة لخدمة فئة معينة هي:
1-تدهور مستوى الذوق الثقافي العام
2-زيادة معدلات اللامبالاة والميل إلى انتهاك القوانين
3-المساهمة في الانهيار الأخلاقي العام
4-تشجيع الجماهير على السطحية السياسية
5-قمع القدرة على الابتكار والتجديد
6-اشاعة روح الانقسام بين الجماهير وفصلهم إلى فريقين بهدف تحقيق أهداف الفئة المسيطرة على وسائل الاعلام
وفى هذا الوضع يكون الاعلام مضلل ولايهدف إلى أي توعية جماهيرية وتنتشر في حينها الأخبار الكاذبة والغامضة مما يجعل هناك مجالا خصبا لنشر الشائعات وغسيل المخ لترويج أفكار المهيمنين على وسائل الاعلام مثلما كان يفعل (غوبلز) وزير الدعاية النازي ورفيق هتلر.
دكتور القانون العام ومحكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان