كتب إبراهيم أحمد
كشفت “جامعة حمدان بن محمد الذكية” عن تنامي أهمية نموذج العمل عن بُعد باعتباره خياراً مستداماً لمواكبة متطلبات استشراف المستقبل، وذلك تبعاً لمخرجات الدراسة البحثية الاستقصائية التي أجرتها مؤخراً وأثمرت عن حزمة من التوصيات الداعمة للعمل عن بعد، وفي مقدّمتها ضروة إعداد سياسة شاملة ومتكاملة لإرساء دعائم العمل عن بُعد ووضع دعائم لثقافة إيجابية محفزة على الإنتاجية والتميز، فضلاً عن توفير السبل الضامنة لتعزيز رفاهية الموظف وتحسين آليات التدقيق الداخلي لضمان أعلى مستويات الجودة. وتكتسب الدراسة أهمية بالغة كونها مبادرة نوعية متمحورة حول استعراض واقع ومستقبل العمل عن بُعد، الذي أثبت بأنه نموذج ناجح لضمان استدامة الأعمال واستمرارية الإنتاج وتقليل النفقات وزيادة الولاء الوظيفي وتعزيز التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، بما ينعكس إيجاباً على سعادة الأفراد ورفاهية المجتمعات.
وقال سعادة الدكتور منصور العور ، رئيس جامعة “حمدان بن محمد الذكية”: “تمكن أهمية إجراء المزيد من الأبحاث المستقبلية في كونها دعامة متينة لتطوير سياسات وإجراءات الموارد البشرية المناسبة للتخطيط الفعال في أنشطة الموظفين عن بُعد من أجل ضمان أعلى مستويات الكفاءة والفعالية والإنتاجية، فضلاً عن تقييم العمل بإنصاف وتحديد الترقيات والحوافز والمكافآت المناسبة. ونضع على عاتقنا في جامعة حمدان بن محمد الذكية مسؤولية دعم البحث العملي الجاد لاستشراف رؤىً مبتكرة لإحداث التغيير الإيجابي المرجو وتسخير كافة الإمكانات لتمكين الطاقات البشرية من دفع مسيرة صنع المستقبل. ونجدّد التزامنا الراسخ بدعم البحث العلمي وغرس ثقافة الابتكار والإبداع والتكنولوجيا لتمكين الكفاءات التعليمية والتدريسية من تحقيق الاستفادة القصوى من نموذج العمل عن بُعد، وتوظيفه في خدمة مسيرة توفير التعليم النوعي للجميع بالاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة.”
من جهته قال البروفيسور نبيل بيضون، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية: “جاءت دراستنا البحثية الاستقصائية في وقتٍ هام بات يحتّم على المؤسسات اليوم إعادة هيكلة منهجيات العمل، استناداً إلى دعائم الابتكار والتكنولوجيا لتكون قادرة على مواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة التي تفرض واقعاً جديداً كلياً. وأثبتت الدراسة بأنه، وعلى الرغم من أنّ العمل عن بُعد يعتبر أكثر إنتاجية، إلاّ أنّ الكثير من المؤسسات من القطاعين الحكومي والخاص حول العالم ليست على استعداد لتبني هذا النموذج الجديد. لذا، فإننا نوجّه الجهود باتجاه نشر الوعي حول أهمية العمل عن بعد، من خلال تعميم تجربة الإمارات التي حولت التحديات إلى فرص خلال الجائحة العالمية، معتمدةً على منظومة متكاملة من البنية التحتية الخدمية والتكنولوجية، في ظل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة التي جعلت التحول الذكي أولوية استراتيجية ليس لمواكبة التغيرات فحسب بل لاستباقها بكفاءة تامة.”
وعلّق البروفيسور أحمد عنكيط، عميد البحث العلمي ودراسات الدكتوراه، بالقول: ” قام فريق يتكون من عشرة باحثين في كلية إدارة الأعمال والجودة بدراسة ابحثية الاستقصائية لإستكشاف “العمل عن بُعد” باعتباره تحولًا نموذجيًا ناشئًا في سياق تداعيات وباءCOVID-19 في الإمارات العربية المتحدة. و تميّز البحث الاستقصائي الجديد باعتماد النهج الموضوعي تماشياً مع التزام “جامعة حمدان بن محمد الذكية” بغرس ثقافة البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، باعتبارها دعائم أساسية لإعادة هيكلة المنظومة التعليمية بعيداً عن الأسلوب التقليدي لتكون قادرة على مواكبة ركب التطور التكنولوجي. ونتطلع إلى تعميم نتائج البحث النوعي للتعريف بمزايا العمل عن بعد التي تعود بالنفع على الجهات الحكومية والشركات الخاصة على السواء، مع إبراز الحلول الناجعة للمعوقات المحتملة، وصولاً إلى بيئات عمل مرنة ومتكاملة من شأنها تحفيز الإنتاجية والابتكار والتميز. ونواصل من جانبنا الجهود الجادة لإدماج أحدث منهجيات البحث العلمي لتكون أداة حيوية لتطوير القطاعات الحيوية، مجددين التزامنا المطلق بقيادة عملية خلق المعرفة في العالم العربي من خلال إجراء دراسات بحوث مبتكرة في مختلف المجالات، بما فيها التعليم الالكتروني وإدارة الجودة الشاملة وإدارة الرعاية الصحية.”
