بقلم / الدكتور أشرف عطيه رئيس مجلس إدارة شركة أوميجا سوفت
في الجزء الأول من المقال ذكرت بأن الانتاج والاستهلاك من العوامل المهمة للعملية والحياة الاقتصادية ، واستكمالا للموضوع وتوضيح المفاهيم والعوامل المهمة التي يرتكز عليها الاقتصاد الاسلامي فسأستعرض في هذا الجزء آليات السوق التي رسمها وحددها الاقتصاد الاسلامي .
فالسوق هو التقاء البائع والمشتري بمفهومه العام والشامل وهو ترجمة للعرض والطلب لتبادل السلع والخدمات وعوامل الانتاج المختلفة ، وتظهر المنافسة جليا في الاسواق بأشكال متعددة ، ووفقا لدرجة المنافسة الحرة ظهرت الأسواق بأشكال مختلفة منها المنافسة المثالية والتي تمتاز بالشفافية والنزاهة والكفاءة التسويقية بدون الاحتكار وتكون الأسعار وفقا للعرض والطلب الحر دون تأثير على الاسعار سواء بالزيادة أو النقصان .
وعلى النقيض من سوق المنافسة الحرة التامة يأتي سوق الاحتكار المطلق ويكون الانتاج أو الخدمات في يد منتج أو مورد وحيد ومن ثم يتحكم في الأسعار كيفما شاء وبين المنافسة التامة والاحتكار المطلق تتوسطهما أسواق المنافسة الاحتكارية واحتكار القلة .
ولذلك نجد أن الاقتصاد الاسلامي وضع للأسواق كثيرا من الضوابط التي تكفل لها البيئة الصحيحه للمنافسة وضبط الاسعار والعرض والطلب وفقا لمعايير المنافسة الشريفة دون تلاعب بأليات السوق والتي تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر على عملية البيع والشراء والأسعار لتحقق المعادلة التي عجزت عنها كل النظم الاقتصادية وهي العدالة في العلاقة بين الانتاج والاستهلاك والعرض والطلب والبائع والمشتري .
كما أن الاقتصاد الاسلامي تميز بالنزاهة والشفاية التي حاربت الاحتكار بشتى صورة لما فيه إستغلال وتطرف سلوكي . كما أن الاقتصاد الاسلامي منع تداول السلع الضارة كالخمر والمخدرات وكل مايضر صحة الانسان والمجتمع والاقتصاد وثروات الامم ، وأيضا شدد على تحريم الغش والخداع والذي نشاهده الان في الاسواق التجارية سواء في صناعة ومكونات المنتجات او العلامات التجارية المزيفة .
ومن الأمور الهامة التي شدد الاقتصاد الاسلامي عليها النهي عن بيع التاجر ما لايملكه ، فلابد من وجود السلع والمنتجات في حوزة التاجر لكي يقوم ببيعها أما عمليات البيع والشراء لمنتجات او سلع او خدمات غير موجودة ولا يمتلكها البائع أو في حوزته فهذا مخالف للشريعه والاقتصاد الاسلامي . لذا نجد أن الاقتصاد الاسلامي يحافظ على أطراف المعاملة بشكل عملي دون لعب أو تزييف لأشياء غير موجودة . كما نهى وتوعد لمن يطفف الكيل والميزان وهذا ينطبق على كل المعاملات وليس فقط السلع والمنتجات .
ثم يأتي موضوع هام جدا في السوق وهو التسعير للمنتجات والسلع والخدمات ، فالإسلام يتخذ العرض والطلب أساس للتسعير فالعرض والطلب يحقق التراضي بين البائع والمشتري بشرط عدم حجب البضائع لتعطيش الأسواق حتى ترتفع الأسعار بشكل غير حقيقي وهذا ما نهى الاسلام عنه حيث يؤدي ذلك الى التضخم الضار بالاقتصاد والأسواق .
وفي بعض الاحيان تتدخل الدولة لضبط الأسعار والتي يتلاعب بها بعض التجار والشركات وهذا جائز في الاقتصاد الاسلامي بحكم سلطة الدولة ويتم ذلك في حالة الضرورة والضرورة تقدر بقدرها ، حيث تقوم الدولة والحكومة بدور الحارس الأمين وليس المتحكم في آليات السوق والأسعار فلا تتدخل بصورة مركزية ومطلقة وفي الوقت نفسه لا تترك آليات السوق للإنحراف المقصود من بعض التجار .
لذا فإن الدولة يكون دورها في مراقبة الأسواق والتأكد من التزام كل المتعاملين في السوق بالضوابط المرسومة لها وفي أحيان كثيرة تتدخل الدولة إذا لزم الامر وانفرط عقد الاحتكار او التلاعب بالأسعار . وللحديث بقية حيث سأتحدث عن السياسات النقدية والمالية في الاقتصاد الاسلامي .
خالص تحياتي وتقديري
د / أشرف عطيه