فلتنعم الانظمة ومخابراتها وأبواقها بكل شيء .
ولتسرح على هواها من المحيط إلى الخليج .
لتكتب وحدها الشعر . وتؤلف الموسيقا . ولتمثّل على المسرح ولتغنِّ في الاذاعات .
لتأكل وحدها كل المحاصيل , ولتشرب وحدها كل الأنهار .
ولتلبس وحدها كل الثياب . ولتنتعل وحدها كل الأحذية. و لتتزوج
وحدها كل النساء . ولتصطف وحدها على كل الجبال . ولتتشمس وحدها على كل الشواطئ . ولتتنفس وحدها كل الهواء .
لتزقزق على الأغصان بدل العصافير . وتتمايل في الحقول بدل السنابل . وتركب الأراجيح بدل الأطفال . ولنرحل عنها في تيه هذا العالم عراةً كقبائل السيخ . ولنسر رتلاً أحادياً وراء بعضنا حسب النظام والأصول :
الشعراء وراء الشعراء .
المسرحيون وراء المسرحيين .
والروائيون وراء الروائيين .
والمخرجون وراء المخرجين .
والممثلون وراء الممثلين .
والرسامون وراء الرسامين .
والصحفيّون وراء الصحفيين .
ومشوّهو الحرب وراء مشوّهي الحرب .
ومشوّهو التحقيق وراء مشوّهي التحقيق .
ولتكن جراحكم أنيقة وضماداتكم نظيفة . ودموعكم صافية ومرتبة على خدودكم بانتظام كأزرار المعاطف العسكرية في الاستعراضات, لتعطوا صورة حسنة عن شعبنا وبلادنا لكل من سيراكم في بلاد الله الواسعة .
ولكن .. أرجوكم .. دعوني في المقدمة . فأنا أكبركم سناً , وأكثركم خبرة واحتمالا . لأننا لن نذهب باكين مستعطفين الى الجامعة العربية أو الأمم المتحدة, أو لجنة حقوق الانسان , او لجنة حقوق الحيوان . بل سنقطع الجبال والوهاد والأدغال والبحار والأنهار سيراً على اقدامنا حتى نصل الى قبر ” بلفور ” الشهير في بريطانيا . وهناك , ونحن نتحلق حوله, سأضع قدمي على قبره وأقول له بصوت تخنقه الدموع :
نحم ضحايا المحرقة العربية نريد وطناً قومياً جديداً ولو على مزبلة .