كتب عادل يحيي
صدرت للكاتبة والناقدة عزة أبو العز مجموعتها القصصية الجديدة ” نزف الوردة ” عن سلسلة كتاب طيوف لعام ،2020 وجدير بالذكر أن هذا هو الكتاب الثالث الصادر عن نفس الدار بعد إصدارها لكتاب ” عندما يعزف القلم ” في الدراسات النقدية عام 2018 ، و مجموعتها الأولي ” بوح الروح ” 2019.
قالت الكتابة عزة أبوالعز في مقدمة المجموعة “أُهْدِي (نزف الوردة) إلى مَنْ جعلني أنزفُ بغَزَارَةٍ… وبعُمْقٍ… وفي صمتٍ.
إلى مَنْ ذبحني في الليلة ألف مرةٍ؛ لأفقِد قدرتي على البوحِ والتحليقِ والاتِّـزان.
إلى مَنْ أراد موتى بنزفي؛ فبثَّ في جَـنَبَـاتِ روحي القُدرةَ على الشعور والرؤية والتأمل؛ حتى باتت كل آلامِي الجَسِيمَةِ ذرَّاتٍ مُتَنَاهِيَةً فى خِضَـمِّ نزْفِه الغائر.
أُهديكَ -وكُلَّ مَنْ علَى شاكِلَـتِك من أشباهِ الرجال- (نزْف الوردة) لعلَّ وعسى أنْ تعترفُوا بِـأنَّ مُهلِكَ الوردة ليس كـراعِيها، فشَـتَّان ما بين القُبحِ والجَمال.
وهذه المجموعة وصفها الشاعر والناقد ” السيد حسن ” :” الألم المُبدع والوردة النَّازفة”
أضاف الشاعر والناقد السيد حسن :الكاتبة عزة أبو العز تتعامل مع كل امرأة باعتبارها وردة جميلة رقيقة، وتتعامل مع كل ما تتعرض له باعتباره ألمًا نازفًا؛ فالزوجة التي تُعاني غرور زوجها وتجاهُله هي امرأة متألمة أو وردة نازفة، والفتاة التي تكون مُجبرة على الاختيار، ما بين قسوة زوجة الأب، وتحرّش زوج الأم هي امرأة موجعة أو وردة نازفة، والصبية التي تبحث عن حقيقة نسبها، لكي تتخلص من نسبتها إلى أمها، ومناداة الآخرين لها بـ”بنت عزيزة”، هي صبية محترقة أو وردة نازفة.
وهكذا تمضي بنا الأديـبـة عزة أبو العز، لتستعرض شرائح الأوجاع والآلام والهموم التي تُعانيها الطفلة والفتاة والصبية والشابة والزوجة وحتى الجدة، والتي تجعل كل واحدة منهنَّ امرأة متألمة أو وردة نازفة.
الرجال عند عزة أبو العز يمثلون مصدرًا دائمًا للألم، الذي يتجسد حينًا في التعالي والتجاهل والتسفيه، وحينًا في النفاق، وحينًا في الرغبة في العلاقات اليسيرة المتاحة، التي لا تحمل عبئًا، ولا تُكلّف جهدًا، ولا تضع في رقابهم مسئولية, إلى غير ذلك من مصادر الإيلام.
ربما الاستثناء الوحيد يتمثل في قصة “حب البنات” التي يوحي بناؤها النفسي والاجتماعي والفني بأنّ الرجل فيها يمثل تجسيدًا فنيًا لشخصية الأب في حياة المؤلفة نفسها؛ فالطريقة التي نسجت بها القصة تبرر كوْن هذا الرجل هو الرجل الوحيد الذي بدا إيجابيـًّا وسط غابة من الرجال السلبيـين، لا بمعنى عدم القدرة على الفعل، بل بمعنى الإغراق في الأفعال المؤلمة الموجعة.
والذي قرأ المجموعة الأولى لعزة أبو العز، والتي تحمل عنوان “بوح الروح” ورأى فيها طيْفَيْ الأب والعمَّة وهما يحتلان المساحة الكبرى على خريطة المجموعة، سوف يكتشف بيُسر وبساطة أن بطلة “حب البنات” هي هي العمة في “بوح الروح”، وأن بطلها هو الأب في بوح الروح.
هل يمكن بعد ذلك اعتبار المجموعة لونًا من أدب الدفاع عن المرأة أو بالتعبير الأجنبي الشائع (الفيمينيزم)؟
يقيني أننا لا نستطيع أن نجيب بنعم، لأن رائحة الألم الشعوري والفني تتغلب كثيرًا على رائحة القضية الفكرية والتوجُّه الأيديولوجي.
نحن هنا أمام استمرار لفكرة “بوح الروح”، لكنه استمرار أوسع من ناحية، وأضيق من ناحية أخرى، هو أضيق لأنه اختار أن يحصر ذاته في دائرة الألم، وهو أوسع لأنه تمرد على حدود الروح واستحضر الحضرات الخمس للإنسان (القلب، العقل، النفس، الجسد، فضلاً عن الروح).
سوف نلاحظ أن قلم عزة أبو العز صار أجرأ في بعض المناطق الحسية التي تستدعيها المواقف الدرامية التي تمر بها بطلات قصصها، لكنها تظل جرأة محسوبة معتصمة بالبناء الأخلاقي والنسق الاجتماعي الذي يحكم المؤلفة.
هل ينبغي أن نشير إلى سلاسة اللغة في السرد ومزجها بين الفُصحى والعاميّة في الحوار؟
وهل يجوز أن نتحدث عن الصورة واللغة المجازية وطبيعة بنائها ؟
وهل يحق لنا أن نشيد بالتوازن بين الاستخدام البلاغي والتدفق القصصي، بحيث لا تصبح البلاغة عبئًا ثقيلاً على لغة القصّ؟
إنها أسئلة يحسن أن يشاركنا القارئ الكريم في الإجابة عنها، بل وفي تقرير مدى مشروعية طرحها.
هكذا قدم الشاعر والناقد لمجموعة نزف الوردة التي تضم مجموعة من القصص كل بطلاتها من النساء اللاتي يتعرضن للألم بشكل أو بآخر نستشعره ونشاهده صراحة أو بين سطور القص النازف في المجموعة من خلال قصص ( معركة جهاد ، المرأة العفية ، بنت رحيمة ، ابن مريم ، مستحيل ، دلع البنات ، الجسد المرصود ، أمل ورجاء ، بنت عزيزة ، يد ، بعد التحية ، الحلم ، الطرف الأقوى ، الصفقة ، شبكة وصنارة ، فريدة ، الليلة الموعودة ، وداد ، ظلال باهتة ، نقطة خلاف ، حب البنات ، غربة ، قوامة ، الاختيار ).
جدير بالذكر في كل ما كتبه النقاد قبل ذلك عن الأديبة عزة أبو العز أن إبداعها يتميز بتلك النظرة الذاتية والخاصة جداً وتطل من خلالها وتنطلق للرؤية الإنسانية العامة ، والأدب عندها مغلف برؤى ونظرات خاصة وحس صوفي واضح ولا سيما في مجموعتها السابقة ” بوح الروح ” لنجدها في نزف الوردة تقدم طرحاً مختلفاً عن البوح ، فهي تدين الواقع المجتمعي الصعب الذي قد يفرض على الأنثي فرضيات قاسية لا تملك معها الاختيار ، عزة أبو العز في نزف الوردة تدق أكثر من ناقوس خطر ينال من الأنثى بلغة سردية رشيقة وبأسلوب فني بعيد عن المباشرة فكل ما تطرحه يكون من خلال السياق السردي لأحداث وأبطال المجموعة النازفة.
جدير بالذكر أن عزة أبو العز تعد واحدة من الأقلام النقدية الجادة المساهمة بكتاباتها ودراساتها النقدية في عدد من الأجناس الأدبية منها ( القصة القصيرة والرواية والشعر والكتابات المسرحية ) وهي أيضاً مهتمة بقضايا الطفل المصري الموهوب والمبدع ولها نشاط متميز مع الأطفال منذ عام 2015 للآن من خلال مشروعها مع الأطفال ” أطفال ماما عزة الشطار ” وتشارك بقلمها في مناقشة الكثير من القضايا الأدبية والاجتماعية من خلال عمودها الدائم ” مسافة فاصلة “
كما شاركت بالكتابة للطفل وطلت علينا بالحدوتة الإذاعية من خلال برامج عدة عبر أثير الإذاعة المصرية ( شبكة البرنامج العام ، وصوت العرب ، وإذاعة الشباب والرياضة ) وحالياً تساهم بنشاطها الثقافي المرئي من خلال برنامجها الثقافي الذي تقدمه عبر قناتها على اليوتيوب ” زيارة ثقافية مع عزة أبو العز ” والذي يهدف لإلقاء الضوء على مكتبات الأدباء والشعراء وكبار المثقفين إيماناً منها حسب ما صرحت لنا بضرورة وجود دور فاعل للكاتب والمثقف في خدمة الثقافة والمجتمع معاً .
1 تعليق
اميمة سعد
الكاتبة عزة ابو العز كاتبة متمبزة لها كل الاحترام والتقدير