كل ما حدث وسيحدث حولنا من إخفاقات في جميع المجالات أمر يتطلب نظرة موضوعية جادة، حيث إنه من الملاحظ أن المختصين والمسؤولين وحتى عامة الناس ينقسمون إلى مجموعتين؛ المجموعة الأولى الحالمون والإيجابيون المتغنون بالماضي، والذين يعجبهم كلام المديح والإطراء لكل من يقوم بواجبه، ويبهرهم جدا التنظيم والترتيب وقيام أي وزارة بدورها، مع أن ما يحدث أمر طبيعي فنحن لا نعيش في غابة، وكل جهة ومؤسسة ووزارة واجب عليها تسهيل وترتيب العمل وتقديم أفضل خدمة للمواطن والمقيم على حد سواء.
أما المجموعة الأخرى، فهي التي تنظر بنظرة موضوعية تبدو متشائمة، لكنها ليست كذلك بل متصلة باللحظة، قوية، لديها قدرة على مواجهة الواقع حتى وإن بدت منتقدة للأوضاع بصورة مستمرة، لكنها على الأقل تقترح حلولا وتحاول إيجاد مخارج لتحسين الأوضاع، وللأسف من الصعب أن تجد تلك الفئة قناة مناسبة لتتحرك وتعمل من خلالها.
إن العيش في وهم الماضي والتغني على التاريخ لا يعتبر حلا لما يحدث من مشكلات جذرية في المجتمع، فالإصلاحي يقيّم الأمور بنظرة موضوعية ويقترح حلولا، أما من يريد أن يعيش الإيجابية معتبرا أنها تشجع على العمل فلا بأس من ذلك لكن بصورة متزنة! أعني بصورة متزنة أكثر فإذا كان البعض يدعي أنه إصلاحي وأنه لا بد من العمل لهذا الوطن، ومن ثم ليس لديه إلا الأغاني الوطنية والمدح المستمر لمن يقوم بواجبه، اذن هو بعيد كل البعد عن الإصلاح. أصحاب المشاعر الإيجابية كتبوا عددا كبيرا من الرغبات والاختيارات، فيما كانت اختيارات أصحاب المشاعر السلبية محدودة وأقرب للانكفاء والرغبة في عدم الفعل. الإيجابية صحية ومفيدة لأنها توسيع للأفق، وتعدد في الاختيارات، ورغبة في الفعل، وإقبال على طرح الحلول والبدائل ورفض للاستكانة إلى الخوف.
سياق الخطاب المصري بعيد تماما عن هذا الفهم، ويربط الإيجابية والتفاؤل بالاستكانة والقبول غير المشروط للسلطة ولقرارات الجالسين في مقعد الحكم.
وبمقتضاه أصبح النقد كآبة وسلبية، في حين ارتبطت الإيجابية بالابتهاج المشوب بالثقة، بكل ما يفرض من أفعال وقرارات. ورغم قلة القنوات للعمل الإصلاحي، فإن هناك عتبا على المختصين منهم الاكاديميون كذلك، والذي من أساسيات ما تعلمه خلال دراسته هو النقد والتفكير النقدي ووضع الحلول بطريقة منطقية، عندما كتب آلاف الكلمات في رسالة الدكتوراه لذلك مسؤوليته تشجيع الناس على تلك النظرة الواقعية والتفكير المنطقي لما يحدث حولنا.
أكرر مرارا «ما يحدث حولنا» من دون شرح لأنه واضح أن في جميع المجالات قد تغلغل الفساد من دون خطوة واحدة للإنقاذ، لذلك الخطوة الأولى هي الاعتراف وكفى بعض أهل العلم إيهام الناس بأن الأمور بخير.
لكل موطن ومحب لهذه الأرض الطيبة أقول الماضي انتهى.. عد للحظة وتنفس بعمق وكن صادقا مع ذاتك لا شيء يدعو للتفاؤل ولكن كل ما حولنا يدعونا للإصلاح.
امور كثيرة تنصهر لتؤسس لما يعتقده كثير من الكتاب والمحاورين العرب ويكتبون عنه في المسائل العامة السياسية منها وغير السياسية.
ومن تلك الامور:المصلحه الشخصية و المصلحة العامة كما يقراها المحاور او الكاتب، مدى معرفتة بالشواهد والمعطيات المؤثرة، معرفته بقواعد اللعبة االتي تؤثر في المسألة التي هو بصدد الكتابة عنها، ومدى قدرته وصبره على الغور في البحث والتقصي للحقائق ومخرجاتها ، وقدرته في الربط المنطقي بين الفرضيات والاستنتاجات وطبعا سمة الكاتب وتوجهاته “الايديولوجية” وغير ذلك من الامور البديهية.
انا هنا اناقش طروحات المحاورين والكتاب الصادقين مع انفسهم الذين يعتقدون بما يكتبونه وليس الذين يدورون في فلك الكتابة المرتزقية والذين يؤجرون اقلامهم لمسانده الشر والخطاء ويغيرون طروحاتهم بين عشيه وضحاها حسب مبتغى الدافعين لهم ومن ذلك كثر في كل بقاع الارض.