بحث موضوعي
اعتمدت جامعة حمدان بن محمد الذكية في إجراء البحث الاستقصائي، الذي أجري بدعم وتشجيع من سعادة الدكتور منصور العور، رئيس الجامعة، على مجموعة من أحدث أدوات البحث العلمي الموضوعي التزاماً منها بتحفيز التميز البحثي لاستشراف الغد وتوظيف التكنولوجيا والابتكار بالشكل الأمثل في خدمة مسيرة إعادة هندسة التعليم لإحداث تغيير جذري وإيجابي ضمن مختلف القطاعات الاقتصادية الداعمة لمسيرة التنمية الشاملة والمستدامة في القرن الحادي والعشرين. وخلصت الدراسة إلى تحديد أفضل الممارسات ذات الصلة مثل اقتراح مناطق عمل مخصصة ومحددة لتعزيز الروح المعنوية لدى الموظفين وخلق حدود بين العمل والحياة الشخصية وتطوير إطار زمني يتوافق مع جدول العمل المنتظم، فضلاً عن الإعداد والتخطيط المناسب للعمل وضمان التواصل المستمر بين الموظفين ضمن بيئة إيجابية ومحفزة على الإنتاجية والابتكار وغيرها.
العمل عن بُعد بين المزايا والتحديات
سلطت الدراسة البحثية الضوء على أبرز مزايا العمل عن بُعد الذي يوفر فرصاً هائلة وآفاقاً غير محدودة للجهات الحكومية والشركات الخاصة، مؤكدةً على أن الشمولية والاستجابة والسلوك المبتكر والتوازن بين العمل والحياة يعتبر بمثابة حجر الأساس لتحقيق النجاح في الوقت الراهن. وخلصت الدراسة أيضاً إلى أبرز النتائج الإيجابية المترتبة عن العمل عن بُعد على مستوى ضمان استدامة الأعمال وزيادة الإنتاجية وتخفيض التكاليف، فضلاً عن الارتقاء بالمرونة والرضا الوظيفي وزيادة الإنتاجية وتعزيز التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، وترسيخ ثقافة الشمولية التي من شأنها زيادة التنوع ضمن بيئة العمل مع تشجيع أصحاب الهمم على المشاركة. وأثبتت الدارسة أيضاً دور نموذج العمل عن بُعد في دعم أهداف الاستدامة البيئية، كونه يسهم في الحد من تنقل الموظفين مؤدّياً بذلك إلى تقليل استهلاك الوقود والطاقة وتخفيف البصمة الكربونية.
كما ركّز البحث الاستقصائي أيضاً على دراسة التحدّيات التي تعيق التطبيق الأمثل للعمل عن بُعد عربياً وعالمياً، لا سيّما فيما يتعلق بالبنية التحتية الرقمية، مظهراً بأنّ المعوقات الرئيسية لإنجاح النموذج الجديد تتمثل في محدودية الإشراف المباشر على الموظفين من قبل الإدارة العليا وضعف التواصل مع فريق العمل، والذي قد يؤثر سلباً على إنجاز المهام المطلوبة، إلى جانب الحاجة لفترة أطول من الوقت لحل المشاكل غير المتوقعة. ولفتت النتائج أيضاً إلى أن التحديات التقنية يمكن أن تعرقل العمل الناجح عن بُعد، بما فيها الأمن الإلكتروني والتحول الذكي واستقرار مصادر إمداد الطاقة التي تؤثر مباشرةً على جودة الاتصال والوصول المباشر إلى شبكة الإنترنت. كما أبرزت أيضاً بعض الجوانب السلبية ذات الصلة بنموذج العمل عن بُعد، وفي مقدمتها العمل الزائد والعزلة الاجتماعية والتشتت والشعور بالوحدة وتراجع مستويات التعاون بين الموظفين.
ويجدر الذكر بأنّ جامعة حمدان بن محمد الذكية ناقشت نتائج ومخرجات البحث الاستقصائي خلال ندوة خاصة عقدت مؤخراً بعنوان “هل سيبقى العمل عن بعد؟ الفرص والمزايا والتحديات”، انسجاماً مع التزامها التام بإثراء المعرفة وإبراز أنجح التجارب ونشر أفضل الممارسات باعتبارها منارة علمية ومعرفية رائدة لدفع مسار تطوير التعليم العالي محلياً وإقليمياً وعالمياً. وشهدت الندوة مشاركة عدد من المتحدثين الرسميين، بمن فيهم الدكتورة أميمة شحاتة، عضو هيئة تدريس في كلية إدارة الأعمال والجودة في جامعة حمدان بن محمد الذكية؛ والدكتورة العنود سلمان، مدير مكتب الجودة في هيئة الصحة بدبي؛ ونسيم عبد، مدير عام شركة نيكسيلينس إل.إل.سي (NEXCELLENCE LLC)، وتولى إدارة الحوار نورة الزعابي، مساعد مدير التوطين في بنك رأس الخيمة الوطني.