شهد عام 1996 ظهور التليفون المحمول في مصر، وكانت القلة هي التي تمسكه بيديها لأنها كانت غالية الثمن سواء ثمن الجهاز أو ثمن الشريحة أو تكلفة الاستخدام . وأغلبية من كانوا يستخدمونها من تلك الأقلية كان من باب المظهرية والتباهي بالثراء. في تلك الأيام ثار نقاش بيني وبين مجموعة من الأصدقاء من المهتمين بالشأن المصري والعربي حول مدى انتشار هذا الجهاز بين المصريين ، وما هو مدى تأثيره علي ىسلوكياتهم ومجريات حياتهم .
وتوقع غالبيتنا أنه سينتشر ببطئ بسبب تكلفته العالية ، إلا واحدا منا كان له رأي مختلف وتوقع إنتشاره سريعا وإنخفاض كبير في أسعار الأجهزة . وأسمعنا تصريح لأحد المستثمرين قال فيه :” خلال سنوات قليلة سيكون في يد كل مصري تليفون محمول أو اكثر “.
وبالفعل خلال سنوات قليلة انتشر التليفون المحمول بشكل واسع ، فانخفضت اسعار الأجهزة بشكل كبير واصبحت في متناول الفقراء وتسابق الغالبية على اقتنائها من باب التباهي والدلالة على مكانة اجتماعية مميزة . حتى أصبح المحمول حاليا عنصر أساسي في حياة الناس على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم وأعمارهم، وبات شبه من المستحيل الاستغناء.
وتؤكد إحصائيات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ما توقعه الصديق ، حيث تشير أن إجمالى عدد المستخدمين للمحمول في مصر بلغ 95.34 مليون عام 2019. وان 42 مليون منهم يستخدمون النت عن طريق التليفون المحمول .
أما ما يدفعه المصريين ثمنا لأجهزة المحمول فهو مبلغ مخيف ، حيث توقع المهندس محمد المهدي، وكيل شعبة المحمول بغرفة القاهرة التجارية، وصول فاتورة شراء المصريين للهواتف الذكية إلى 50 مليار جنيه في نهاية عام 2020 .
ونتوقف كثيرا على تبذير المصريين في الانفاق على الاتصالات حيث تشير الاحصائيات الرسمية ان المصريين ينفقون حوالي 60 مليار جنيه سنويا على الاتصالات والانترنت .بينما ينفقون على الثقافة ( كتب ومسرح وسينما) 10 مليارات سنويا.
وواقع الحال يشير أن المحمول خلال 24 عاما فقط أحدث تغييرات صادمة في حياة المصريين فيها بعض الإيجابيات ولكن سلبياتها أكثر. فبمجرد ان كتبت عبارة ” أضرار المحمول ” على محرك البحث على النت ظهرخلال 36 ثانية مليون و280 ألف موضوع تتناول الأضرار الإجتماعية والصحية والإجتماعية.
وحول التأثيرات الإجتماعية الضارة للمحمول يكفي الاستشهاد بدراسة للخبيرة الإجتماعية الدكتورة حنان زين والتي أكدت أن “سلبياته أكبر بكثير من إيجابياته، وإثمه أكبر من نفعه ويؤثِّـر سلباً على أخلاقِـيات الأسرة “. والخطورة الأكبر للمحمول تكون على الأطفال والمراهقين والشباب قائلة :” المحمول بالنسبة للأطفال والمراهقين، بداية الانحراف ، ويدفعهم إلى السّـرقة والكذِب”. وبالنسبة للشباب تقول الدكتور حنان :” أنه يدفع الشباب إلى التَّـمحور حول الذات وهو ما ينطبِـق الأمر على المُـراهقين والكبار على السواء، وأصاب الشباب الذين هم عِـماد المجتمع في الصميم، حيث اضاع وقتهم واختزل اهتماماتهم في أشياء تافهة”.
وعن تأثيرات المحمول على العلاقات الزوجية، قالت الدكتورة : “لقد أصاب الحياة الزوجية بالرَّتابة وزرع الشكّ في نفوس الزّوجَـين، وفتح بابًا من الشرّ للنساء والرجال، الذين يشكون من إهمال الآخر لهم، حيث وفّـر لهم البديل المحرّم لإشباع النّـقص في العواطف والغرائز”.
وللتقليل من الأضرار الاجتماعية ينصح الخبراء بعدم حمل الأطفال للتليفون المحمول الا في عمر 14 عاما ، على أن يقوم الأهل بمتابعة مواقع النت التي يدخلون عليها والأشخاص الذين يتحدثون معهم . وينصحون الجميع باستخدام المحمول 3 ساعات فقط على مدار اليوم كله ، وأن توضع الأجهزة خارج غرف النوم .
Aboalaa_n@yahoo.com