القانون وحده القادر على فرض وتعميق ثقافتنا في كل شي، في النظافة العامة والخاصة.. وفي النظام وفرضه والالتزام به، وفي قيادة السيارات والمرور وسلامة الأبدان والممتلكات، في الشارع ونظافته ونظامه، في التعليم والصحة وفي أي عمل.. حقوقه وواجباته.. ما لي وما علي في كل شيء..
هناك من يريد نشر وتعميق الثقافة بآليات تعليمية وتثقيفية وجماهيرية إعلامية، ولا مانع من ذلك، لكن قبل ذلك لابد من قواعد ومعايير وعقوبات وجزاءات، تتضمنها قوانين، وتفرض وتطبق على الجميع، بحيث لا تترك مثل تلك الإجراءات لأذواق الناس وأخلاقهم، واختياراتهم وقناعاتهم، وهم في ذلك مختلفون.
في البلاد الغربية، الثقافة يحميها القانون، والقانون يطبق على الجميع، فالجميع ثقافتهم قانونية، والجميع يدرك أن القانون وضع لمصلحته، فهو يلتزمه لمصلحته ولمصلحة غيره، ورغم ذلك فمنهم من يخرق القانون من دون ملاحظة أحد، ولذلك فالكاميرات منتشرة في كل مكان وعلى كل مدخل وفي كل طريق، وإن التزموا في الطرق قيادة وقواعد عبور الطرق فخوفا على حياتهم.
لاحظت على طريق مصر إسكندرية الزراعي وعلى الدائري أن السيارات تأتي في بعض الأماكن وتسير ببطيء شديد، ورغم أن السرعة المقررة هي 90 كيلو متر، فالسيارات لا تتجاوز الـ 50، وهو ما يسبب ازدحاما شديدا في الطريق يمتد لعدة كيلومترات، ثم اكتشفت السبب أن هناك رادارا يلتقط أرقام السيارات ويسجلمخالفات، فمعظم الناس لا يلتزم بنفسه معايير السلامة في الطرق للحفاظ على حياته، وهؤلاء يجب أن يلزمهم القانون، فالقانون يفرض الثقافة حتى تصبح اختيار.
وأعتقد أننا نحتاج إلى وقت طويل حتى يتحقق لنا هدف أن تصبح اختياراتنا قانون نلتزم به ونلزم به أطفالنا ونربيهم عليه، فالثقافة كالعادة والتقليد يحتاج إلى وقت ليس بالقليل كي يرسخ بالمجتمع ويحتاج وقت طويل ليحارب ما يتنافى معه من معتقدات خاطئة أو مخالفة له، وكلما كان هذا المعتقد مثالي أو معتقد صحيح كانت الحرب ضده أشرس، فالمعتقدات الشعبية دين يلتزم الناس به، وطريقنا المثلى لكي نحقق هذا الهدف السامي هو تقنين الثقافة أي وضع قوانين ومعايير إذا ما كسرت كانت هناك جزاءات رادعة.. أو لنقل تطبيق الجزاءات في حال مخالفة هذه القوانين.