ما اتحدث عنه هنا هو امور وعاصر مؤثره على الكاتب والمنظر غير التي سردتها اعلاه. يتضح لي يوم بعد يوم ان هناك امور اخرى تتعلق بطبيعه المحاورنفسه اكثر من تأثرها بطبيعه الحدث تؤثر في استنتاجاته وطروحاته ولا ادخل ضمن ذلك خلفيته الإيديولوجية.
فقد تجد كاتبين يتفقا في كل الامور التي ذكرتها اعلاه الا انهما يصلان الى استنتاجات محتلفه تماما في مسألة بذاتها وبحسن نية من الطرفين. ما هي تلك الامور الاخرى التي تتعلق بطبيعة المحاورنفسه والتي تؤثر في طبيعة طروحاته خاصه ما يتمحور عنها وعليها استنتاجاته؟
اساس نظريتي يكمن في “هل سيجيب الكاتب او المنظر على الاسئلة الخمسة التاليه ب”نعم” او “بلا”؟”.هل تؤمن بنظرية المؤامرة؟ (هنا لا اعني وجود اي مؤامرة بل بوجود مؤامرة سرية مخفية تاخذ اساليب ملتوية ومعدة في السابق)
هل تؤمن بعدم وجود طاقة ايجابية لم يتسن لها الظهور حتى الان في امتك العربية؟ (هنا اقصد هل بامكان العرب ان يكونوا كتلة مهمة فاعلة ومؤثرة في العالم). هل تؤمن باستحالة قهر القوى الغربيه في العقد القادم من الزمن؟ (هنا اعني زحزحتها من السيطرة على مقاليد الامور في العالم). هل تؤمن بان جلد الذات مفيد لايقاظ الامة وتحفيزها للتقدم؟ (وهنا اعني الانتقاد المتكرر للعرب كامٌه).
هل ترى ان التاريخ العربي في مجمله سلبي لا يببغي ان نفخر به؟ ( وهنا اعني هل في المحصلة الاخيرة لم يضف التاريخ العربي الى مجمل الحضارة العالمية ).
والاجوبة على هذه الاسئلة تصنف الكتاب الى 3 اصناف حسب إجابتهم بنعم أو بلا.
- الصنف الاول يميلون الى الجواب ب” نعم” على هذه الاسئله الخمسه وهم حسب نظريتي التصنيفيه ياتون ضمن من ينظرون الى انفسهم وينظر اليهم مؤيدوهم على انهم “عقلانيون” او “واقعيون” وينظرون الى الصنف الثاني على انهم “حالمون غير واقعيين” او على انهم “انشائيون” او انهم “يعيشون في ماض خيالي”
- الصنف الثاني وهولاء يميلون الى الجواب ب” لا” على هذه الاسئلة الخمسة وهم حسب نظريتي التصنيفية ياتون ضمن من ينظرون الى انفسهم وينظر اليهم مؤيدوهم على انهم “ايجابيون” و” ينسجمون مع نبض الشارع” وينظرون الى الصنف الاول على انهم “انبطاحيون” او “انهزاميون” او على انهم “غربيو المنحى والهوى”.
- الصنف الثالث وهؤلاء يمزجون اجوبتهم مابين “نعم” و”لا” وهؤلاء ياتون بين الصنفين.
المشكلة تكمن في ان الصنفين الاول والثاني في كثيرا من الاحيان لايلتقيان في الفكر ومن ثم لايجتمعان في حل وسط يكون فيه فائدة للجميع.
إذا كانت للفقيه باعتباره إطارا اجتماعيا وثقافيا ودينيا وظيفة بالغة الأثر في النسق الاجتماعي التقليدي، فإن ذلك لم يجعله بعيدا عن المساءلة والانتقاد ولو بطريقة غير مباشرة . والسبب في ذلك أنه قد ارتبطت بممارسات الفقيه في البيئات الاجتماعية بعض الأخطاء والخروقات التي اعتبرت جنحا يعاقب عليها القانون مثل النصب وبيع الوهم والاستغلال والاغتصاب والخيانة والقتل أحيانا …و تأتي قصة ” هو الذي رأى “في سياق الأدب الذي تناول هذه الظاهرة من خلال الآليات الفنية السردية وتبقى طبعا للقارئ حرية التأويل وتفكيك رموز القصة وتفكيك بنياتها من أجل بناء معاني وتشييد دلالات جديدة . السياق العام الذي يسيطر على العلاقة بين الناقد والشاعر، رغم أن الأدب يعتبر المنتج الرئيسي، حيث يقف الناقد في منصة الحكم المبدع، لكنه يجب أن يلعب النقد دور المحلل، ويتتبع ملامح النص، ويظهر ما فيه من جوانب جمالية ابداعية ذات مدلولات ثقافية وفكرية واجتماعية وسياسية
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان