مع نهاية كل عام وبداية عام جديد يطفو على كل شاشات الفضائيات وفى وسائل الإعلام فئة ما أنزل الله بها من سلطان وهى فئة المنجمين والعرافين وقارئى الطالع وحركة النجوم ويتوقعون ويتنبأون بالسلب أو بالإيجاب ما سيحدث فى العام الجديد سواء لأشخاص مشاهير ورؤساء دول، وهل هناك حرب ستقوم بين دولتين أم لا وأيضا هل ستحدث كوارث كبيرة من فيضانات أو زلازل وغيرها، وللأسف يصدقهم ويسيرون وراء أكاذيبهم وإفكهم وافتراءاتهم كثير من الناس ولا يعرفون أن لا أحد يستطيع استشراف المستقبل والغيب إلا الله، وأن كل ما يقولونه هؤلاء من تأويل وخرافات هى بناء على أهواء شخصية ودرب من دروب الشعوذة والخيال وحيلة لكسب الأموال، حتى لو صدق بعض ما قالوه وحسب المقولة والحكمة الشهيرة “كذب المنجمون ولو صدقوا”.
ولقد حذرنا النبى صلى الله عليه وسلم من تصديق هؤلاء المنجمين والعرافين والمشعوذين فى حديث فقال “من أتى عرَّافًا فصدقه بما يقول لم تُقبل له صلاة أربعين يومًا” وقال تعالى: “عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا” وقال تعالى ايضا فى محكم تنزيله “وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِى ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِى كِتَابٍ مُبِينٍ” صدق الله العظيم لأنه لا يعلم الغيب إلا الله وكل ما يلفظه هؤلاء المنجمين عن ما سيحدث فى المستقبل رجما بالغيب وهو أيضا محرم شرعًا ويضللون الناس ويجعلونهم يسيرون فى ركب الدجل والخرافات والاعتماد على التواكل وليس التوكل على الله.
وليعلم الناس أن من يدعى من هؤلاء المشعوذين أنه يستشرف معرفته بالغيب من عالم الجن فليتذكر قصة سيدنا سليمان عليه السلام حين توفاه الله لم يعلم الجن بذلك إلا بعد ما دلت عليه دابة الأرض ودلل على ذلك تأويل قوله تعالى فى آياته : “فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ . صدق الله العظيم لذا وجب علينا جميعا البعد عن هؤلاء المنجمين وعدم الاستماع اليهم وأن نخطط حياتنا ومستقبلنا على أسس واقعية لا على وهم أو جهل وأن نعمل ونحصد ونتوكل على الله ونتيقن أن الغيب لا يعلمه إلاّ الله علاّم الغيوب .