كتبت – ماجدة عبد العظيم
لاحظ الأطباء أعراض عصبية، بما في ذلك الارتباك والسكتة الدماغية، والنوبات المرضية، في مجموعة صغيرة من مرضى “كورونا”. ويقول أطباء الأعصاب في جميع أنحاء العالم أن مجموعة فرعية صغيرة، من مرضى “كوفيد 19″، يعانون من اختلالات خطيرة في الدماغ.
وعلى الرغم من أن الحمى والسعال وصعوبة التنفس هي السمات المميزة للعدوى بالفيروس التاجي الجديد، إلا أن بعض المرضى يُظهرون تغيراً في الحالة العقلية أو اعتلال الدماغ، مما يوحي بخلل وظيفي يمكن أن يكون له العديد من الأسباب الكامنة، بالإضافة إلى الحالات الخطيرة الأخرى. وتنضم هذه المتلازمات العصبية إلى أعراض غير العادية الأخرى، مثل ضعف حاسة الشم والتذوق بالإضافة إلى أمراض القلب.
وفي أوائل شهر مارس، جاء رجل يبلغ من العمر 74 عاماً، إلى غرفة الطوارئ في “بوكا راتون”، بفلوريدا، يشكو من السعال والحمى، لكن الأشعة السينية استبعدت الالتهاب الرئوي وتقرر إرساله إلى المنزل. وفي اليوم التالي، عندما اشتدت الحمى، أعاده أفراد أسرته إلى المستشفى. وكان يعاني من ضيق في التنفس، ولم يتمكن من إخبار الأطباء باسمه، إذ فقد القدرة على الكلام.
وكان المريض، الذي يعاني من مرض رئوي مزمن ومرض باركنسون، يوجه ذراعيه وساقيه في حركات متشنجة، ويبدو أنه يعاني من نوبة. واشتبه الأطباء في أنه مصاب بـ “كورونا”.
وأبلغ الأطباء في ديترويت، يوم الثلاثاء، عن حالة أخرى مثيرة للقلق تتعلق بموظفة طيران، في أواخر الخمسينيات من عمرها، مصابة بالفيروس التاجي، والتي ارتبكت وشكت من صداع. واستطاعت أن تخبر الأطباء باسمها ولكن لم تتحدث قليلا، وأصبحت أقل استجابة بمرور الوقت. وأظهر مسح الدماغ، تورماً غير طبيعي، والتهاباً في عدة مناطق، ومناطق أصغر، حيث ماتت بعض الخلايا. وقام الأطباء بتشخيص حالة خطيرة تسمى “اعتلال الدماغ الحاد”، وهو أحد المضاعفات النادرة للإنفلونزا والالتهابات الفيروسية الأخرى.
قالت أخصائية الأعصاب في مركز هنري فورد الصحي، الدكتورة إليسا فوري، إن النمط والطريقة التي تطورت بها حالة المظيفة، بسرعة، على مدار أيام، “يتوافق مع الالتهابات الفيروسية في الدماغ،” متابعة، “قد يشير هذا إلى أن الفيروس يمكن أن يغزو الدماغ مباشرة، في ظروف نادرة.” والمريضة في حالة حرجة، حالياً.
هذه التقارير المحلية تتبع ملاحظات مماثلة من قبل الأطباء في إيطاليا وأجزاء أخرى من العالم، لمرضى “كوفيد”، الذين يعانون من سكتات دماغية ونوبات وأعراض شبيهة بالتهاب الدماغ، وجلطات دموية، بالإضافة إلى الوخز أو التنميل في الأطراف. وفي بعض الحالات، كان المرضى يعانون من الهذيان حتى قبل الإصابة بالحمى أو أمراض الجهاز التنفسي، وفقًا للدكتور أليساندرو بادوفاني ، الخبير بجامعة “بريشيا”، في إيطاليا، حيث افتتحت وحدة منفصلة لرعاية المصابين ب”كورونا”، الذين يعانون من أمراض عصبية.
المرضى الذين يصابون باعتلال الدماغ مرتبكون ويشعرون بالخمول، وقد يكونون في حالة ذهول، أو يظهرون سلوكاً غريباً أو يحدقون في السماء. كما قد يكون لديهم نوبات تتطلب رعاية طبية فورية، ويحذر الخبراء مقدمي الرعاية الصحية الذين يعالجون هؤلاء المرضى، من أنهم قد يكون لديهم فيروس “كوفيد 19″، وضرورة اتخاذ الاحتياطات لحماية أنفسهم من العدوى.
إلى ذلك، تقول الدكتورة شيري تشاو، إن الكثير من الأعراض العصبية لا تزال غير معروفة، ولكن الجهود جارية لدراسة الظاهرة. وتقود تشاو، وهي طبيب أعصاب في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ، فريقاً من الباحثين لجمعية الرعاية العصبية.
في المقابل، أكد الخبراء أن معظم مرضى “كوفيد 19″، طبيعيون من الناحية العقلية. وفي ذلك يرى طبيب الأعصاب في كلية الطب، بجامعة “جونز هوبكنز” في بالتيمور، روبرت ستيفنز، والذي يتتبع الملاحظات العصبية، “يظهر معظم الناس (مرضى الفيروس) مستيقظين ويقظين، ويبدو أنهم طبيعيون عصبياً”. ويقول أخصائيو الأمراض العصبية، أيضاً، أنه من السابق لأوانه إصدار بيانات محددة أو تحديد الآليات، التي يؤثر بها الفيروس التاجي الجديد على الجهاز العصبي.
وشدد ستيفنز على أن جميع التفسيرات الآلية في هذه المرحلة هي فرضيات لأنه لا يعرف سوى القليل، موضحاً، “يمكن أن يكون الأمر بسيطًا مثل انخفاض مستويات الأكسجين في مجرى الدم، الناتج عن فشل الجهاز التنفسي، إلى جانب زيادة ثاني أكسيد الكربون، والتي يمكن أن يكون له تأثير كبير على وظيفة الدماغ، ويؤدي إلى حالات من الارتباك والخمول “.