حق ” الفيتو” وتأثيره على أوضاع حقوق الإنسان.. اصدار جديد لمؤسسة ماعت
شريف عبد الحميد: استخدام حق الفيتو في الأزمة السورية رفع عدد القتلى من 2700 إلى نصف مليون
على محمد: يجب العمل على هيكلة مجلس الأمن على أن يكون المعيار الرئيسي لاختيار الدول هو احترام حقوق الإنسان
كتب عادل احمد
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقرير جديد بعنوان “تداعيات استخدام حق النقض “الفيتو” على استمرار انتهاكات حقوق الإنسان” والذي أكد على أن استخدام حق النقض “الفيتو” له تداعيات سلبية على عدد هائل من المدنيين في دول الشرق الأوسط وفي مناطق أخري، لاسيما عندما يستخدم هذا الحق في منع تمرير المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين التي تعيش في أزمات طارئة، وما يترتب عليها من كوارث وانتهاكات لحقوق الإنسان وفي مقدمتهم انتهاك الحق في الحياة، بالإضافة إلى استعمال هذا الحق من قبل الدول الخمسة الكبرى دائمي العضوية في مجلس الأمن لتعطيل وقف إطلاق النار أو الوصول لهدنة إنسانية في بعض المناطق مثل الأراضي الفلسطينية المحتلة وسوريا وهو ما يترتب عليه مزيد من الضحايا من السكان المدنيين الأبرياء.
وأوضح التقرير أنه وعلى الرغم من دعاوى إصلاح هذا النظام المعيب في مجلس الأمن التي تتمثل في عدم استخدام هذا الحق في الجرائم الجسيمة والتي ترقى إلى جرائم حرب، وبرغم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المعنون “متحدون من أجل السلام” والذي ينطوي على منح الجمعية العامة فرصة إصدار قرارات في الحالة التي يفشل فيها مجلس الأمن في ذلك عند استخدام أحد الدول دائمي العضوية لحق النقض الفيتو، غير أن هذه الدعاوى في الغالب ما تصطدم برفض الأعضاء الخمسة الدائمين، كما إنه في الحالات التي قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخاذ مسار بديل لم تلق آذان صاغية من المجتمع الدولي.
وقد ركز هذا التقرير على استخدام حق النقض “الفيتو” في سياق انتهاك حقوق الإنسان لشعوب بعض الدول بالتركيز على الحالات التي استعملت فيها كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين هذا الحق والتي تقارب “61” مرة فقط فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أو في سوريا من قبل روسيا والصين، في ظل ما ينطوي على استخدام هذا الحق من عدم وجود ضمانات حقيقية لحماية المدنيين من الانتهاكات المتتالية الذين يتعرضون إليها، والمساهمة في اتساع فجوة الإفلات من العقاب وعدم ضمان المساءلة عن هذه الانتهاكات والتي قد يرقى بعضها إلى درجة الجرائم ضد الإنسانية.
وقال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أن الهدف الرئيسي من إنشاء الهيئات الأممية هو احترام وتعزيز حقوق الإنسان، وهو ما كفلته الصكوك والاتفاقيات الدولية، غير أن تعسف الدول الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن في استعمال حق النقض الفيتو حال دون تحقيق هذا الهدف، والأكثر من ذلك أنه ساعد في أوقات كثيرة على انتهاك حقوق المدنيين في أكثر من دولة. وقد نجم عن تدخل تلك الدول التي تملك حق النقض “الفيتو” في أحيان كثيرة استمرار الحروب والنزاعات وانتهاك حقوق المدنيين، كما في حالة استخدام الفيتو الأمريكي في الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي والتي استخدمت هذا الحق 81 مرة أكثر من نصفهم كان يخص القضية الفلسطينية بهدف تعطيل قرارات تدين الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو تحويل جرائمها للمحكمة الجنائية الدولية أو لعدم إيقاف الاستيطان غير المشروع في القدس والضفة الغربية.
من جانبه قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت أن الاستخدام التعسفي لحق النقض الفيتو من قبل الدول الخمسة الكبرى دائمي العضوية في مجلس الأمن ينطوي على طيف واسع من الانتهاكات التي تتعارض مع حقوق الإنسان الأساسية، مثل انتهاك الحق في الحياة، والإفلات من العقاب، واتساع وتيرة الانتهاكات واستمرار الحروب والنزاعات، ففي سوريا على سبيل المثال يحتاج ما يقرب من 13 مليون شخص لمساعدات إنسانية خلال العام 2021، بزيادة قدرها 20% عن عام 2020، وقد ساهم في تضاعف هذا العدد الهائل من البشر المحرمون من أبسط حقوقهم المتمثلة في تلقي المساعدات الطارئة للبقاء على قيد الحياة، هو استخدام روسيا والصين حق الفيتو ضد قرار أممي لتمرير المساعدات الإنسانية في سوريا.
وأضاف عبد الحميد أن روسيا استخدمت حق الفيتو منذ بداية الأزمة السورية أكثر من 16 مرة، خلال الفترة من أكتوبر 2011 إلى أكتوبر 2020، وخلال الفترة بين الفيتو الأول الذي استخدمته روسيا في سوريا والفيتو الأخير فإن عدد القتلى ارتفع من 2700 إلى أكثر من نصف مليون سوري، فيما تحول نحو نصف السوريين إلى لاجئين أو مشردين داخليا، وباتت سوريا في مصاف الدول الهشة التي ترتع فيها المليشيات والجماعات المتطرفة.
وفي السياق ذاته قال على محمد الباحث بمؤسسة ماعت أن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين المدنيين يتنافى مع مبادئ وأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وقد يرقي هذا التصرف الذي يدفع نحو حرمان المدنيين من المساعدات الطارئة إلى جرائم حرب، وطالب محمد المجتمع الدولي بضرورة وضع مدونة سلوك من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يحد من استخدام حق النقض الفيتو في قضايا محددة، مثل الجرائم التي تنطوي على انتهاكات خطيرة ضد حقوق الإنسان وجرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية، ومشاريع القرار المتعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية في المناطق المتضررة. وكذلك ضرورة هيكلة مجلس الأمن الدولي والبحث في قضية العضوية الدائمة التي يجب أن يكون المعيار الرئيسي فيها هو مقدار ما قدمت هذه الدولة في خدمة الإنسانية والقانون الدولي والدفاع عن حقوق الإنسان.