مع انقضاء الزمن فى الوطن العربى ، تغيرت الامور وبدأ الحكام يطمسون معالم الديمقراطية التى أمر بها الاسلام ، وتحولوا الى ممارسة الحكم المطلق والمستبد ، باستثناء فترات طالت أو قصرت فى عهد حكام عادلين .. وعلى الرغم من أنه ليس للديمقراطية الا ثلاثة أنماط ، أشهرها وأكثرها انتشارا فى العالم المتحضر الديمقراطية النيابية ، كما عمد بعض الحكام العرب الى ابتداع أنماط جديدة زعموا أنها من الديمقراطية ، وهى لا تمت اليها نتيجة لتقليدهم الاعمى فرفضوا على شعوبهم نظما ظالمة استبدادية ، تراكمت عيوبها وانتهاكاتها لحقوق الشعوب حتى أضحوا يحكمون بطريقة فردية استبدادية عنيفة لا تكفل للمواطن أدنى درجة من المشاركة فى شئون بلاده ، ولا تضمن له العيش فى ظل الحرية والمساواة وسيادة القانون .. والحقيقة التى لا مندوحة من الاعتراف بها ، مهما كانت مرة ، هى أن الديمقراطية الحقيقية لم يبق لها وجود تقريبا فى أكثر البلدان العربية ، لان بعض الحكام العرب فصلوها عن حقيقتها ومضمونها ، وألبسوها ثيابا زائفة لتلائم أنظمة حكمهم الاستبدادية الظالمة ، بانين أسس ديمقراطيتهم المزعومة على أخطاء فاحشة ، ومبتدعين نظريات فاشلة مزورة ، لا صلة لها بحياة الشعب العامة ، لأنها مصطنعة وغير طبيعية ، ومفتعلة وغير أصلية ، فجنوا على شعوبهم وجعلوها ترزح تحت نير القمع والارهاب والتخويف وفرضوا عليها ، باسم الديمقراطية المزيفة ، أبشع أنواع الظلم ، وكبت الحريات والاضطهاد ، مما أدى الى تشردها والى القضاء على عزتها وكرامتها وأمنها ورخائها . ومع أن جميع الشعوب تنشأ ديمقراطية فى أساسها وجوهرها ، وتتمسك بمبادئها ، الى أن يسيطر عليها حاكم مستبد ، فيفرض عليها نزواته ونزعاته الاستبدادية ، بواسطة البطش والتنكيل والارهاب ، فتضطر تحت سطوة القهر والقمع الى أن تنسى معانى الديمقراطية ومزاياها ، والى أن تخضع فى خنوع واستسلام لما يفرضه عليها الدكتاتور من تصورات وأوهام .. ومما لا شك فيه أنه قد مرت على الشعوب العربية فترات برزت فيها الديمقراطية وطبق بعض الحكام مبادئها سعيا وراء استعادة الطمأنينة للشعب والمحافظة على كرامة الانسان ، ولكن سرعان ما طغى عليها المستبدون ، ودمروا أركانها ، وقضوا على محبيها وأنصارها ، وأسقطوهم صرعى على جوانب طريقها وتحت محرابها ، حتى تلاشت مبادئها وطمست آثارها لان الدكتاتورين يخفون استبدادهم وظلمهم وراء شعارات الديمقراطية المزيفة ويتسترون وراء خداع السيادة الشعبية التى يدعون زورا وبهتانا أنهم حماتها . إن بلدانا عربية كثيرة ومنها (مصــر) فى حاجة ماسة الى نظم حكم ديمقراطى ، لان شعوبها تؤمن به وتقدسه خصوصا التى تنبع من دينها وظروفها وتاريخها والتى تتمشى مع بيئتها وقيمتها وتقاليدها الديمقراطية الحقيقية التى تتيح الفرصة لكل فرد من الشعب أن يبدى رأيه بحـرية ، وأن يعلن مبادئه ليشارك فى سياسة بلاده وشئونها .