واستبدالهم بعدد كبير من المليشيات الأجنبية علي مستقبل سوريا العربية
أدى تعقد خريطة الصراع السوري وتشابكها وقدرة الفاعلين المسلحين من دون الدول على التوسع المستمر وقيامهم بالعديد من أعمال الإرهاب العنصري تجاه فئات وطوائف بعينها، إلى زيادة مستمرة في أعداد اللاجئين من مختلف الطوائف، وهو ما أثر على الدول المستقبلة وبصفة خاصةً تركيا. ومن هذه التأثيرات التي يوضحها الكاتبان ما يلي:
1- سياسة الباب المفتوح: مع بداية الأزمة السورية في 2011، اعتقدت تركيا أن حكومة “بشار الأسد” سوف تسقط سريعاً، ولهذا أعلنت عن ترحيبها باستقبال اللاجئين السوريين على اختلاف انتماءاتهم مع وعد بعدم إعادتهم مرة أخرى إلى دولتهم.
وعلى الرغم من أن الحكومة التركية لم توقف سياسة “الباب المفتوح”، فإنها مع هذا التدفق الهائل للاجئين قامت بوضع عدد من القيود عليهم خاصةً الأكراد منهم القادمين من (كوباني) و(تل الأبيض)، بل ووصل الأمر إلى منع قوات الشرطة والجيش لهم من دخول تركيا. وأصدر “أحمد داود أوغلوا” أوامره بفتح الحدود أمامهم مرة أخرى، بيد أنه لا يمكن القول إن “سياسة الباب المفتوح” عادت لسابق عهدها من التساهل.
2- أعمال عنف: تم رصد وجود أعمال عنف وشغب بين الأهالي الأتراك واللاجئين السوريين، وولَّد هذا انطباعاً سلبياً عن اللاجئين لدى العديد من المواطنين الأتراك، حيث أكد 62% من المبحوثين الأتراك في استطلاع رأي تم إجراؤه في أكتوبر 2014 أن اللاجئين السوريين لديهم ميل للقيام بأعمال إجرامية، بيد أن تقارير السلطات الرسمية تشير إلى تناقص مستمر في أعمال العنف من قِبل اللاجئين، بالإضافة إلى قيام عدد من اللاجئين السوريين بالتدخل للوساطة وحل النزاعات في حال حدوثها.
3- المنافسة الاقتصادية: اتجه كثير من اللاجئين السوريين للعمل في قطاعات الاقتصاد غير الرسمي بأجور أقل مقارنةً بالعمالة التركية، مع ملاحظة أنهم لا يقومون بدفع ضرائب على النقيض من العمالة التركية. من ناحية أخرى، أدى تواجد العديد من اللاجئين في المناطق الحضرية إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل غير مسبوق.
من ناحية أخرى، ثمة من يرى أن وجود العديد من اللاجئين السوريين ترتب عليه إيجاد وظائف جديدة نتيجة لتزايد أعداد منظمات المجتمع المدني غير الهادفة للربح العاملة في مجال إدارة أزمة اللاجئين.
4- صراع الهوية: انتشرت المخاوف من أن تؤثر الهويات المتعددة للاجئين السوريين على الهوية التركية كالتأثير على اللغة والعادات والتقاليد، أو أن يتم استخدام طائفة معينة لتغليب مصالح طوائف بعينها.
كذلك خشيت الحكومة في أنقرة أن تستخدم أحزاب المعارضة مثل حزب الشعب الديمقراطي، وحزب الشعب الجمهوري اللاجئين السوريين من أجل ممارسة ضغوط عليها.
ويأتي ذلك مع تفضيل الأكراد والمسيحيين السوريين البقاء في مناطق المحليات التي تديرها أحزاب المعارضة.
عندما أصبح الصراع السوري نفسه إقليمياً بطبيعته، أصبحت الأزمة الإنسانية إقليمية هي الأخرى. ومع أن القرارات تُتّخَذ على المستوى القطري، إلا أن ما يقوم به أحد البلدان المضيفة يؤثّر على البلدان الأخرى. فمن المرجّح أن يؤدّي إغلاق الحدود في الأردن إلى زيادة تدفّق اللاجئين باتجاه لبنان.
هذا الأمر يشير بدوره إلى تحدٍّ آخر يتمثّل بالحاجة إلى التخطيط على المدى الطويل في البلدان المضيفة في خضمّ الأولويات والصعوبات السياسية على المدى القصير. فمعظم اللاجئين يميلون إلى التعبير عن الرغبة في العودة إلى ديارهم أو إعادة توطينهم، غير أن الإحصاءات لا تدعم أياً من الجانبين. إذ أن ثلث كل اللاجئين المسجلين عالمياً – أكثر من 7 ملايين شخص – هم في أوضاع لجوء طويلة الأمد.1 ونظراً إلى أن أكثر من 2.3 مليون سوري تم تسجيلهم بالفعل كلاجئين بحلول نهاية العام 2013، وربما هناك الكثير غيرهم لم يتم تسجيلهم بعد. ومن المرجّح أن يبقى السوريون في البلدان المضيفة لسنوات مقبلة، حتى لو تم التوصّل إلى حلّ سياسي لإنهاء الأعمال العدائية على الفور.
