لا يخفى أن الإنسان بحسب نشأته محتاج للعمل مدة اليقظة للقيام بمعيشته وسد حاجاته ، فيكد ويتعب ويشقى ، ولا يزول تعبه إلا بالراحة أى بواسطة النوم ، واليقظة .. والنوم والتعب والراحة أمران يتعاقبان على الدوام فى جميع الحيوانات ، وما ينقص من قوة الجسم بواسطة الأول يتجدد أو يتعوض بواسطة الثانى ، وهذا ناموس طبيعى له علاقة شديدة بالصحة كالتغذية ونحوها ، ومن يتعداه ويخالفه لا يأمن على نفسه من الضعف – أما النوم فهو فقد مؤقت للشعور وشبه جزئى ، وهو يختلف عن الغيبوبة . لأن النائم يمكن إيقاضه بمنبهات بسيطة مثل اللمس أو الصوت ، وأما فى حالة الغيبوبة فلا تجدى مثل هذه المنبهات فى إيقاظه لأنه يكون قد فقد الشعور تماماً ، هذا بالاضافة إلى أن الغيبوبه مستمرة ولا تزال إلا بزوال أسبابها . فعند الاستيقاظ نقول : ( الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا واليه النشور ) .
وعند النوم : اذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ولتنفضه بطرف ثوبك ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل : (باسمك ربى وضعت جنبى وبك أرفعه فان أمسكت نفسى فارحمها وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) .
وجاء فى الحديث الشريف ، انه من الافضل ان ينام الإنسان على شقه الأيمن ، وقد أيد الطب الحديث حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث اكتشف أن الحكمة من النوم على الجانب الأيمن ترجع إلى : أن النوم على الجانب الأيمن يمنع ضغط الكبد على المعدة ، ويساعدها على تفريغ محتوياتها .
كما يسهل عمل القلب فيمنع ضغط المعدة والحجاب الحاجز عليه ، وهذا ما يجعل بعض من ينامون على الجانب الأيسر يستيقظون فجأة من النوم ، وهم يحسون كأن قلوبهم توشك أن تتوقف عن العمل ، ولعل سبب الاحساس فى الغالب هو امتلاء المعدة ، ولا يفوتنا كذلك ان كثرة الغازات فى المعدة قد تؤدى إلى الإحساس نفسه بسبب الضغط على الحجاب الحاجز وبالتالى على القلب .
وأردأ أنواع النوم ، هو النوم على الظهر بعد تناول الطعام إذ أن امتلاء المعدة بالطعام ، تضغط على الشرايين والأوردة ، وبهذا تعرقل وصول الدم من هذه المناطق إلى القلب مما يقلل كمية الدم الواصلة إلى المخ ، ولهذا تكثر الأحلام المزعجة اثناء النوم على الظهر بعد الأكل مباشرة .
ولقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن النوم فى الشمس ، ومن الأمور البديهية أن الشمس قد تؤدى إلى الإصابة بأمراض الجو الحار المعروفة وهى : الانهاك الحرارى والانهيار الحرارى وضربة الشمس وتقلص العضلات وكذلك الإصابة بسرطان الجلد فى الأماكن المكشوفة ، نتيجة للإشعاع . وهذه الأمراض لها علاماتها وأعراضها المختلفه . وللنوم فوائد عديدة وهى : سكون الجوارح وراحتها مما يعرض لها من التعب ، فيريح الحواس من نصب اليقظه ويزيل الاعياء والكلال .
وعلاج القلق والتخلص من السموم المتراكمة فى الجسم وكذلك بناء أنسجة الجسم التالفة .. هذا وينصح الطب بالنوم وخاصة فى مثل هذه الأمراض : الانفلونزا والاضطرابات العصبية . ويساعد على الهضم ، ويريح القلب . وإذا لم ينم الإنسان ظهرت عليه علامات الاعياء والتعب وتضاءلت كمية عمله ونوعه ودقته ، وقل تركيزه ، كما ينقص وزنه ، لأنه لم تتح الفرصة للجسم لكى يعيد ما استهلك منه أثناء العمل اليومى ، وربما يصاب الإنسان فى النهاية بحالة نفسية ، سيئة قد تصل به إلى الجنون . وفى النهاية ان التفات الطب النبوى إلى أهمية النوم يدل على حكمة بالغة ، وإلمام شامل بما يحفظ على الإنسان صحته وسعادته وقدراته الجسدية والعقلية والنفسية .
Fawzyfahmymohamed@yahoo.com