الحسد هو تمنى زوال نعمة الغير بدافع الحقد الذى امتلا به قلبه . ومن اجل هذا فلقد حرمه الإسلام وذلك لانه مرض خطير من امراض القلوب فيضر الحاسدين فى دينهم ودنياهم . ولكن لا يضر المحسود فى شىء ، لان نعم الله التى أسبغها على عباده لا تزول بالحسد والا ما بقى على الارض من يستمتع بنعمته ، فالله سبحانه هو القابض الذى يكشف الضر ويريد الخير قال الله تعالى : ( وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ) . اذا لماذا يأمرنا الله بأن تستعيذ به من الحاسدين ؟؟ ذلك لان الحسد يدفع صاحبه الى الكيد للمحسود وتحين الفرصة لايقاع الاذى به ، ومن ثم فلا يكون للمرء ملجأ منه الا الله وحده ، فهو القادر على كف اذاه عن المحسود واحباط سعيه وأن الله أمرنا فى القرآن الكريم بأن نستعيذ من الحاسد قال تعالى : ( ومن شر حاسد اذا حسد ) : ولقد كان الحاسدون يحقدون على رسول الله فى دعوته وخاصة عندما كانوا يسمعون القرآن الكريم . فالحسد شر مذموم ، والمنافسة مباحة وهى الغبطة ولقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : المؤمن يغبط والمنافق يحسد : وقال صلى الله عليه وسلم ( اذا حسدت فلا تبغ ) يعنى اذا كان الحسد فى قلبك فلا تظهره ولا تتحدث عنه بسوء فان الله لا يؤاخذك بما فى قلبك ما لم تقل باللسان او تعمل عملا فى ذلك . ولست ادرى لم يتحاسد الناس ، وقد علموا أن زهرة الدنيا لا تدوم لاحد وأنهم لابد عنها راحلون ، والى ربهم راجعون . ولكن قاتل الله الحقد الدفين والبغض الكمين الذى يضطرم فى قلوب الحاسدين فيدفعهم الى كراهية الناس وتنمى زوال ما هم فيه من نعمة ويحسدونهم على ما أتاهم الله من فضله . ثم يغريهم بالاذى ويدفعهم الى الكيد لتشفى صدورهم الجريحة – وتستريح نفوسهم المريضة . وبذلك يكون الحسد بابا من أبواب الجرائم وسببا فى اضطراب الامن وعاملا على نشر الفساد بين العباد . ولذا لم يكن عجبا أن يبرأ النبى صلى الله عليه وسلم من الحاسدين فيقول عليه السلام ، ليس منى ذو حسد ولا نميمة ولا كهانة ولا أنا منه . فما أحوجنا الى السلف الصالح وما كانوا عليه من سلامة قلوبهم من الحسد فكانوا لا يتحاسدون ولا يتباغضون ، وذلك لانهم يعرفون أن الحسد مرض وبيل وحرب على مصالح الناس ونكبة كبرى على النظام والامرة . بل انه يعذب صاحبه ويقلقه ويجعله فى هم دائم ويحطم أعصابه وصحته . ولن يستقر أحوال مجتمع من المجتمعات الا اذا ساد أفراده الحب والآخاء وربطت بينهم أواصر التفاهم والتكافل وصاروا جميعا كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الاعضاء بالسهر والحمى . وكالبيان المرصوص يشد بعضه بعضا … ولن يكون هذا الوضع أو تتحقق هذه الغاية الا اذا حل السلام محل الخصام وانتزع الحسد من القلوب . وطهرت النفوس من أدرانه الخبيثة حتى تصفو جوانبها وتشرق عليها اشعاع من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم بشىء اذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم ) . ( ما أكثر عبد ذكر الموت الا قل فرحه وقل حسده ) . لا تبيتن ليلة ولا تصبحن يوما وفى قلبك غش لاحــد .
Fawzyfahmymohamed@yahoo.com