مع ذلك، أدّى عاملان اثنان إلى تعقيد التخطيط اللازم على المدى الطويل. يتمثّل العامل الأول في أن طبيعة الأزمة تعني أن الاحتياجات اليومية استحوذت على منظمات الإغاثة والحكومات المضيفة، بحيث لم يَعُد لديها الوقت الكافي للتفكير ووضع الخطط على المدى الطويل. في كثير من الحالات، أدّى ذلك إلى غياب التنسيق بين الهيئات الإغاثية،
بما فيها المنظمات المتعدّدة التي تعمل لغايات متعارضة. أما العامل الثاني فيتمثّل في تردُّد الحكومات المضيفة نفسها، التي يدفعها الخوف من دمج اللاجئين وتفاقم التوتّرات الداخلية. تبدو هذه المشاكل بارزة في الأردن ولبنان بصورة خاصة، ولاسيّما أنهما يستضيفان بالفعل أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين.
في اعتقادي أن الميليشيات التي دخلت إلى سوريا تقدر بـ 45 ميلشيا، لكن أبرزها هي ميليشيا فيلق القدس بقيادة اللواء قاسم سليماني، الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني. وتبقى أكبر ميليشيا في سوريا، هي حزب الله، على اعتبار أن حزب الله لديه قوات كبيرة في سوريا منذ تدخله بشكل مباشر في سوريا نهاية 2012. إلى جانب ذلك هناك حوالي 40 ميليشيا عراقية، مثل حركة أبو الفضل العباس وحركة النجباء وحزب الله العراقي وميليشيا بدر، وغيرها من الميليشيات التي تدخل في إطار الحشد الشعبي في العراق والتي تحمل نفس الأسماء في سوريا.
وهناك طبعا ميليشيات الفاطميون أو الزينبيون وهي ميليشيات شيعية أفغانية باكستانية، وهذه الميليشيات كلها تعمل بشكل مباشر تحت إمرة قاسم سليماني وشاركت في معظم المعارك التي خاضها النظام، سواء في حلب أو في مناطق دير الزور. تتفاوت التقديرات بخصوص عدد الميليشيات المقاتلة إلى جانب النظام في سوريا، لكن عددها يتراوح بين 25 و40 ألف مقاتل. وهذا العدد يزيد وينقص. فحزب الله مثلا، وصل عدد عناصره في ذروة تواجده بسوريا إلى 4 آلاف مقاتل. وفي بعض الأحيان يقل عدد مقاتليه هناك إلى ألفين مقاتل، فالأرقام بشكل عام متحركة وليست ثابتة.
أما بخصوص أماكن تواجدها فهذه الميليشيات موجودة في كل المناطق في سوريا، في دمشق في حي السيدة زينب و في الجبهة الجنوبية وعلى الحدود مع البوكمال وفي حلب ودير الزور. فهذه الميليشيات منتشرة تقريبا في كافة مناطق سوريا. السبب بسيط وفي اعتقادي أن المجتمع الدولي مهتم بالإرهاب الدولي العابر للحدود وبالتالي فإن الإرهاب السني المتمثل سواء في القاعدة أو النصرة أو داعش وتنفيذه لعمليات خارجية هو ما يقلق المجتمع الدولي. أما الميليشيات الشيعية في سوريا فعملها داخلي ولم يثبت استهدافها لأهداف أوروبية أو أمريكية، وبالتالي فهي لا تشكل خطرا كبيرا على المستوى الدولي. كما أنها ليست مصنفة على أنها حركات إرهابية.
وهذا في نظري ما يجعل هذه الميليشيات وكأنها تعمل في إطار سيادي بعد أن اُستدعيت من قبل القوات السورية للقتال إلى جانبها. فعدم تورطها في أعمال خارجية وعدم تصنيفها حركات إرهابية يجعل الأضواء لا تسلط عليها كثيرا.
إن سوريا هي الحليف الاستراتيجي الرئيس لإيران في المنطقة، فهي بلد مهم لإعادة تموين حزب الله حليف إيران في لبنان، والذي يشكل رادعاً هاماً ضد أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران. وبما أن آل الأسد أمنوا حماية طرق الإمداد هذه، فمن غير المرجح أن تعتقد إيران بإمكانية قيام أي نظام سياسي “غير أسدي” بالشيء عينه.
وقد أثبتت إيران جدية التزامها بالحفاظ على نظام الأسد من خلال المساعدة في توفير وقود وأسلحة بأسعار منخفضة ونشر أفراد قواتها المسلحة،
بما في ذلك قوة القدس الخاصة، لتدريب القوات السورية شبه العسكرية وتنسيق العمليات العسكرية ضد المتمردين.
من المحتمل أن شجعت إيران مشاركة حزب الله العلنية في الحرب إلى جانب النظام العلوي، حتى وإن كان ذلك على حساب سمعته الإقليمية كمدافع عن العرب السنة.
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان