فيه ناس بتحب البلد دي على حرف، البلد تكون حلوة لما القرارات تبقى مع مصالحهم الشخصية والعكس صحيح. فى مذكرات الدكتور الرائع جلال أمين حكاية عن الشاى كومبيليه. يقول فيها أنه حين كان فى التاسعة من عمره زمن الحرب العظمي، كان من عادة أسرته قضاء الصيف سنويا بمصيف رأس البر، ودعاهم والده الكاتب الكبير احمد أمين أستاذ الأجيال هو وأخيه حسين لشاى كومبليه فى أحد فنادق رأس البر، وقدم لهم الشاى مع قطع الكيك. يذكر مفكرنا ان مذاق الكيك يومها لايزال فى ذاكرته كأجمل ما ذاق. ثم يمضى ليرصد مصر ومصيف رأس البر بعد ثورة يوليو، وبعد أن زاحمهم الشعب فى مصيفهم الأثير، وكيف تفهم كمفكر وكإقتصادى محايد الحراك المجتمعى الحادث، وأيده وأنحاز له عمره كله، لكنه بقى معه الحنين لمذاق كيك الشاى كومبيليه ولرأس البر اخري ومصر أخرى كانت لهم فقط، لطبقة صغيرة من المصريين يصيفون ويستمتعون بالشاى كومبيليه، وبمصر وحدهم بلا شركاء ولا رقباء. ولاحق وقال قمة الظلم الإجتماعى، وسلم النبيل لمبادئه وقبل ورحب بالحراك الإجتماعى. ثم اكمل وقال أنه حكى الحكاية لزوجته الإنجليزية فيما بعد وهى تنتمى لنفس طبقته المتوسطة العليا، فسخرت من حجم الرفاهية التي كانوا يعيشون فيها كطبقة بمصر البلد المحتلة، وصارحته بأن في نفس الفترة زمن الحرب العظمى كانت تنزل وهى طفلة الي الحقل تعمل بجد وتجمع المحاصيل وليس لها ولا لبلدها بريطانيا العظمى إختيارات أخرى. فى الحرب الكل يعمل رجال ونساء واطفال من أجل أن لا تسقط بريطانيا. اليوم يصرخ أبناء نفس الطبقة خائفين مذعورين لكنهم لا يمتلكون نبل ولا حياد الدكتور جلال أمين، يهمهم فقط مذاق الشاى كومبيليه مذاق مصر اخري إنحازت لهم كثيرا.