ايه هي معايير الحرية التي تراها كمواطن عادي ليس له علاقة بالسياسة أو بالأحرى ليس مهموماً بها وبمتطلباتها وتعقيداتها، باعتبار أن هناك الكثير من الأمور تجري في الخفاء ربما ترضي غرورك وتعبر عن رغباتك وتطلعاتك وبالتالي فإن ماتعتقد أنه تهاون وعدم جدية في الكثير من الملفات هو تعامل تقتضيه المصلحة العامة ولكن من الزاوية الأخرى من الصورة التي لايراها ــ أو لا يجب أن يراها ــ عموم الناس؟!!
لست بصدد اقتحام أو تناول قضية من القضايا الساخنة مثل سد النهضة أو الوضع في ليبيا أو غيرها من الملفات التي تشغل بال الناس ليل نهار لأهميتها وتأثيرها المباشر على الأمن القومي المصري، فالموضوع الذي أتناوله أبسط كثيراُ من تلك الملفات المعقدة والتي نثق في قدرة الدولة المصرية بقيادتها الواعية ومؤسساتها الوطنية وجيشها الباسل على التعامل الحاسم في الوقت المناسب ووضع السيناريوهات المناسبة لكل مرحلة بما يحفظ أمننا القومي بصورة فعالة دون اندفاع أو تهاون.
فجأة وبلا أي مقدمات تفجرت قضية البوركيني “المايوة الشرعي” والبكيني “أبو قطعتين”، وأيهما صاحب الحق في الظهور بالمنتجعات السياحية الراقية؟!!.. وهل يمكن لحمام سباحة أن يستوعب النوعين معاً وفي وقت واحد، مثلما يمكن للمجتمع ــ أي مجتمع ــ أن يستوعب كل أصحاب الأراء دون أن يتهم أحدنا الآخر بالخيانة أو عدم الوطنية أو حتى الجهل وضعف الفهم على أقل تقدير مثلما ذكر أحدهم على الفيس بوك في تعليقه على قضية من القضايا المطروحة بالقول إنه يرى كذا وكذا ومن يخالفه الرأي “مابيفهمش”.. هكذا بمنتهى البساطة؟!!
القصة بدأت بفيديو متداول على مواقع التواصل الإجتماعي لمشادة أو نقاش حامي الوطيس بين “يارا نعوم” زوجة نجم الأهلي السابق عماد متعب واحدى السيدات، لأن الأخيرة ترتدي “البوركيني” وهو ممنوع في المكان بحكم اللوائح مثلما فهمنا من الحوار الذي دار بين تلك السيدة و أحد المشرفين بحمامات السباحة على خلفية المشادة.
واضطر “متعب” الى الخروج بتصريح لتفسير ماحدث بعد أن تحول الموضوع الى قصة مثل غيرها من الموضوعات التي تشغل الرأي العام فجأة وتهدأ فجأة، وأخذت الحكاية مساحة كبيرة من الأخذ والرد على مواقع التواصل بين من يدافعون عن حقوق هذا الطرف أو ذاك، بل أن هناك من روجوا لوجود بنود في العقود تمنع ارتداء “البوركيني” وهو أمر متروك لرجال القانون للحديث عن مدى قانوية “أو دستورية” هذا البند وهل يحمل تفرقة بين المصريين “والمصريات”؟!!
على أي حال الموضوع بسيط جداً جداً ويمكن استيعابه وحله بسهولة لو فهمنا جميعاً معنى ومتطلبات الحرية دون أن يمارس طرف الديكتاتورية على الطرف الآخر، خاصة وأننا في مجتمع محافظ وتحرص فيه معظم بناتنا على ارتداء هذا النوع من ملابس البحر ولايمكن ــ ولايليق ــ منعهن بحجة أنهن من طينة أخرى فنحن لسن في احدى الدول الأوروبية، ومن ثم فالأمر يحتاج الى التعايش بين من ترتدي “البوركيني” و”البكيني”، فأنت حر وغيرك يمتلك نفس الحق في الحرية فلامجال للحرية المطلقة على حساب عباد الله.
الموضوع سهل وبسيط والله.. حريتك تنتهي عند حرية غيرك أو بمعنى آخر عندما تتقاطع أو تنتقص من حريات الآخرين.
تغريدة:
بعد غد يقف المسلمون على جبل عرفات مثل كل عام.. لكن حالنا هذا العام مختلف مابين كورونا أو أزمات وصراعات تنتشر هنا وهناك.. اللهم ارفع عن بلادنا ووطننا البلاء والوباء وانصرنا على أعدائنا
وكل عام وأنتم بخير.
aymanabdalgawad@yahoo.com